أدب و فنون

ذكريات لا تُنسى ( 16 )

…غالبا ما كنا نهمل واجباتنا المدرسية حين نشعر بالكسل والملل، فنكون على يقين أن مصيرنا لا محالة هو العقاب. ولذلك عادة ما نلجأ الى التغيب حتى نقي أجسادنا الهزيلة من تلك الضربات التي يجود بها علينا المعلم بكل سخاء . غير أن الوالدين غالبا لا يتساهلان معنا في مثل هذه المواقف. ولذلك وقصد اقناعهما وجعلهما يذعنان للأمر، كنا نلجأ الى حيل وخدع نتفق حولها مسبقا بشكل جماعي …ففي الوقت الذي نشكل موكبا في اتجاه المدرسة أو البيت ، كثيرا ما نخوض في نقاشات مختلفة يُفسح فيها المجال لكل طرف كي يدلو بدلوه ،ويفصح عن اقتراحاته حتى تعم الفائدة …ومن بين المواضيع التي كانت تشغل بالنا ، وكنا نحبذ الخوض فيها دون ملل : الكيفية التي يمكن بها خداع الوالدين وجعلهما يرضخان ويوافقان على التغيب ولو ليوم واحد …ولعل أبرز هذه الحيل هي التظاهر بالمرض . وحتى لا يفتضح أمرنا كنا نتعاهد على الاّ نتغيب بشكل جماعي ، فكل عنصر يحدد له قائد المجموعة فترة زمنية محددة (يوم كامل ، أو حصة العربية أو الفرنسية )…كنا نحرص قبل كل شيء على ألا نغادر المنزل في اليوم الموعود حتى لا يرانا أحد الجيران أو صديق والدينا ويخبرهما بذلك، وطبعا مع ضرورة ارتداء ملابس كثيرة لنبدو كما لو كنا نشعر بقشعريرة وبرودة، يصاحب ذلك التنفس عن طريق الفم فقط بدعوى انسداد الأنف… وبين فينة وأخرى نتعمد العطس والشهيق بصوت متكرر وعال بهدف إثارة الانتباه …وحتى نطمئن على نجاح الخطة ، كنا نخدش منطقة من الجسم مرارًا وتكرارًا إلى أن تكتسب اللون الأحمر، ثم نتظاهر بالقيء عن طريق وضع قطع من الطعام الممضوغ بمحاذاة فراشنا … أما إذا حان موعد تناول وجبة الغذاء أو العشاء ، ورغم كون أوصالنا تتقطع جوعا ، فوقتئذ نخوض اضرابا عن الطعام ، ونتظاهر بفقدان الشهية . وأحيانا نخفي بعض الأطعمة الخفيفة في غرفتنا لنعود اليها في وقت متأخر من الليل .
ولجعل الأسرة تصدق حقيقة المرض ، كنا نتحاشى حتى مشاهدة ما نحبه من البرامج ـ خاصة الرسوم المتحركة ـ بل ونتخلص من الألعاب التي نمارسها في البيت تفاديا لإدخال الشك في نفوس افراد الأسرة .
قد يحدث أن يقرر أحد الوالدين مصاحبتنا إلى ممرض الحي لتشخيص حالتنا ، آنذاك نكون مجبرين على عرض آخر حلقة من مسرحيتنا ، فنخبره أننا نشعر بتحسن وأن الأعراض تختفي بشكل تدريجي. ثم نشرع في اعداد الواجبات المدرسية ، لتعطى الفرصة للمحظوظ الموالي ….
…ومع ضيفة الحلقة :
الاسم : حنان عجوني
تاريخ ومكان الازدياد : 1980 اليوسوفية
الأمنية : العيش في سعادة وهناء
الهواية : كتابة الشعر
موضوع المشاركة : ” الحياة “
الحياة كالشمعة المنيرة ، يعني كأنك تعيش على ضوئها، لذا فيجب أن ترضى بإنارتها وتبتعد عن نارها لكي لا تصيبك . وهذا كل ما يجب عليك أن تفعله في الحياة ألا وهو الابتعاد عن مشاكلها، والرضى بوضعك. وعليك أيضا بالتفاؤل فهو رفيق الحياة السعيدة ، ولا تبالي بكيد الأعداء أو غيرة الأصحاب فما ذاك الا حسد. وإن طعنك أحد وراءك فاعلم أنك تسير أمامه ، أي أنك أفضل منه ، ولولا هذا لما حسدك وطعنك . وأوصيك بالتقوى والتشبث بالدين الحنيف فذاك رأس مالنا وزينة حياتنا .

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى