أدب و فنون

اللغة وواقعها على شبكة الأنترنت

غني عن القول أن اللغة هي إحدى أهم أدوات التعبير عن أي ثقافة وبقدر تأثير هذه الثقافة تنتشر لغتها وتكتسب مكانتها بين اللغات العالمية. وبما أننا نحتل مرتبة متأخرة في السباق الحضاري، تعاني لغتنا العربية من الإنحسار والتراجع على مستويات عدة، تشمل التواصل اليومي مع الناس وفي مؤسسات التعليم ووسائل الإعلام وغيرها من منابر التواصل

هذا الإنحسار أصبح بالصورة المتسارعة نتيجة لمتغيرات عدة يعيشها العالم خصوصا من الناحية التقنية ونظرا أيضا للنقلة النوعية الحادة لمجتمع المعرفة. وبفعل كل هذا أضحت اللغة في بلادنا تواجه تحديات كبيرة ونفسها التحديات التي تشترك فيها مع معظم لغات العالم، في ذات الوقت الذي تعاني فيه أزمة حادة: تنظيرا وتعجيما وتعليما وتوظيفا وتوثيقا

ولقد أظهرت الأنترنت مدى عمق هذه الأزمة كون الأنترنت في حد ذاتها أحد مظاهر هذا التطور التكنولوجي أو كونها وسيلة حديثة من وسائل التواصل، لذلك يعد أمر انتشال العربية من أزمتها الراهنة شرطا ضروريا وحيويا للبقاء أولا، و للحاق المجتمعات العربية بركب مجتمع المعرفة ثانيا

تشير الإحصائيات الحديثة إلي أن ما بين 250 إلى 300 لغة تنقرض سنويا بفعل سرعة التواصل والميل إلي استعمال اللغات العالمية الأكثر فاعلية

وهذا ما يطلق عليه بعضهم بالغزو الثقافي أو بالأحرى اللغوي. وبعملية حسابية بسيطة يتبين لنا أن القرن الميلادي الحالي يمكن أن يشهد اندثار حوالي ثلاثة آلاف لغة أي ما يعادل نصف لغات العالم. ففي كتاب ألفه الكاتب البريطاني ديفيد كريستال بعنوان ”موت اللغة” يبرز لنا فيه تسعة شروط لموت اللغة وإنقراضها ولعل أبرز هذه الشروط وأخطرها هو شرط انتشار لغة الغالب في بلاد المغلوب وحلولها محل لغته التي هي من مقومات الأمة، وهذا مبدأ معروف كذلك في علم الاجتماع أرساه لنا ابن خلدون في المقدمة الشهيرة بقوله

إن المغلوب مولع أبدا بالاقتداء بالغالب في شعاره وزيه ونحلته وسائر أحواله وعوائده… إن الأمة إذا غلبت وصارت في ملك غيرها، أسرع إليها الفناء

ومن أجل دخول صراع البقاء هذا فإن الأمر يحتم علينا تكوين أشياء ذات تأثير مباشر وملحوظ في شتى المجالات سواءا الفكرية أو السياسية والإقتصادية وغيرها. وهذا ما أدركته دول كالصين مثلا وبحكم أنها أقوى قوة إقتصادية صاعدة فإن ذلك انعكس على لغتها بالإيجاب وبإحتلالها المركز الثاني كأكبر لغة متداولة على الشبكة كما تظهر الأرقام وإن كان عامل النمو السكاني ذا تأثير نسبي

menarapress.com

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى