المزيد

المجادلة بالتي هي أحسن

المجادلة هي : مقابلة الحجة بالحجة ، وكشف الشبه لدى من تجادله بالأدلة المقنعة والبراهين الواضحة 

فالمجادلة والجدل في الأصل هو الاحتجاج لتصويب رأي ورد ما يخالفه ، فهو حوار وتبادل في الأدلة ومناقشتها ؛ لأن من الناس من لا تقنعه الموعظة ولا التوجيه والإرشاد ، فيحتاج إلى مجادلة ومناظرة لإقناعه وتوجيهه ، فقد تكون عند البَعض شبهة ، أو يقع في تأويل ما ، فهذا الجنس من الناس يحتاج إلى مجادلة ومناظرة ، بما يراه المُجادل والمناظر مناسبا من حاله ، مع الأخذ بالاعتبار طبيعة الزمان والمكان ، وأيضا عقيدة المناظر ومذهبه ، فإن هذا من الحكمة

أساس المجادلة : الرغبة في الوصول إلى الحق

وغالب المناظرات التي وصلتنا كانت تقوم على أساس من الاحترام المتبادل ، والرغبة من الطرفين في الوصول إلى الحق ، واستخدام أدوات المجادلة الصحيحة ، وتصحيح النيات ، وعدم استعمال خلفيات مسبقة ، وإنما إحسان الظن بالخصم ، وعدم سحب نتائج المجادلة إلى الحياة العملية ، إنما تنتهي بانتهاء مجلسها ، يقول يونس الصفدي :  ما رأيت أعقل من الشافعي ناظرته يوما في مسألة ثم افترقنا ، ولقيني وأخذ بيدي ، ثم قال : يا أبا موسى ، ألا يستقيم أن نكون إخوانًا وإن لم نتفق في مسألة   سير أعلام النبلاء  10/ 16

وأما مع غير المسلمين فالواجب أيضا استعمال الأسلوب الحسن في النقاش ، واحترام الخصم المقابل ، وإن سوء أدب المقابل ، وقلة حيائه لا يسوغ أبدا معاملته بالمثل ؛ لأن المسلم يتعامل من منطلق ما يمليه عليه دينه ، وما تفرضه أخلاقه إلا الذين ظلموا منهم


أدب القرآن السامي في هذا الباب 

وقد أعطانا القرآن الكريم نماذج تطبيقية للمجادلة بالتي هي أحسن ، تربية لنا ، وتعليماً ، منها 

قول الله تعالى :  قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلَّا نَعْبُدَ إِلَّا اللَّهَ وَلا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا   آل عمران:64

وقد أمر الله تعالى نبييه موسى وهارون ، عليهما السلام ، أن يجادلا الطاغية فرعون بالتي هي أحسن ، وأن يلينا له القول ، قال تعالى :  فَقُولا لَهُ قَوْلا لَيِّنًا لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى    طه:44

وقال تعالى مادحاً نبيه صلى الله عليه وسلم ، بما امتن عليه ، من جعله رحيماً بالمدعوين ، مشفقاً عليهم ، وأن ذلك من أسباب إقبالهم عليه فقال :  فَبِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ اللّهِ لِنتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنتَ فَظّاً غَلِيظَ الْقَلْبِ لاَنفَضُّواْ مِنْ حَوْلِكَ   آل عمران

على كل حال ؛ فإن حسن الخلق مع الغير قيمةٌ أعلى في الإسلام من شأنها ، وأكثر من الإشارة إليها ؛ فهي أحد معايير القرب من الله تعالى

 ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ  

صدق الله العظيم

منقول للإفادة 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى