المزيد

لكل زوج “فظ” .. زوجتك أمانة في عنقك

كتب ـ اسلام حامد
تعتبر من أهم مشكلات مجتمعنا المعاصر الآن هى اختلاف الطباع بين الزوجين او قسوة احدهما على الاخر وغالبا ما تكون القسوة من الرجل تجاه زوجته خاصة اذا كانت ضعيفة او لا تستطيع الدفاع عن نفسها بما يحفظ لها كرامتها امام زوجها .

وبعض الازواج يظن انه بامتلاكه لزوجته ان يكون من حقه ان يفعل بها ما يشاء من سباب او اهانة او تقريع ولوم او اهانة معنوية بالتحقير من شان زوجته بينه وبينها وبينه وبين الناس وإعلاء شان الآخرين عليها .

ونقول لمن يفعل ذلك هل تزوجت من اجل ان تهين وهل ترضي لأختك هذا او لابنتك ؟ يقول تعالى {ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجاً لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة} الروم 21، فبين الأزواج هناك “سكن” و”ومودة” و”رحمة” وهذا الجانب من أعظم الجوانب التي دعا إليها الإسلام، فقد ذكر الله تعالى الرحمة في مواطن عدة في القرآن الكريم، بل ومدح أهل الرحمة وجعل وصل الرحم والمرأة من الرحم.

واول ما دعا إليه الإسلام بعد توحيد الله عز وجل الجانب الإجتماعي والأخلاقي، فكل الآيات التي دعت الى الأخلاق وصلة الرحم والتواصل بين المسلمين على المستوى العام والخاص نزلت بمكة في العصر الأول مما يوحي بأن الخلق تقدم بالدين على الأحكام، فالصحابة رضوان الله عليهم جاءوا الى المدينة وهم على توحيد وخلق فلما جاءت الأحكام مع نفس وقلب تهيأ لتلقيها آتت أكُلها. فالآيات المكية استعرضت صفات عباد الرحمن المتعلقة بأخلاقهم ومعاملاتهم وودهم ورأفتهم على نسائهم: { والذين يقولون ربنا هب لنا من أزواجنا وذرياتنا قرة أعين واجعلنا للمتقين إماماً، أولئك يجزون الغرفة بما صبروا} (الفرقان 74) .

والغريب أن بعض المسلمين قد غيّبوا جانب علم الأخلاق، وظنوا أن الدين محصور في إقامة بعض أحكام الدين، فالمسلم الذي يعرف أحكام الصلاة والصيام تجده في تعاملاته في غاية القسوة والجفوة.

ومن هنا فالزوج مطالب بكل معاني الرحمة تجاه زوجته، فالمرأة تنخلع من أبيها وأمها وإخوتها، فكل هؤلاء كانوا يمثلون لها لوناً من ألوان الرحمة، فالله تعالى جعل الزوج بديلاً لكل هؤلاء، فالمطلوب رحمة أهل حرمت من رحمتهم من أجله.

واذا نظر الرجل للمرأة بعين الرحمة فهي عبادة يؤجر عليها ، فلا يكلفها حملاً فوق حملها، وثبت “ أن النبي صلى الله عليه وسلم استشار يوماً أصحابه في أمر فأشار عليه أبو ذر الغفاري، ولم يقر هذا الرأي في نفس بلال بن رباح، فلما جاء الدور بالمشورة على بلال قال ما هذا بالرأي يا رسول الله، فغضب أبو ذر وهو من قبيلة غفار وفي لحظة غضبه قال أبو ذر لبلال يا ابن السوداء فغضب النبي صلى الله عليه وسلم غضباً شديداً، وقال يا أبا ذر انك إمرؤٌ فيك جاهلية أعَيّرَته بأمه، يا أبا ذر إخوانكم خولكم (أي من قاموا على خدمتكم) قد جعلهم الله تحت أيديكم، فأطعموهم مما تطعمون واكسوهم مما تلبسون ولا تكلفوهم ما لا يطيقون، فإن كلفتموهم فأعينوهم”.

فإذا كان النبي صلى الله عليه وسلم أمرنا بالتصرف هكذا مع الخدم فما بالنا بنسائنا. وقد صرح النبي صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع وقال “حق نسائكم عليكم أن تطعموهن مما تطعمون، وأن تكسوهن مما تلبسون، وأن لا تضربوا الوجه ولا تقبحوه“.

وعلى الزوج أن يهيء لزوجه نفسية تصلح فيها أن تنتقي قواعد التربية السليمة للأبناء، فإدخال الزوجة لحالة من الضيق والغضب والحزن الدائم يسبب خللاً في عطاء المرأة للأولاد ولك كزوج فإن أعطت المرأة كارهة لن يدوم العطاء مع كرهها، فكم من حالات النشوز عند النساء سببها سوء خلق الزوج وسوء عشرته.

ولذا ثبت في الحديث “ أن الأقرع بن حابس رأى النبي صلى الله عليه وسلم يقبل الحسن والحسين فقال يا رسول الله “ أو نقبل أبناءنا والله إن لي منهم عشرة ما قبلت منهم أحداً قط، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم “ وماذا أصنع لك إذا كان الله قد نزع الرحمة من قلبك”.

ورحمة الزوج بزوجه تكون في كنف الله وطاعته، فالرحمة تكون بإعانتهن على تأدية الفريضة، وأن يأخذها بكل أسلوب بإمكانه أن يبلغ بها أعلى مراتب الرقي في دينها، فالمسلم مطالب أن يجعل زوجته معه في الجنة { هم وأزواجهم في ظلال على الأرائك متكئون}(يس-56).

فهذا المعنى فطن إليه الصحابة رضوان الله عليهم، فهذا الزبير بن العوام أغضب يوماً السيدة أسماء بنت أبي بكر الصديق، فجاءت لأبيها ثائرة تشكو له أذى الزبير، فرد أبو بكر قائلاً “ يا أسماء إصبري على كل ما يصدر من الزبير فلقد علمت من حديث النبي صلى الله عليه وسلم “أنه أحد العشرة المبشرين بالجنة” وقد سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول:” من ابتكر بامرأة فمات عليها كانت زوجه بالجنة وإني لأرجو الله أن تكوني زوجه بصبرك عليه“.

فمن وجدت في زوجها الغلظة فلتلزم الرحمة طاعة لله وأداء لحق الله، لذلك نصح ذلك الأعرابي زوجه قائلاً: “خذي العفو مني تستديمي مودتي ولا تغضبي عند ثورتي”، أي أنه من دواعي الرحمة أن يحتوي عفوه خطأها، حتى تدوم المودة وتدوم الرحمة .

وعندما تريد أن تتعامل مع الآخر، حتى لو كان ذلك في داخل العائلة؛ في تعاملك مع أبيك وأمك، أو مع أولادك وزوجك ـ سواء كنت رجلاً يتعامل مع زوجته، أو امرأةً تتعامل مع زوجها ـ بأن تعتمد أسلوب اللين الذي يحترم مشاعر الآخرين ولا يسيء إليها، لأن ذلك هو السبيل لأن تُدخِل فكرتك في عقل الآخر، وأن تجذبه إليك في عاطفته ومشاعره وإحساسه؛ أن تكون كلمة القلب الذي يجتذب قلب الآخر، كما هي كلمة العقل الذي يجتذب عقل الآخر
أما العنف، فهو أسلوب القسوة، وقد يتمثل في الشتائم تطلقها ضد الآخر الذي لا ترتاح إليه، أو الذي بينك وبينه مشكلة، بحيث تعمد إلى إثارة عصبيته، أو الضغط على مشاعره، بما يشعر معه أنك تُسقط كرامته، وتتحدى ذاته، وتوحي إليه بأنك في موقع العلو وهو في موقع الأسفل.
تقول الاية الكريمة: (خلق لكم من أنفسكم أزواجاً) استعمل القرآن كلمة أزواجاً ولم يقل نساء، أي لا يتحقق إلا من علاقة زواج. فإذا لم تكن زوجته فإنه من المستحيل أن تصبح سكناً حقيقياً له.

ونكمل الآية الكريمة : “وجعل بينكم مودة ورحمة”. جاء السكن سابقاً على المودة والرحمة. إذ لابد للإنسان أن يسكن أولاً ، أن يختار المرأة الصالحة ويتقدم إليها ويتزوجها ليتحقق السكن. فإذا قام السكن جعلت المودة والرحمة. إذن لا يمكن أن تقوم المودة والرحمة إلا من خلال وفي إطار سكن، أي من خلال وفي وإطار زواج.

و قد اكدت دراسة اعدها الدكتور عبدالسميع محمد الانيس الاستاذ بكلية الشريعة والدراسات الاسلامية بالشارقة، ان استخدام اسلوب الحوار داخل الاسرة له اثره الكبير في استقرارها وضمان مستقبلها وتوفير جو من الحرية لتبادل الاراء فيما بينها والتحاور في المشكلات التي تعترضها مما يسهل امكانية تجاوزها.
وحذرت الدراسة من اللجوء الى اهانة المرأة لاخضاعها للرجل والانقياد على كره منها لرغباته ، بل ينبغي في حال نشوء المشكلة اللجوء الى اسلوب الحوار وحل الخلاف بالتي هي احسن عن طريق الاقناع وقد اثبتت الدراسة ان النبي صلى الله عليه وسلم لم يستعمل اسلوب الضرب في معالجة المشكلات الزوجية وقد جاء عن عائشة رضي الله عنها قالت: ما ضرب رسول الله صلى الله عليه وسلم خادما له قط، ولا امرأة له قط، ولا ضرب بيده الا ان يجاهد في سبيل الله.
ودعت الدراسة الى الاسترشاد بالهدي النبوي والاقتداء بالنبي صلى الله عليه وسلم الذي علمنا فن الحوار واستخدام اساليب الاقناع لمعالجة ما يعترضه من مشكلات.. وابانت الدراسة ان اسلوبي الحوار والاقناع لهما الاثر الفعال في تغيير المفاهيم، وإعادة صياغة العقول واستمالة النفوس وتطييب القلوب.

واوصت الدراسة بانتهاج عدد من الاساليب الفاعلة في معالجة المشكلات التي تقع ضمن اطار الاسرة للحفاظ على الحياة الاسرية من التصدع والانهيار ومنها اسلوب العظة والتذكير، واسلوب العتاب المتزن الجميل، واسلوب التروي والتثبت قبل اصدار الاحكام، واسلوب الابتسامة والدعابة.
وحذرت الدراسة الرجل من تقصي عيوب زوجته، وترصد اخطاءها ومواطن الضعف عندها، مما يؤدي الى فساد الحياة الزوجية ، ودعت الدراسة الى استخدام اسلوب الصراحة في التعامل مع المشكلات الزوجية وهو منهج يبعث على الاطمئنان ويؤدي الى الراحة عند كلا الطرفين في حياتهما الزوجية.

http://www.moheet.com

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى