أدب و فنونإداوزدوت

ذكريات رمضان في تمازيرت ـ الحلقة الثانية

463300_10150667951237620_146100414_o قالت أمي : أن تصوم نصف يوم كأنما صمت يوما كاملا

لم يقنعني كلامها طبعا، فهؤلاء الكبار يمارسون لعبة الكذب دوما، لم تعد تنطلي حيلهم علينا، فالتجربة تؤكد لنا بالملموس زيف مئات الأراجيف التي يحكونها لنا، لا ثقة بعد الآن

لم أكن أرضى عن صوم يوم كامل بديلا ، فصمت ذات صباح كما اتفقنا أنا و”ع” و”ح” ،كان يوم ثلاثاء ،جمعنا اللعب كعادتنا، أوقفنا صوت أم “ع” التي تناديه ،فجرى نحوها ،عاد بعد برهة ليطلب منا مرافقته صوب “الحانوت” فقد أرسلته والدته لشراء كيلو “بلبولة” شعير، لم نتردد في مصاحبته ،وذهبنا معا الى دكان الدا م

كان الدا “م” شيخا كبيرا في السن، اتجه بخطى بطيئة نحو برميل خشبي يخصصه لتخزين وحفظ الحبوب والقطاني من الفئران، حشر رأسه داخل البرميل كي يكيل البلبولة كما طلبنا، فوجدها “ع” فرصة سانحة ودس يده في الصندوق ذي الواجهة الزجاجية المملوء علكا وحلوى، والذي طالما أسال لعابنا، ملأ “ع” كفه وأفرغها في جيبه بكل رباطة جأش، تسارع نبض قلبي خوفا، مثمنا في ذات الوقت هذه الخطوة الجبارة، اختلست النظر بدوري في احدى الرفوف كنت مرعوبا ولم أقو على سرقة شيء ،كنت تمنيت لو أن علب البسكويت والحليب المركز تتطاير وتسقط لوحدها في جيبي

مد “ع” يده ليعيد الكرة، لوحت بيدي مرعوبا أن كفى

خرجنا نحن الثلاثة سالمين غانمين،اقتسمنا الغنيمة على عجل صرنا نمضغ العلك ونأكل الحلوى دون أن نكترث لصومنا فقد نسينا أن الشهر شهر الصيام فنكون بذلك قد جمعنا بين “الحسنيين”: السرقة و الافطار عمدا

في المدرسة ، يتباهى الاطفال بعدد أيام صيامهم، فهناك من صام ثمانية أيام وهنا من صام اثنا عشر يوما وحتى عشرين ، كان الإخوان “ح” و”ع” يفتخرون دوما أنهم صاموا أكثر من كل الناس جميعا، فقد صاموا يوما قبل رمضان (الثلاثون من شعبان) لأن أباهما التقط اذاعة الجزائر خطأ، وسمع تهنئة رمضان ،فدعا زوجته وأولاده الى الصيام

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى