أدب و فنون

الحاج محمد الدمسيري : 24 سنة على وفاته ، فهل جاد الزمان علينا بمثله ؟

الحاج محمد الدمسيري : 24 سنة على وفاته ، فهل جاد الزمان علينا بمثله ؟

إن الحديث عن فقيد الأغنية الأمازيغية المرحوم “الحاج محمد الدمسيري” ، حديث ذو شجون، لكون جل فترات حياته الفكرية كانت كفاح بمعناه الواسع ، بوطنيته وسخائه ومعانقته للقضايا، وهموم بلاده وشعبه وتابع مسيرته النضالية عن كثب ، وغيرته عن الثقافة الأمازيغية لغة وفكرا وفنا ، بل المدافع عنها ، ولم يخلو أي جمع أو سهرة أو حفلة إلا وساهم فيها ، وكان الداعية إلى العناية بالأمازيغية لتأخذ المكانة اللائقة بها ضمن الوحدة والتنوع التي تزخر بها المكونات الثقافية المغربية.
المرحوم “الحاج محمد الدمسيري ” لا يخاف من قول الحق لومة لائم، متحملا بذلك الأهوال والآفات متحديا كل العراقيل التي وقفت في طريقه غير ما مرة ، وبذلك تسامت همته وتعالت معنوياته بالرغم من كل الحيثيات والاعتبارات ، عطاءاته الشعرية لا تعد ولا تحصى في ميدان الأغنية الأمازيغية
ومعاملته الإنسانية مع ” الروايس” والمجموعات الحديثة في المستوى ، وقد تتلمذ على يديه العشرات من الفنانين والفنانات ، وكان مدرسة قائمة بذاتها أعطت المزيد في فن “الروايس
المرحوم “الحاج محمد الدمسيري” اعترضت حياته الفنية حادثة سير أودت بنصفه الأسفل ، وقد وجدنا في أغلب أشعاره ما يحس به في هذا الجانب ، بعد أن فقد حريته في المشي على قدميه ، ورغم ذلك ظل وفيا لرسالته إلى أن فارق الحياة، يقول

أومْـنغ سْـرْبِّي لِـيغْ أورْ نْدْرْكْ أسُّول نْكْـْرزْ
أولا نگـا سُـول إتـْمْزْگـيدَا أگـيسْ نـْشْـرْضْ
نْگـا المُوعَاضِّـيرْ إفلايِّـي المْجِيبْ أولا أفودْ

في يوم السبت 11/11/1989 انتقل إلى رحمة الله بعد أن قضى ما يقارب الشهر وهو يصارع المرض، بل أمراض مزمنة في جو من الوحدانية … مات الحاج محمد الدمسيري جسديا ، لكن أعماله الفنية وعصارات فكره لن تموت أبدا ، بل بقيت خالدة بعزيمة المثقفين والجمعيات.. مات الحاج محمد الدمسيري في صمت كما يموت كافة الشعراء الأمازيغيون ، وبموته فقدت أسرة الفن المغربي الأمازيغي أحد أبرز أعمدتها المخلصين لدينهم ووطنهم والذي خدم الكلمة الصادقة والمعبرة عن طموحات الشعب الأمازيغي
مات”الحاج محمدالدمسيري” الذي اعتبر السجل التاريخي للأحداث فلم يترك كبيرة و لا صغيرة إلا ودونها وعلق عليها بفكر نزيه ، وبقيت كمرجع للأجيال القادمة ، بل نبراسا استضاء به كل فنان
ظل طوال حياته وفيا للمبادئ السامية من المنظور الفكري التقدمي اللامنتمي لأية جهة ، فأعطى المثل في الاستماتة ، وحمل شعلة الفنان الأمازيغي الحقيقي المتزن ، ودافع بالكلمة الأمازيغية حتى تجاوزت خطب الزعماء والصحف الحزبية ، وانفجاره في قصيدة “أگرن” ما هو إلا تعبير صادق عن معاناة الجماهير ضد الغلاء في المعيشة الذي مس الفئة المحروقة من الطبقة الشعبية في بداية الثمانينات ، وتعرض بعدها للمضايقات ومختلف الاستفزازات

مات “الحاج محمد الدمسيري” بعد أيام من إحياءه لسهرة بامنتانوت والتي قال فيها لزميله ” الرايس بوبكر أشتوك ” أنه آن الأوان كي يتقاعد ، فالتحق بالحاج بلعيد ، بوبكر ازعري ، سعيد اشتوك ،الحسين جانطي.. والآن وقد مر على وفاته 24 سنة سنتساءل:هل جاد الزمان علينا بمثله؟
ذاك سؤال طرحته ولا تهمني الإجابة عنه بقدر ما يهمني طرحه ، إلا أن الحقيقة التي لا يجب أن نستهين بها هي أن هذه الثلاثة والعشرين السنة التي فقدنا فيها “الدمسيري” ظلت الساحة الفنية الأمازيغية خالية من زعيم قادر على حمل المشعل الذي سقط من بين يدي الراحــل.. كما فقدت هذه الساحة أيضا فنانين كبار أمثال: الحاج عمر واهروش ، محمد بونصير ، سعيد أشتوك ، جامع الحامدي ، جوجين ، مبارك أيسار
وفي هذه الفترة كذلك برزت مجموعات غنائية نسوية لا تبدع بل تستهلك ما تم غناؤه في شكل “بنات أوطالب ، بنات أودادن ، بنات ارسموك …” بل أكثر من ذلك لاحت في الأفق مجموعات تظاهرت بأنها تحيي الأغاني القديمة( قصائد الحاج عمر واهروش ، قصائد احمد بيزماون، قصائد احمد أمنتاك…) رغم أنها تسيء إلى ذلك لكون أغنية ” الرايس” تبقى دائما في الذاكرة حية ولا تحتاج إلى من يحييها
مرت 24 سنة إذن على وفاة الحاج محمد الدمسيري ولم يتحقق أي شيء “للرايس” بل لازالت مهرجانات بلاده تستدعي فنانيـن أجانب بملايين الدراهم وإن حالفه (هو) الحظ وتم استدعاؤه كان ذلك بثمن بخس دراهم معدودة
مرت 24 سنة وقنوات بلاده لازالت تخوض إضرابا مفتوحا ضد الفنانين الأمازيغييـن فتصبح وتمسي على أغاني غربية وشرقية.. إذن لا زالت دار لقمان على حالها

ايغرم24

عن صفحة محبي الفن الامازيغي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى