أدب و فنون

نساء تافراوت.. يقاومن التجاعيد ب”تزكموت” ويتزين بـ المشبوح

نساء تافراوت.. يقاومن التجاعيد ب”تزكموت” ويتزين بـ المشبوح تعد نساء منطقة تافراوت مثالا حيا للارتباط الوثيق الذي يجمع الأمازيغيات بعالم الحلي المميز الذي يختزل نظرتهن حول الجمال. عادة ما تكتفي نساء المنطقة بارتداء لحاف أسود قد يوهم الغرباء عن المنطقة ببساطة الطلة الأمازيغية، غير أن الزي الأسود يخفي تحته الكثير من التعقيدات التي تكشف عن مهارة وابتكار في صناعة واختيار أنواع محددة من الحلي التقليدية، إضافة إلى بعض أساليب العناية التقليدية بالبشرة.

تهتم المرأة الأمازيغية كثيرا بطلتها، وهو ما يدفعها إلى اقتناء العديد من الحلي الفضية التي تخفي جزءا كبيرا من معالم ثيابها، «لأن الأهم هو تثقيل المرأة بالحلي التي تتميز بكبر حجمها وثقل وزنها» تقول محجوبة أمريبض رئيسة جمعية تيمغارين التي تعنى بالثقافة الأمازيغية.

“تزكموت” المقاوم للتجاعيد

الحناء والكحل من الأساسيات التي لا تستغني عنها نساء المنطقة، غير أن اللمسة الخاصة التي تميزهن، تتلخص في وضع نقاط من الحناء بجانب الحاجب مما يعطي للعين اتساعا، إضافة إلى أن لون النقاط الأحمر يهب للبشرة توهجا طبيعيا يزيد من نضارة الوجه التي تكتسبها نساء تافراوت من خلال استفادتهن من قناع “تزكموت” المقاوم للتجاعيد، والذي يصنع من عصارة العجينة الأخيرة أثناء استخراج زيت الأركان من خلال طحنه بطريقة تقليدية باستعمال الرحى، أو ما يعرف داخل المنطقة باسم ” أزرك”.
بعد إعداد البشرة، يأتي دور الرائحة الطيبة التي تعد من معايير الجمال داخل المنطقة، لذا تحرص النساء على تطويق أعناقهن بعقد يتم إعداده من حبات القرنفل التي تنقع في الماء ليلة كاملة حتى تنتفخ، بعدها يوضع الخيط في إبرة، ثم تثقب كل حبة على حدة وتصفف الحبات داخل الخيط. «من الممكن لهذا العقد أن يبقى صالحا لسنوات، مما يسمح للنساء باكتساب رائحة القرنفل التي تتشربها أجسادهن، لأنها أدوم من الرائحة التي تبقى بعد استحمامهن بمنقوع الخزامي أو الورد» تقول أمريبض.

“أسرسل ” تعوض “المشبوح”

أثناء وضع الحلي، تبدأ النساء بارتداء القطع الصغيرة، حيث يوضع عقد الجوهر الأبيض القصير، الذي يلامس الرقبة، ثم توضع قلادة مكونة من عقدين يضمان مجموعة من القطع النقدية القديمة من فئة الريال الحساني، ونصف الريال، وتتسم هذه القلادة بالطول. بعدها يوضع “المشبوح”، وهو عبارة عن مجموعة من القطع الفضية المترابطة فيما بينها بشكل مبتكر، حيث توضع فوق الرأس، ليتدلى من جنباتها قطعتين كبيرتين تشبهان حلقات الأذن، بينما يربط جزء منها حول العنق، لتتدلى منها مجموعة من الجواهر التي يتوسطها “اللوبان” البرتقالي، والعقيق.
يمكن تعويض “المشبوح”، بـ “أسرسل “، وهي قلادة كبيرة تغطي كل صدر المرأة، وتصل خيوط الجواهر المتدلية منها إلى أسفل البطن، وتتوسط القلادة قطعة مميزة للغاية على شكل كرة مرصعة بمجموعة من الجواهر الملونة تدعى “تكموت”، تتوسط عقدا من “اللوبان” البرتقالي المتوسط الحجم.
لا تكتفي نساء منطقة تافراوت بتزيين صدورهن بالحلي، حيث يعمدن إلى وضع “تيزرزا” وهو خلخال من الفضة، ومجموعة من دمالج النقرة المرصعة بالعقيق الأخضر، والأحمر. في الوقت الذي تضع فيه النساء المتزوجات “أبزك بيمي” أي “دبليج بو فم”، وهو عبارة عن دملج مفتوح من الأسفل على شكل نصف دائرة يقدم للمرأة ليلة زفافها، حيث يتم تمريره في دماء الأضحية المقدمة لها.
في الخطوة الأخيرة تعمل النساء المتزوجات على وضع “تشدات”، أي غطاء الرأس، حتى لا يكشف شعرهن أثناء انزلاق اللحاف، ثم يضعن فوقه”تحيريرن”، وهي عبارة عن عصابة رأس سوداء مصنوعة من نفس قماش الملحف. منبتة بالعقيق الأحمر الطويل.

“تاوزنة”.. زينة العازبات

يختلف الوضع بالنسبة للعازبات اللواتي يسمح لهن بكشف جزء من شعرهن، «لذا تلجأ الكثير من الفتيات إلى قص الغرة، التي تضفي مسحة من الجمال على وجوههن» تقول محجوبة امريبض ابنة منطقة تافراوت التي تحافظ على الكثير من حلي المنطقة التي ورثتها عن والدتها، وتعمل على عرضها في مجموعة من التظاهرات المعرفة بالتراث الأمازيغي. في مقدمة هذه الحلي “تاوزنة” وهي قطعة من الفضة تثبت على الشعر، وتنسدل منها مجموعة من الحلي المرتبة على الجبهة.
بعد الإنتهاء من وضع الحلي، تقوم النساء بارتداء الملحف الأسود الذي يتم تثبيته من خلال استعمال”تخلالت”، وهو أشبه بالبروش المثلث. وعادة ما يكون “تخلالت” قطعتين منفردتين تثبت إحداهما على الجانب الأيمن والأخرى على الجانب الأيسر، لكن محبات التميز يعملن على وضع ارتداء “تخلالت” مثبت مع قلادة ضخمة توضع فوق الملحف الأسود.
تمعن نساء منطقة تافراوت في اختيار الشربيل، حيث يتم تطريزه بعناية، أو تزيينه بوردات صغيرة بمجموعة من الألوان الدافئة، ويمكن لهذه الوردات أن تكون من الحرير، في الوقت الذي تختار فيه بعض النساء ارتداء نعل بسيط مصنوع من الجلد الأحمر الذي يعد محضورا على رجال المنطقة، «من العيب على الرجال ارتداء الأحمر، لذا عادة ما يتسم زي الرجال بالبساطة، حيث يرتدون جلابة، فوقية، طاقية بيضاء في الأيام العادية، وعمامة في الأفراح، ويعد”الكميا” الإكسسوار الوحيد الذي يحرص الرجال على اقتنائه خلال المناسبات، وهو عبارة عن خنجر من الفضة يرمز للرجولة والقوة..» تقول امريبض.

أدرار بريس – سكينة بنزين

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى