مشاهير آفيان

رجال من أفيان ( 15 ) : محمد أعثمان

IMG_19800119_0020

بسم الله الرحمان الرحيم

نشا محمد وأخوه الحسن يتيمين تحت كنف أمهما حتى بلغ محمد أشده وبلغ عشر سنوات اصطحبه ابن عمه العباس ليعلمه أصول التجارة وبعد مدة وجيزة أصبح يتقن البيع والشراء والحساب و اللغة الفرنسية  وشيء من الاسبانية بالإضافة إلى الدارجة المغربية  , عمل بجد واجتهاد وإخلاص مما اكتسبه ثقة رئيسه ومحبة الزبناء وعزم كل العزم على اكتساب قدر مهم من المال فهو منذ ألان رجل البيت المسئول عن أمه وأخيه الصغير يقوم آدا موح بنظافة المتجر ورص البضاعة والخضر ويناول الزبناء ما يحتاجونه من مختلف البضاعة بل ويوصلها إلى المنازل على متن عربة يجرها بيده ونظرا للثقة التي يتمتع بها من لدن الزبناء أصبح اغلبهم يطلب ما يريد بواسطة الهاتف ولا ينتقلون إلى المتجر بل محمد أو (المتشو) كما يسمون مساعد التاجر آنذاك هو الذي يقوم بجميع المتطلبات التي يحتاجها الزبناء أو(الكليان) من بضاعة وخضر ولحم وكتب وعقاقير وأدوية و جرائد وكل شيء لايكل ولا يمل متطلعا إلى الأفق ليمتلك بدوره متجرا خاصا به  , بعد العمل مدة  اشتاق إلى أمه وأخيه  وطلب من (الباطرون) أن يرسله ليصل رحمه وافق العباس على مضض بعد أن استعطفه ووعده بالرجوع أعطاه أجره كاملا ومن فوقه قدرا من المال عرفانا منه لتفانيه في العمل وكان التجار يضعون علبة صغيرة محكمة الإغلاق يباع فيها طحين الشكولاطة ويسمى هذا المنتوج (بنانية ) تحمل صورة رجل زنجي في أذنه قرطا كبيرا ويلبس فوق رأسه طربوشا احمر تتدلى من جنباته خيوط سوداء يلبسها رجال الدولة وأصحاب الطرب الاندلسي يسمى (طربوش بنانية) اكتسب هذا الاسم من صورة هذه العلبة المعروفة عند التجار يضعون فيها ما يحصل عليه (الموتشو) من إكراميات الزبناء أو ما يسمى (التدويرة) . عاد آدا موح إلى افيان وصادف وصوله يوم السوق فأراد أن يفاجأ أمه ويبرهن لها انه رجل بمعنى الكلمة وانه يستطيع تحمل المسؤولية طلب من ابن عمه محمد بن الهاشمي أن يساعده لشراء عجلة لامه تربيها حتى تصبح بقرة فتنتفع بلبنها وسمنها وتستغلها في حرث الحقول وتنتج منها العجول,  لان في ذالك الوقت من لا يملك بقرة فلا وزن له في القبيلة  , فعلا تمكن من شراء عجلة صغيرة لم تخرج بعد قرونها ووضع حبلا في عنقها وقادها وهو يكاد يطير من الفرح

وصل الخبر السعيد إلى أمه وانتشر في الدوار  هبت ألا (فاضمة وراس) للقاء فلذة كبدها الذي اشتاقت له بعد مدة طويلة من الفراق وأخذت تزغرد وتصيح بأعلى صوتها يا نساء افيان لقد عاد محمد ولدي ومعه بقرة يافرحتي ويا فرحتي لا ادري بأيهما افرح (أبمحمد أم بتاغيت)أبمحمد أم بالعجلة ضمت ولدها بيد والبقرة باليد الأخرى تقبل هذا مرة وهذه مرة انضمت إليها النسوة بالزغاريد والصلاة على النبي قالت لهن انتن ضيفاتي اليوم تعالين نفرح برجوع محمد وبقرته الحمد لله لم يذهب تعبي سدى له الفضل والمنة

IMG_19800119_0019

بعدان استراح محمد واطمأن على أمه وأخيه عاد أدراجه إلى البيضاء وتمكن من جمع قدر من المال ساعده عمه العباس واشترى بشراكة مع     ( همو بولاه ) من مكزارت متجرا بمنطقة شاطئ عين السبع دكانا كان النواة الأولى لعدة متاجر أخرى متوسعا في تجارته يجني أرباحا كثيرة واشترى هو وشريكه سيارتين ألمانيتين من نوع (أوبيل)جاء بها إلى البلدة وبني لها مرآبا (ببو يناغان )قرب زرائب افيان لازال شامخا إلى الآن كنا أطفال افيان في ذالك الوقت نتجمع قرب منزل ايت اعثمان ننتظر متى سيخرج لنركب معه ليدع السيارة في ألمراب او(الكراج) يخرج ويبتسم لنا ويقول ماذا تنتظرون نضحك ونطاطا رؤوسنا استحياء لما نكنه له من احترام ووقار لا ننبس ببنت شفة يضحك بصوت مرتفع ويفتح لنا الأبواب ويأمرنا بالصعود مهما كان عددنا لا يرد أحدا نوصل السيارة ثم نعود مشيا على الأقدام فرحين مبتهجين بركوب السيارة نتزاحم من سيمشي بقرب ادا موح

شيء آخر ، كان ادا محمد أعثمان من الأوائل ، و ربما الوحيد ،  في المنطقة كلها الذي حرص على تسجيل كلاب الحراسة في دفتر التلقيحات بتارودانت تماما كما يفعل الأروبيون

IMG_19800119_0007

كان محمد أعثمان يفرح عادة كل ما ازداد عنده أو عند أخيه مولود إلا ويحمل عجلا سمينا إلى ضريح (ايت سدي بودلا)لإقامة المعروف كان يحمل النساء والأطفال إلى الزاوية نزور أوليائها الستة والستين وكانت مقولة شائعة في ذلك الوقت  ايت سيدي بودلا  وستة وستين ولي غتلا يات تلواليت   

كانت هذه الزاوية فيها عدد من (امحضارن)طلبة القران والمساكن والفقراء يستفيدون كلهم من هذه الذبيحة

ربى محمد أبنائه أحسن تربية وعلمهم في أرقى المدارس فكانوا خير خلف لخير سلف

972952_379444468831607_1447170067_n961890_379444078831646_687633002_n

المرحوم الحاج عبد الله و اليزيد

أسوق قصة وقعت لي شخصيا لها علاقة بالموضوع جاء الدا موح وشريكه همو بولاه لزيارة البلاد على متن سيارتيهما وصادف وصولهما بحث المخزن عن أحد أبرز أعضاء جيش التحرير بالجنوب  شيخ العرب   ( بدايةالستينات ) وكان يسمى احمد اعثمان أو (حماد كو اكليز) وضعوا مخبرين في كل مكان ليزودوهم بكل صغيرة وكبيرة عن تحرك الأشخاص طار الخبر ووصل إلى المسئولين بان سيارتين دخلتا المجال الترابي للنحيت على الساعة الرابعة صباحا إحداهما توجهت إلى مكزارت وأخرى إلى افيان وصلت للتو شاحنتين محملتين بالجنود المدججين بالسلاح إلى سوق الثلاثاء توجهت كتيبة من الجنود إلى افيان وأخرى إلى مكزارت كنت ذاهبا إلى السوق لاشتري الخبز والنعناع قبل أن اذهب إلى المدرسة استوقفني الجنود قرب ملعب ايت عيوش كما نسميه (تران نايت عيوش) قبض واحد على حزامي والأخر على كتفي وصوب الثالث بندقيته إلى راسي  وشرعوا في استنطاقي قل الحق ولا تخف كنت ارتعد من الخوف ودموعي تنهمر من عيني قال لي أو قالوا لي أين منزل احمد اعثمان الذي وصل هذا الصباح قلت لهم إن الذي وصل هو عمي محمد اعثمان وليس في دوارنا احد يحمل اسم حماد اعثمان رد مسرعا خذنا إلى منزله فلا يهم إن كان يسمى حماد أو محمد  , وقبل قرع الباب اتخذ الجنود وضع القتال مستعدين للمداهمة والرد بقوة على أي محاولة شرعوا في ضرب الأبواب والنوافذ بأعقاب البنادق و ا حدية (البرودكان) استيقظ من في المنزل والجيران كلهم يفركون أعينهم من الفزع يظنون أن زلزالا حل بالدوار خرج محمد فاغرا فاه من هول الصدمة لا يدري ما يقدم وما يؤخر سألوه عن اسمه واسم أبيه وجده وانتمائه السياسي وعلاقته ب(كو كليز)طلبوا منه أوراق تعريفه بعد الاطلاع عليها غادروا دون أن يتفوهوا بكلمة عذر أو أسف

972785_379444755498245_1148154808_n 

المرحوم بلعيد  الواقف

كان محمد يساعد كل من قصده من أبناء قبيلته لا يبخل على احد بمال أو نصيحة أو علاج على نفقته أو تعليم أصول البيع والشراء كان يرسل إلى افيان مع شاحنة ادا (حمادين ) سلات من الخضر وتقوم أمه بتوزيعها على الجيران والأرامل والفقراء فكان أهل افيان يأكلون الخضر قبل يوم السوق بيومين حيث تصل الشاحنة إلى البلاد يوم الأحد من كل أسبوع كانت أيام زوينة

توفى أبي وتركنا صغارا وكنا نملك متجرا بمنطقة (بوركون)أداره بعد أبي بأمانة كبيرة يرسل لنا ما نحتاجه من بضاعة وملابس وأدوات مدرسية فكنا أول من ارتدى الوزرة الزرقاء بمدرسة افيان أسوة بتلاميذ الدار البيضاء

529329_365779483531439_689795279_n

رشيد ، أحد أحفاد المرحوم أدا محمد أعثمان و العضو النشيط في جمعية أفيان

كان ادا موح رقيق القلب سريع الدمع إذا اشتكى احد من مرض أو ضيق أو مات احد إلا هب لمساعدته وتعزيته والتخفيف عنه توفى الحاج محمد بعد أن الم  به مرض لم ينفع معه علاج ودفن بمقبرة الغفران تاركا ثلاثة أبناء وأربع بنات رحمه الله وغفر له

أمين

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى