يحق للولي الصالح سيدي ابراهيم بن عمرو أن يرقد في قبره مطمئنا ، كيف لا وبجواره مدرسة يتلى فيها كتاب الله ليل نهار ، إنها المدرسة العتيقة الكائنة بدوار أفيان التابع لجماعة النحيت قيادة أضار …ورغم عراقة هذه المعلمة فإن الكثيرين لا يعرفون عنها سوى النزر القليل من المعلومات ، ويعتبرهذا من بين الأسباب التي دفعت أحد أبناء المنطقة ليخوض غمار تجربة هي الأولى من نوعها والمتمثلة في تأليف كتاب بعنوان ( مدرسة سيدي ابراهيم بن عمرو الزدوتية تاريخا وإشعاعا) لتتحقق بذلك أمنيته التي طالما انتظرها حيث قال في كلمته _ ص2_ “إن الكتابة عن المدرسة العامرية الزدوتية من أغلى الأماني التي لم ينقطع تفكيري فيها ، وعن العمل لإعداد وسائلها منذ مدة غير يسيرة ، وخاصة بعد تخلصي من أعباء الأعمال المهنية
ويقع هذا الاصدارالجديد في 152 صفحة تمتزج فيها الحقائق التاريخية بالصور الناطقة والجداول والخرائط ونسخ لبعض الوثائق المخطوطة ، وكلها تسلط الضوء على خصائص قبيلة إداوزدوت عامة ومدرسة سيدي براهيم أوعامرخاصة
وهكذا سيتمكن القارىء من الوقوف عن كثب في الصفحات الأولى على الجانب المونوغرافي لقبيلة إداوزدوت بدءا بالموقع الجغرافي والتضاريس والمؤهلات الاقتصادية وتركيبة الساكنة وتقاليد المنطقة ولوائح بأسماء رجالات العلم والفقه والأدب ، ونماذج من أعلام الشعر الأمازيغي ، لينتقل الى تصنيف المدارس العلمية العتيقة بسوس
غير ان الحيز الأكبر من هذا الكتاب كان من نصيب المدرسة العتيقة من حيث موقعها ومؤسسها ومساحتها ومشاهير الأئمة المشرفين على التدريس بها والعلماء المتخرجين منها وكذا مرافقها وممتلكاتها وقائمة أعيان القبيلة المشرفين على التسيير وطقوس تنظيم ذكرى الاحتفال بالمولد النبوي إضافة الى عرض مختلف الوثائق القانونية والادارية والتربوية الخاصة بالتمليك والحبس والوقف والهبة والشراء لفائدة المدرسة ، ليأتي بعد ذلك ملحق خاص بالقوانين والظهائر الشريفة والمراسيم المنظمة للتعليم العتيق من مواد دراسية وامتحانات وشواهد
وانطلاقا من قول المصطفى عليه الصلاة والسلام ( إذا مات ابن آدم انقطع عمله الا من ثلاث : صدقة جارية أوعلم ينتفع به أو ولد صالح يدعو له )…فقد قرر الكاتب رصد ريع هذا المؤلف وقفا على المدرسة العتيقة لأفيان ، مشيرا الى ذلك في الصفحة الأولى بخط مضغوط وبلون أحمر
..وللاشارة فالمؤلف هو الأستاذ الحاج أحمد أيت الحاج ، من مواليد 1942 بدوار الدير ـ جماعة النحيت ـ اداوزدوت ، التحق بالمعهد الاسلامي بتارودانت سنة 1956 بعدما أنهى حفظ القرآن بمسجد تينزرت …في سنة 1965 حصل على شهادة الباكالوريا بثانوية ابن يوسف بمراكش ، وفي 1967 التحق بكلية الاداب والعلوم الاتنسانية بفاس ليحصل على دبلوم المدرسة العليا ثم يعين سنة 1969 أستاذا للتعليم الاعدادي ….في سنة 1975 حصل على شهادة الاجازة العليا بكلية الدراسات العربية بمراكش ، وفي 1979 عين ناظرا بالتعليم الثانوي ، ومنذ 1982 الى حين حصوله على التقاعد شغل منصب مدير التعليم الاعدادي والثانوي ….ويعتبر الأستاذ فاعلا جمعويا نشيطا بالعديد من جمعيات المجتمع المدني ، كما كلف بمكتب الأنشطة الاجتماعية التربوية بنيابة تيزنيت سنة 1983 ، وفي 1990 شغل منصب رئيس لرابطة المديرين ورئيسا لجمعية المتقاعدين باقليم تيزنيت ،ومستشارا جماعيا بالنحيت ….وقد توجت هذه المجهودات والتضحيات بحصوله على وسام الاستحقاق الوطني من الدرجة الممتازة وذلك سنة 1990
ذ المحجوب سكراني
ايغرم24