المزيد

هكذا تتخطى الاحباط وتكون انسانا ناجحا

هكذا تتخطى الاحباط وتكون انسانا ناجحا

يمر الإنسان في حياته بالكثير من المواقف التي تؤثر في مشاعره إيجابا أو سلبا، فتارة تراه سعيدا هادئا مبتسما، وأخرى تراه حزينا أو مهموما، وهذا شأن الدنيا لا تدوم على حال ولا تصفو لأحد

وربما زاد الهم والحزن حتى يصل صاحبه إلى حالة من الإحباط

معنى الإحباط

لقد شاع استعمال لفظ الإحباط في عصرنا بمعنى شعور الإنسان بالخيبة لفشله في عمله وعدم تحقيق أهدافه، ويعقب هذا النّوع من الإحباط حالة من اليأس ربّما تؤدّي لترك العمل بالكلّيّة

وقال بعض الباحثين: الإحباط (بمفهومه العصريّ) يعني مجموعة من المشاعر المؤلمة تنتج عن عجز الإنسان عن الوصول إلى هدف ضروريّ لإشباع حاجة ملحّة عنده

من أسباب الإحباط

أولاً: الجهل: فحين عد ابن القيم -رحمه الله- شيئا من الكبائر ذكر منها القنوط واليأْس من رحمة الله، ثم قال: “إنما تنشأ من الجهل بعبودية القلب، وترك القيام بها

ثانياً: قلة الصبر واستعجال النتائج: فتضعف النفوس عن تحمل البلاء والصبر عليه، وتستعجل حصول الخير، فإذا لم يتحقق له ما يريد من زوال البلاء والشدة وقد قل صبره أصابه الإحباط

لهذا كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يربي أصحابه على الصبر، فعن خباب بن الأرت رضي الله عنه قال: شكونا إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وقد لقينا من المشركين شدة، فقلنا: ألا تستنصر لنا؟! ألا تدعو لنا؟! فقال: “قد كان من قبلكم يؤخذ الرجل فيحفر له في الأرض فيجعل فيها، ثم يُؤتى بالمنشار فيوضع على رأسه فيُجعل نصفين، ويُمشط بأمشاط الحديد ما دون لحمه وعظمه، ما يصدُّه ذلك عن دينه، والله ليتمنَّ الله هذا الأمر حتى يسير الراكب من صنعاء إلى حضرموت، لا يخاف إلا الله والذئب على غنمه، ولكنَّكم تستعجلون

قال الشاعر

تريد إدراك المعالي رخيصة ** ولا بد دون الشهد من إبر النحل

ثالثاً: شدة تعلق القلب بالدنيا: فحب الدنيا وشدة التعلق بها مدخل من مداخل الإحباط، ولذلك تجد الفرح بأخذها، والحزن والتأسف على فواتها، قال تعالى: {وَإِذَا أَذَقْنَا النَّاسَ رَحْمَةً فَرِحُوا بِهَا وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ إِذَا هُمْ يَقْنَطُونَ)[الروم:36]، وقال تعالى: (وَلَئِنْ أَذَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنَّا رَحْمَةً ثُمَّ نَزَعْنَاهَا مِنْهُ إِنَّهُ لَيَئُوسٌ كَفُورٌ * وَلَئِنْ أَذَقْنَاهُ نَعْمَاءَ بَعْدَ ضَرَّاءَ مَسَّتْهُ لَيَقُولَنَّ ذَهَبَ السَّيِّئَاتُ عَنِّي إِنَّهُ لَفَرِحٌ فَخُورٌ}[هود:9-10]

من صور ومظاهر الإحباط

هناك مظاهر قد تدل على إصابة الإنسان بالإحباط، ومنها

الحزن الشديد والقلق: أول علامات الإحباط هي الشعور بالحزن الشديد، أو حين يحس الإنسان في غالب الأحيان أن لا شيء في حياته على ما يرام. هذا النوع من الحزن قد ينتج عنه شعور أنه لا ينفع معه عزاء، فتجد الإنسان المحبط منغلقاً على نفسه دائماً وغير قادر على استقبال أية أفكار إيجابية، وحين لا يحسن العبد التعامل مع الضيق والقلق يكون فريسة لداء الإحباط

والقلق والحزن لا يكاد يسلم منه كثير من الناس، لكن أهل الإيمان يستشعرون قول رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: “ما يصيب المؤمنَ من وَصَبٍ ولا نَصَبٍ، ولا سقمٍ ولا حزن، حتى الهّمُّ يهمه إلا كفر الله به من سيئاته”. وبهذا يتجاوزون مرحلة القلق والحزن وينتظرون من الله تعالى الفرج

الشعور بالعجز والكسل: فشعور الإنسان بذلك يجعله يصاب بالإحباط؛ فيصبح خاملاً لا ينجز شيئا لدينه ولا لدنياه

وكان النبي -عليه الصلاة والسلام- يتعوذ كثيراً من هذه الآفات، قال أنس -رضي الله عنه-: كنتُ أخدمُ رسولَ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-، فكنت أسمعه كثيراً يقول: اللهم إني أعوذ بك من الهم والحَزَنِ، والعَجْزِ والكَسَ

اليأس والقنوط: وهما يقضيان على الأمل، ويحولان دون العمل، ويذيقان من تلبس بهما مرارة الإحباط والفشل، فالمؤمن لا يقنط أبداً {وَمَنْ يَقْنَطُ مِنْ رَحْمَةِ رَبِّهِ إِلَّا الضَّالُّونَ}[الحجر:56]

اعتزال الناس والانكفاء على النفس؛ هربا من مواجهة الأعباء وتحمل المسؤولية التي تجب على الفرد؛ ويأساً من إصلاح المجتمع، ولقد نهى النبي -صلى الله عليه وسلم- عن إشاعة روح التشاؤم في المجتمع، والادعاء بأن الخير قد انتهى من الناس. قال -صلى الله عليه وسلم-: “إِذَا سَمِعْتَ الرَّجُلَ يَقُولُ: هَلَكَ النَّاسُ، فَهُوَ أَهْلَكُهُمْ

فالمحبطون كثيراً ما تسمع منهم: “لا فائدة مما نقوم به”، “لن تتعدل الأوضاع”، “ذهب الخير”… إن من يقول هذا فإنه يقتل الحياة ويغتال الأمل ويزرع اليأس، ويكون أول الهالكين بتشاؤمه وإحباطه

إن ديننا يدعونا إلى التفاؤل والبِشر، وترك اليأس والقنوط والتخاذل، حتى في أشد الظروف قتامة وصعوبة، فالقرآن يخبرنا {فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا * إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا}[الشرح:5-6]، والنبي -عليه الصلاة والسلام- يبين لنا: “أَنَّ النَّصْرَ مَعَ الصَّبْرِ، وَأَنَّ الْفَرَجَ مَعَ الْكَرْبِ

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى