الاخبار

نزيف الهدر المدرسي ينخر جسد التعليم بايغرم والمسؤولون خارج التغطية

téléchargement

لا حديث في أوساط ساكنة ايغرم والضواحي هذه الأيام الا عن برنامج ” مبعوث خاص ” الذي بثته القناة الامازيغية في غضون الأسبوع الماضي ، والذي عرى من خلاله الأخ ” بوشطارت ” واقع التمدرس بالثانوية التأهيلية الأرك 

أرقام صادمة ، ومشاهد أقل ما تعبر عنه أن  الظروف التي يعيشها التلاميذ هنالك لا إنسانية ، الشيء الذي جعل أمهات وآباء وأولياء أمور هؤلاء يقفون عن كثب على ما آلت إليه أوضاع فلذات أكبادهم وهم يشاهدون تلك المناظر المؤثرة والتصريحات التي تحمل في طياتها مزيجا من الأسى والأسف

وقبل استكناه مختلف الجوانب التي لامسها الروبورطاج ، نشير الى أن دائرة ايغرم تابعة لإقليم تارودانت وتنضوي تحتها سبعة عشر جماعة قروية، وتتوفر على ثانوية يتيمة تجمع بين السلكين الإعدادي والثانوي ، فتحت أبوابها منذ خمسة وثلاثين سنة ” 1980″، وتحتضن حاليا ما يناهز 1040 متعلما توافدوا عليها من ستة عشر رافدا ابتدائيا وثلاثة روافد إعدادية 

لقد أجمع مختلف المستجوبين في البرنامج ودون استثناء على أن الوضع لم يعد متحملا وأن السيل قد بلغ الزبى وقد جاءت تصريحاتهم كالآتي 

* ممثل الادارة التربوية تحدث عن مشكل الاكتظاظ وتأثيره على السير العادي للمؤسسة خاصة في الداخلية حيث يبلغ عدد المتواجدين بها 380 مستفيذ في حين أن طاقتها الاستيعابية لا تتعدى 240 فردا ، كما كشف  عن رقم مخيف يتعلق بالهدر المدرسي حيث توصلت الادارة بلائحة تضم أسماء 400  وافد خلال بداية الموسم الحالي ولم يلتحق منهم سوى 224 فقط ، والبقية يجهل مصيرها 

* ممثل جمعية الآباء استنكر بشدة ما يكابده التلاميذ من معاناة مستدلا بتخصيص سريرين لكل ثلاث فتيات ، مؤكدا أن معيار توزيع المنح ليس منصفا نظر لكون جميع المعنيين بالأمر ينحدرون من أسر معوزة وبدون دخل . مطالبا المسؤولين بايفاذ لجنة لزيارة المكان والبحث عن حلول جدرية وفي مقدمتها تشييد مؤسسة ثانية لتخفيف الضغط  ،كما وجه نداء الى الجماعات المحلية التي تبنت مشروع بناء دار الطالبة بالإسراع في تحريك الملف قبل فوات الأوان

* التلاميذ بدورهم تحدثوا والأسى يعتصر قلوبهم وهم يشاهدون في وسائل الاعلام الظروف التي يدرس فيها اقرانهم ، مما حدا بأحدهم الى نعت الداخلية بسجن تنعدم فيه أدنى شروط العيش الكريم ، حيث  البرد القارس والجوع وانعدام النظافة وغياب المرافق الضرورية والاكتظاظ و روائح نتنة وما قد ينتج عن ذلك من تفشي الامراض المعدية ، والشيء نفسه ينطبق على نزلاء الخيرية حيث شوهدوا وهم مكدسون فوق أسرة متلاصقة مهترئة مجاورة لمرافق صحية بدون أبواب  وفي ظل ذلك طالب المتضررون بمساعدتهم على تجاوز هذا الوضع عن طريق الدعم المادي والمعنوي  ” تغذية ، نظافة ، نقل ، مياه ساخنة ، أغطية …” آملين أن يظفروا في يوم من الأيام  بزيارة من أحد المسؤولين 

* ممثلوا الجماعات المحلية يؤكدون مواكبتهم للوضع ولسان حالهم يصرح : العين بصيرة واليد قصيرة ، ودورهم الوحيد يكمن في أداء مصاريف نزلاء دار الطالب  ـ600  درهم سنويا عن كل نزيل ـ مع التعهد بصرف 10 ملايين سنم كمساهمة في بناء دار الطالبة كطرف مشارك

* المسؤول عن دار الطالب صرح بأن المؤسسة تأوي حاليا 260 مستفيذ علما بأن طاقتها الاستيعابية هي 104 لا غير ، معترفا بأن الوضع سيظل على ما هو عليه الى إشعار آخر  ما دامت المداخيل المرصودة لها لا تفي بالحاجة

* رئيس المجلس البلدي بدوره يحمل مسؤولية الهدر المدرسي لانعدام التخطيط المعقلن لدى المشرفين على قطاع التعليم بالإقليم نظرا لعدم مواكبتهم للتطور الديموغرافي في المنطقة مشيرا الى أنه من غير المعقول أن تظل الثانوية على ماهي عليه منذ نشأتها ، وان مشكل التعليم في حد ذاته يعتبر دافعا أساسيا لهجرة الساكنة الى المدن أملا في إنقاد الأبناء من شبح الانقطاع . وبخصوص دار الطالب أشار الى أنها مبادرة تمخضت عن مشاورات مع شركاء عديدين و أن الكرة الآن في مرمى المسؤولين في العمالة ، وأسباب التأخير مجهولة 

* النائب الاقليمي يستهل حديثه بقوله أن جميع المتمدرسين يكملون مسارهم الدراسي من الابتدائي الى الباكالوريا بفضل جهود الوزارة ، نافيا بذلك ما يروج له حول استفحال ظاهرة الهدر ، مؤكدا أن الاشكال يوجد في الانتقال من سلك لآخر ، وبخصوص داخلية الأرك اعترف بأنه على علم بوضعيتها وأن برنامج التوسعة قيد الدراسة رغم كون ذلك ليس حلا مجديا في نظره 

* رئيس مصلحة الشؤون الادارية والمالية بالنيابة يعترف بأن جميع الداخليات بالإقليم تعمل فوق طاقتها وأن ايغرم ليست استثناء ، والمشكل في نظره لا يتمثل في توزيع المنح بل في الطاقة الاستيعابية للداخليات اضافة الى أن النيابة تتلقى سنويا 5000 طلب منحة .

مشهد مؤثر سيظل عالقا بالأذهان ذلك الذي برهنت عليه  التلميذة فاطمة الزهراء التي تنحدر من دوار أوزون جماعة أضار ، والتي رفضت الاستسلام متشبثة بحقها في التعلم ، فقد تابعها المشاهدون وهي تحكي بجرأة ممزوجة بالبراءة كيف أنها لم تحظ بالمنحة الدراسية فاصطحبت أمها الى مكتب مدير المؤسسة ثم الى  النيابة للاستفسار لتعود خاوية الوفاض وبعدما يئست من الانتظار والوعود ارتأت أن تطرق باب إحدى الأسر لتحل عليها ضيفة مؤقتة في انتظار الذي يأتي وقد لا يأتي ، الأهم عندها هو متابعة دراستها رغما عن كل الاكراهات …فتحية لفاطمة الزهراء

…إن نظرة متفحصة لهذه الأرقام والشهادات الحية تفتح أمامنا بابا لطرح العديد من التساؤلات 

   الا يكرس هذا الوضع المزري في أذهان الناشئة  فكرة المغرب العميق أو ما ينعته البعض بالمغرب غير النافع ؟

  ألا يحق لأبناء المنطقة أن يتمتعوا بحقهم في التمدرس الملائم الذي يكفله لهم دستور البلاد ؟

   أين دور المجتمع المدني الي يبدو أنه قدم استقالته ورفع الراية البيضاء وانكب على الخوض في حسابات ضيقة ؟

 ما سر صمت المنتخبين الذين أقاموا الدنيا ولم يقعدوها خلال الحملة الانتخابية ، وهل جيل المستقبل عندهم أفضل من التعويضات الهزيلة التي يتنافسون عليها ؟

  ما مصير عشرات الفتيات اللواتي حكمت عليهن الظروف بالعيش خارج أسوار المدرسة مرغمات لا بطلات ؟

   كم من نقطة تهم أوضاع  التعليم أدرجتها المجالس الجماعية في دوراتها ؟

  هل ستأخذ الجهات المسؤولة ما كشف عنه البرنامج بعين الاعتبار ، أم أن الأمر مجرد صرخة في واد ؟

ذ المحجوب سكراني

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى