أدب و فنون

ذكريات لا تُنسى ( 14 )

بقلم الأستاذ المحجوب سكراني
… من بين أكثر الذكريات رسوخًا في الذهن، حياة الحي الشعبي لمن عاشها . حياة يتشبث بها البعض الى درجة أنه يرفض مغادرته رغم قدرته على الانتقال لأحياء أكثر رفاهية وتطورًا، ولكنه بمجرد التفكير في هذه الخطوة يشعر بأنه وبهذه المغادرة سيفقد جزءاً غالياً من حياته التي استمتع بها في أجواء من البساطة والتقارب… الحي الشعبي في ذلك الزمان كان يحتضن أجمل العلاقات الإنسانية وأنقاها، ففيه تزول الحواجز بين الناس ليصبح الكل واحداً… الحياة خالية من التكلف ، وتبقى بسيطة تحكمها العلاقات الإنسانية، لتتمخض عن روح الحي الواحد في المناسبات، ففي الأفراح تجدهم يداً واحدة تصفق وتزغرد، وفي الأحزان والمآتم تجد دمعتهم موحدة وحزنهم واحد.
بيوت الحي الشعبي عشوائية بسيطة، لكنها تبدو كبيت واحد يأوي الجميع … الأطفال يلعبون سوية وكأنهم إخوة، يتبادلون المأكولات والحلويات مع بعضهم ، سواء في شهر رمضان الفضيل، أو الأيام العادية. وكل ليلة يسهرون ويتسامرون… الجيران يشعرون بالسعادة والرضا حيث العادات والتقاليد تتميز بالألفة والمحبة والتعاون، وحب المساعدة، وتقديم الخير للجميع ، وذلك بالرغم من كونهم ينحدرون من خلفيات قبلية مختلفة، “أمازيغ وشاوية ودكالة وجبالة وصحراوة…” حتى وإن حدثت خصومة أو سوء تفاهم بين طرفين ، فلا يتوانى الآخرون في العمل على اصلاح ذات البين لأن الجميع سكنوا تلك الرقعة منذ عقود ، وأسسوا خلالها علاقات عميقة مبنية على روح التضامن والمحبة حتى غدت في بعض الحالات قرابة الجوار أقوى وأمتن من قرابة الدم. انهم بمثابة جسم واحد، كل أعضائه في تواصل وتناغم ، مكمّلين بعضهم البعض…يعيشون حياة نقيّة خاليّة من التكلُف والتعقيد . حياة أبطالها رجال غير متكلّفين في أسلوب عيشهم وعملهم ومظهرهم ، يحملون روح النخوة والشجاعة والكرم، لا تجد الفوارق الطبيعية بينهم مكاناً، بل يمارسون العديد من الأعمال بشكل جماعي، كحضور المباريات أو طقوس المواسم والأعياد، أما النساء فهن بسيطات يحرصن على التواصل واستدامة المحبة بين جيرانهن ، يتشاركن الحياة اليومية . ففي رمضان تجد الأطباق تتنقل من بيت لبيت، لتصبح سفرات الإفطار عامرة بأكلات مختلفة ليتسنى لكل أسرة تذوق طعام أخرى…أما في حال غياب أحد من الأهالي عن الحي لمدة معينة ، فالكل يبادر بالسؤال عنه وزيارة بيته لمعرفة السبب، كما أنهم يتفقدون العائلة التي يغيب رب الأسرة عنها لسبب ما، ويتنافسون على تقديم الرعاية ، فيحل الجار محل الأب لأبناء الغائب من ناحية التوجيه والتربية، وتوفير بعض المستلزمات الضرورية، إن احتاج الأمر ذاك . كما يقفون إلى جانب أهل المتوفى ليشاركوهم أحزانهم، ويقدموا الطعام لهم ولضيوفهم…والخلاصة أن الحي الشعبي يعلم أبناءه أن يهبوا الحب للجميع، وأن ما لدى أحدهم هو مِلك لغيره…فهل يا ترى لا زالت أحياؤنا تزخر بمثل هكذا القيم والمبادئ ؟
ومع ضيفة الحلقة :
الاسم الكامل : مجري لطيفة
تاريخ ومكان الازدياد : البيضاء 15/2/1982
المستوى : السابعة 10
الهواية : حل الكلمات المتقاطعة والمطالعة
الأمنية : دكتورة في علم النساء
موضوع المشاركة : الحرية
تعتبر ثمرة الحياة ، وتاج السعادة ، وزهرة الوجود…بها يكون الانسان إنسانا، لذا نجد أن الاسلام قد حرص عليها ، وكفلها وجعلها مبدأ لا يفرط به. فحرم بيع وشراء الانسان لأخيه الانسان. وأن الرجوع الى القرآن الكريم يوضح لنا ان الاسلام دين حرية يحفظ للإنسان كرامته وسمعته ….
كلمات : العمر فترة …..الحياة زهرة….على مر الأيام تنتهي الفترة ، وتذبل الزهرة ، وتبقى الذكرى ….فاذكروني .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى