إداوزدوت

إغرم

لا يمكننا الحديث عن بلدتنا أفيان دون الإشارة إلى بلدية إغرم التي ترتبط بها إداريا ساكنة كل القبائل المتواجدة في هذه المنطقة المنتمية لجبال الأطلس الصغير ، عدد هذه القبائل ثمانية : إداوكنسوس ـ إداوزدوت ــ إداوزكري ــ إندونضيف ـ إندوزال ـ إدوسكا ـ أيت عبد الله ـ إداومرتيني ؛ أما عدد الجماعات القروية فيصل إلى ستة عشر جماعة موزعة على ثلاثة قيادات : قيادة المكرت ، قيادة أيت عبد الله و قيادة أضار التي تخضع لها جماعة النحيت التي تنتتمي إليها جغرافيا 22 قرية ضمنها قريتنا أفيان

إذا كان ألأطلس الصغير من بين المناطق الجبلية المغربية الجافة، فان منطقة أيغرم تحتل الجزء ألأوسط من هذا المجال في وسط أكثر قسوة وجفافا، هذا الوضع يرجع أساسا إلى طبيعة المنطقة الجبلية ، و الغطاء النباتي الطبيعي يكاد ينعدم  في الوقت الذي تتميز فيه المياه بشحها و نذرتها إذ لا تتمثل في بعض الفرشات الباطنية  إلاعلى شكل ينابيع مائية ضعيفة في قعور ألأودية، أما  حفر ألآبار غالبا ما تكون عميقة ونادرة المياه 

فهذه العناصر الطبيعية القاسية إذن لا تساعد على القيام بأي نشاط فلاحي نتيجة لضعف التربة وهزالة التساقطات، لكن رغم ذلك و بحكم ارتباط السكان بهذه المنطقة فان الفلاح بدل كل جهده باستصلاح ألأراضي وتحدى عمليات انجراف التربة بإنشاء المدرجات على طول السفوح الجبلية، إلا أن قساوة الظروف الطبيعية تحول دون تحقيق الاكتفاء الذاتي في معظم المواسم الزراعية

هذه الظروف وغيرها نتج عنها توزيع الدواوير على المرتفعات و ألأودية وأدت بذلك إلى عزلة السكان نفسيا وماديا مما جعلهم يلتجئون إلى الهجرة الداخلية أو الخارجية

وإذا كانت المنطقة فقيرة من حيث موارد العيش فإنها تحتضن ساكنة مهمة ينحدرون كلهم من أصل أمازيغي شلوح


1) الإطار الطبيعي:

تقع منطقة أيغرم في القسم الجنوبي لإقليم تارودانت. وتبلغ مساحتها 3437 كلم مربع(20.88في المائة من مساحة الإقليم) تتميز بنيتها التضاريسية بسيادة الطابع الجبلي إذ أن جبال ألأطلس الصغير تشكل حوالي82في المائة من تراب الدائرة. هذه الجبال البركانية ألأصل تعود إلى الزمان الجيولوجي الرابع. يتكون سطح المنطقة من صخور بركانية(الشيت البزالت). ويسود المنطقة مناخ قاري جبلي ذو شتاء بارد و ممطر و صيف معتدل. كما يصل المعدل السنوي للتساقطات إلى 150 مليمتر. تتكون الشبكة المائية من بعض الوديان الموسمية الدائمة الجفاف(أسيف المكرت-اللاون- دوسان- اداومرتني)
إضافة إلى شبكة من ألآبار و العيون. إلا أن الفرشات المائية الباطنية تتميز بفقرها لاسيما جنوب وشرق الدائرة. و فيما يخص الغطاء النباتي فانه يتسم بضعفه الشديد وتناثره، ويتكون خاصة من أشجار الزيتون والأركان في الجهتين الشمالية و الغربية، ومن أشجار اللوز في باقي المناطق و الجهات

2) الإطارالبشري :

تشير لفظة أيغرم إلى مكان محصن بواسطة سور أو مكان ممنوع و محمي بشكل سحري كما تعني أيضا (أكادري) الحصن الذي يستعمل كمخزن لما تملكه كل أسرة و الذي يتميز بعلوه و بهندسته المربعة التي تعلوه أبراج من الزواياحسب المؤرخين نزح سكان أيغرم من مدينة تمدولت اوقا، التي كانت من بين المدن المزدهرة إبان تجارة القوافل حيث تستبدل الفضة المغربية بالذهب السوداني، وبعد تخريبها هاجر سكانها نحو الشمال، حيث استقروا بمنطقة اسافن لمدة قرنين حيث تعرضوا بعد ذلك للمجاعة و ألأوبئة لينتشروا مرة ثانية بالجبال التي يقطنونها حاليا
 

وكانت شؤون القبائل آنذاك تديرها مجموعة من السكان تسمى انفلاس أو ما يسمى بأهل ألأربعين يعهد إليهم بالبث في النزاعات و القضايا التي تهم القبيلة

أما بالنسبة للبنية الاثينية لمنطقة أيغرم فنجدها على الشكل التالي

الوافدين على المنطقة من تمدولت اوقا أولاواسافن – المرابطين أوما يسمى باكرامن – الشرفاء بمختلف أنسابهم

3- الإطار التاريخي:

عرفت منطقة أيغرم الاستقرار البشري منذ ما قبل التاريخ، و ساعدها على ذلك موقعها الهام بجبال الأطلس الصغير و قربها من الصحراء حيث نشأت حضارات ميزت العصر الحجري الحديث و الفترة الممهدة. ولا زالت تشهد على تواجد إنسان ما قبل التاريخ بالمنطقة.

لقد ازدهرت المنطقة على عهد الادارسة و خاصة بعد أن أسس المولى عبد الله بن إدريس مدينة تمد ولت سنة 213 هجرية، فأصبحت تتحكم في محور تجارة القوافل الصحراوية وفي مناجم الفضة و النحاس. ثم ازدادت أهميتها على المستوى العسكري الدفاعي خلال الفترتين المرابطة و الموحدية قبل أن تدخل مرحلة من التقوقع والانقطاع الكلي عن الخارج في عهد الدول التي تعاقبت بعد ذالك على حكم المغرب غير أن قيام الدولة العلوية مكن المنطقة من معانقة انتعاش اقتصادي و عمراني ونهضة علمية وفكرية توجت بالزيارة الميمونة للسلطان العلوي مولاي الحسن ألأول للمنطقة حيث قضى ليلة في مركز أيغرم كما قضى ليلة أخرى في ثلاث اوكنار بادوسكا جماعة تومليلين سنة1225ه عند الولي الصالح الاكنري سيدي أحمد بن إبراهيم بن سيدي علي بن سيدي سعيد المدفون في روضة تسدو غاس حيث توجد المدرسة العتيقة. وقد أصدر المولى الحسن ألأول ظهيرا شريفا عقب زيارته للمنطقة و أصدر أمره الشريف بإسقاط عن أهالي المنطقة جميع التكاليف المخزنية

و كان من أهم ما خلفته هذه الزيارة للمنطقة تامين السلطان لجميع الطرق المؤدية إليها و خاصة الجهة الجنوبية مما جعل منها في دالك الوقت أحد أنشط المراكز التجارية الواقعة بالمحور التجاري الرابط بين الصحراء المغربية والأطلس الصغير و أغمات شمال ألأطلس الكبير

و في عهد الحماية الفرنسية عرفت المنطقة مقاومة شديدة ضد أطماع الاستعمار تمثلت في ظهور أحمد الهيبة الذي نظم حملة ضد ألاحتلال بعد أن وحد بين قبائل المنطقة التي ناضلت و صمدت في وجه المستعمر إلى أن قامت الحرب بينه وبين حيدا وميس الذي أراد فرض سيطرته على المنطقة بعد أن وجد العون و المساندة من الحسن التيوتي و من بعده محمد بن إبراهيم، ولما اندحر الهبة أصبح حيدا وميس باشا تارودانت الذي سيقوم بغزو قبائل ألأطلس الصغير بواسطة خليفته التيوتي وبتنسيق مع الكلاوي وأنهت هذه الحملة ثورة القبائل سنة1961

وبعد وفاة حيدا وميس ثارت القبائل من جديد فنجد قبيلة اداوزدوت و اندوزال يؤيدون الخطير امري شيخ اداوزكري سنة1917 الذي أصبح يتمتع بقوة لا يستهان بها وخصوصا بعد أن انضمت له باقي القبائل وبقي يقاوم ألاستعمار إلى أن مات وخلفه بعد ذلك أخوه عبد الله أمري

وتعتبر الحملة التي قام بها عبد الله زاكور شيخ قبيلة أيت عبد الله ضد الاستعمار الفرنسي من أشرس الحملات بالمنطقة حيث أنه ضل يقاوم الاحتلال ألأجنبي مدة تزيد على عشرين سنة وتجابه مع الجيوش المحتلين عدة مرات كان العدو يتكبد مرارة الهزيمة في كل مواجهة ويرجع ذلك إلى وعورة مسالك المنطقة وخبرة أهاليها بحروب المناطق الجبلية ، ولم يتمكن ألاستعمار من هذا البطل الشجاع الابعد اللجوء إلى أسلوب جديد في الحرب لم يكن لأهل المنطقة علم و لا دراية به وهو السلاح الجوي حيث استخدام الطائرات ودمر العديد من القرى و المد اشر وقتل العديد من جيوش عبد الله زاكور الذي اضطر في النهاية إلى الاستسلام

وقد عرفت المنطقة نوعا أخر من المقاومة حين تم تأسيس جيش التحرير، إذ يعتبر مركز أيغرم من اللبنات ألأولى في تكوينه وساهم العديد من أبناء المنطقة في العمل التطوعي في صفوف هذا الجيش

4- الإطار الثقافي :

إن تموقع منطقة أيغرم في وسط جبلي جاف يتميز بمسالكه الوعرة جعل منها منطقة فقيرة من كل العناصر ألأساسية إلا إن هذا لا يمنع ساكنة المنطقة الذين ينحدرون من أصل امازيغي من اكتساب بعض الخصوصيات وممارسة بعض ألأنشطة الثقافية و الفنية التي تتميز بها المنطقة منذ القدم

تعرف منطقة أيغرم ثلاث ألوان من ألأهازيج الشعبية وهي

الدرست : نجدها عند قبيلة اندوزال واداوزدوت

اهنقار : تتميز بها كل قبائل المنطقة باستثناء قبيلتي اندوزال،و اداوزدوت

– احواش : ويسود لدى مختلف قبائل المنطقة وأهمها أيت عبد الله، اداومرتني و اندونضيف

المباني التاريخية و المواقع والمعالم الحضارية:

تشتهر دائرة أيغرم في هذا الباب بوجود عدد من المخازن الجماعية التقليدية المعروفة محليا باسم(اكادير جمع اكوادر). هذه البنايات العمومية المشيدة بالتراب والحجارة والخشب توظف في تخزين الحبوب والغلال وكانت فيما مضى توظف لتخزين ألأسلحة والحلي والوثائق المهمة كما أن هذه المؤسسات ألاجتماعية كانت ولا تزال تتوفر على قوانين أساسية ويسهر على إدارتها و تسييرها مجلس يدعى انفلاس

 

source: http://igherm.net/igherm-site/igherm/daira_igherm.html

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى