الاخبار

المغرب: منجم “وانسيمي” و تدمير الفرشة المائية بإفران الأطلس الصغير

هذا الخبر …..
في الوقت الذي انخرطت فيه وسائل إعلام الدولة المغربية في حملة مرائية لخفض استهلاك الماء، موجَّهة بالدرجة الأولى نحو استهلاك الأسر، تستمر المصالح الرأسمالية الكبيرة في استنزاف الثروات المائية عبر زراعات تصديرية أو استخراج المعادن.
في ما يلي حوار مع ح. ب مناضل نقابي وناشط في الحملة ضد استنزاف الفرشة المائية بإفران الأطلس الصغير، حول إحدى نماذج الشركات الاستخراجية “وانسيمي” ببلدة إفران الأطلس الصغير، ونضال الساكنة ضد تدمير الفرشة المائية للبلدة.
سؤال: هل يمكن أن تعطي نبذة تعريفية قصيرة لبلدة إفران الأطلس الصغير؟ الأوضاع الاجتماعية للسكان وأهم مصادر العيش؟
جواب: إفران الأطلس الصغير هي واحة تمتد في السفوح الجنوبية للأطلس الصغير الغربي. يقطنها حوالي 11000 نسمة. يعتمدون بشكل كبير على الفلاحة المعيشية (الزراعة وتربية الماشية التقليدية) وعلى عائدات المهاجرين من أبناء البلدة الذين دفعتهم الظروف المعيشية والطبيعية لمغادرتها. وينتشر فيها مناخ صحراوي جاف مع قلة التساقطات طيلة السنة. لكنها تتميز بانتشار كبير لمنابع المياه السطحية التي تستغل بواسطة السواقي والخطارات في الأغراض الزراعية.
سؤال: منذ متى ومنجم وانسيمي مشتغل؟ وما هي الثروات التي يستخرجها من باطن الأرض؟
جواب: بالنسبة لمنجم وانسيمي فقد بدأ فيه الاستغلال منذ سبعينيات القرن الماضي من قبل شركة رومانية أوقفت أشغالها في أواخر الثمانينيات لأسباب غير معروفة. استُؤنف النشاط المنجمي حوالي سنة 2007 عبر شركة مناجم التابعة لهولدينغ أونا. وفي ظل غياب معطيات دقيقة يروج أن ما يستخرج من المنجم هو معدن النحاس بالإضافة إلى الذهب.
سؤال: كيف أثر المنجم على الثروة المائية للبلدة؟
جواب: تأثير النشاط المنجمي بوانسيمي على الفرشة المائية بإفران أطلس الصغير واضح وضوح الشمس، إلا لمن يريد حجب الشمس بالغربال. صحيح أن تراجع الفرشة المائية تتداخل فيه عدة عوامل من بينها مثلا لا على سبيل الحصر التغيرات المناخية. لكن ببلدتنا التي تقع في بوابة الصحراء مرت علينا سنوات عديدة من الجفاف إلا أنه لم يسبق أن رأينا هذا التراجع المخيف للفرشة المائية. فمنذ اشتغال منجم وانسيمي نضبت عدة عيون مائية بشكل نهائي خاصة القريبة من المنجم كـ”عين تمنط” و”عين واومنط” و”عين إكري مقورن”… وتراجع صبيب عيون أخرى كـ”عين تفزوين” و”عين وايغنوست” و”عين بوفردو”. لا ننسى أيضا انخفاض مستوى المياه الباطنية في الآبار. فخلال السنوات العشر الأخيرة رصدنا من خلال الملاحظة الميدانية نضوب أكثر من 12 منبعًا للمياه السطحية بالبلدة. تصوروا تأثير هذا التراجع المهول على منطقة أغلب ساكنتها من صغار الفلاحين والرعاة.
📷
📷(صور توضح كميات الماء المُهدر خارج منجم وانسيمي)
سؤال: هل هناك آثار بيئية أخرى للمنجم؟
جواب: باستثناء التأثير الكبير على الفرشة المائية بالبلدة تبقى الآثار البيئية للمنجم محصورة في جواره وخاصة تناثر الغبار والتأثير على الغطاء النباتي المحيط به. إلى حد الآن لم نلاحظ نفوق الحيوانات البرية في محيط المنجم. لكن الغطاء النباتي قليل جدا وحتى جنبات الوادي الذي تصب فيه المياه المستخرجة من المنجم لا ينبت فيها العشب والغطاء النباتي.
خارج منجم وانسيمي
سؤال: ما هي انعكاسات هذه الآثار على صغار منتجي الغذاء (الفلاحون وصغار الرعاة)؟
جواب: مما لا شك فيه أن السوق الأسبوعي بالبلدة الذي يصادف يوم الأحد كان خلال السنوات الماضية يعج بالمتسوقين من كل المناطق المحيطة بحثًا عن المنتجات الفلاحية المحلية الطبيعية البيولوجية كالخضر وزيت الزيتون (الذي كانت جودته مضرب المثل) ولحوم الماعز والأغنام. غير أنه في السنوات القليلة الماضية بدأنا نلاحظ تراجعًا كبيرًا في المنتجات الفلاحية المحلية. يعزى ذلك حسب الفلاحين والسكان إلى تراجع الفرشة المائية ونضوب العديد من العيون والآبار التي تُعتمَد لسقي تلك المزروعات. وقد سبق وقلنا أن المنجم يعتبر أحد الأسباب الرئيسية وراء استنزاف وتراجع الفرشة المائية بإفران أطلس الصغير.
سؤال: ماذا عما يسمى الآثار الاجتماعية للمنجم: التشغيل، المشاريع التنموية… إلخ؟
جواب: يشيع الاعتقاد بأن المناجم تساهم في التنمية المحلية للمناطق التي تتواجد فيها. في بلدتنا، وعلى غرار مناطق أخرى، فإن مساهمة منجم وانسيمي في هذه التنمية شبه منعدمة. باستثناء تشغيل نسبة قليلة من أبناء البلدة، لا نعرف شيئا آخر عن مساهمتها في الجانب الاجتماعي. فحتى معظم العاملين بالمنجم يسكنون بعيدًا عن البلدة، وبالتالي يستهلكون أجورهم خارج السوق المحلية.
سؤال: هل يمكنك أن تحدثنا عن الحملة التي خضتموها ضد تدمير الفرشة المائية من طرف المنجم: التنظيم، التعبئة، مشاركة السكان؟
جواب: بدأت الحملة المنظمة ضد استنزاف منجم وانسيمي للفرشة المائية بالمنطقة منذ سنوات على وسائل التواصل الاجتماعي الفايسبوك مثلا. لكن يمكن أن نقول إنها لازالت في بدايتها خصوصًا ونحن نعلم جيدًا من نقاوم. بدأت هذه الحملة على شكل مشاركة صور وفيديوهات للمياه التي تضخها الشركة المستغلة للمنجم والتنبيه إلى خطورة الأمر. بالإضافة إلى القيام بزيارات للمنجم وتسجيل بعض الفلاحين المتضررين لفيديوهات من عين المكان. جدير بالذكر أيضا أنه تأسست سنة 2016 تنسيقية وانسيمي للمطالبة بتشغيل أبناء إفران في المنجم لكنها فشلت في الاستمرار بعد تدخل المجلس الجماعي آنذاك والذي وعد باستقدام المياه المستخرجة من المنجم إلى البلدة لاستغلالها في الزراعة.
عادت الحركة الاحتجاجية للظهور من جديد خلال هذه السنة (2022) خاصة مع تزايد عدد العيون التي نضبت بالكامل. ويقودها حاليا بعض الناشطين المحليين في جمعيات تعنى بالمياه سواء الموجَّهة للشرب أو الري، بالإضافة إلى نقابة فلاحية تحمل اسم “النقابة القاعدية للفلاحين- فرع إفران أطلس الصغير”، حيث قامت بتنظيم وقفة احتجاجية إنذارية يوم 7 يوليوز بمركز إفران وأصدرت عدة بيانات تُندد فيها باستنزاف الفرشة المائية بالمنطقة من قبل المنجم. كما نُظمت ندوة محلية تحت عنوان “الموارد المائية بإفران وآليات تدبير الندرة ” يوم الثلاثاء 2 غشت الماضي. وتستعد هذه الحركة الآن لتنظيم قافلة ومسيرة احتجاجية إلى المنجم في الأيام المقبلة. أضف إلى ذلك استمرار الحملة في وسائل التواصل الاجتماعي بوسم (هاشتاغ) يدعو إلى إغلاق منجم وانسيمي.
https://www.siyada.org/siyada-board/%D8%B3%D9%8A%D8%A7%D8%AF%D8%A9-%D8%BA%D8%B0%D8%A7%D8%A6%D9%8A%D8%A9/%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%BA%D8%B1%D8%A8-%D9%85%D9%86%D8%AC%D9%85-%D9%88%D8%A7%D9%86%D8%B3%D9%8A%D9%85%D9%8A-%D9%88-%D8%AA%D8%AF%D9%85%D9%8A%D8%B1-%D8%A7%D9%84%D9%81%D8%B1%D8%B4%D8%A9-%D8%A7%D9%84/

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى