المزيد

الثناء والمدح لمن يستحق

الحمد لله وحده وبعد؛فالمتأمل في مواقف النبي صلى الله عليه وسلم والدارس لسيرته يجد أنه يثني على من عمل خيرا ؛ويمدح من فعل خيرا غير ملفت  لدينه أوعقيدته عملا بقوله تعالى  :  ولا يجرمنكم شنآن قوم على ألا تعدلوا اعدلوا هو أقرب للتقوى  المائدة
ومن ذلك قوله  تبارك وتعالى : ومن أهل الكتاب من إن تأمنه بقنطار يؤديه إليك ومنهم من إن تأمنه بدينار لا يؤده إليك إلا ما دمت عليه قائما
و من سيرته وحياته نقرأ ثناءه صلى الله عليه وسلم على لبيد بن ربيعة بقوله :  أصدق كلمة قالها شاعر كلمة لبيد  ألا كل شيء ما خلا الله باطل  ,  وقد قال لبيد ذلك في جاهليته قبل أن يسلم
وفي الحديث المتفق عليه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قيل له : يا رسول الله إن دوسا عصت وأبت ، فادع الله عليها فقال النبي صلى الله عليه وسلم : ( اللهم أهد دوسا وائت بهم ) أورده البخاري في كتاب الجهاد والسير
ومثله ما رواه الإمام أحمد وأبو داود والترمذي وغيرهم عن أبي موسى أن اليهود كانوا يتعاطسون عند النبي صلى الله عليه وسلم رجاء أن يقول لهم : يرحمكم الله، فكان يقول لهم :  يهديكم الله ويصلح بالكم
وثناؤه على تحالف بعض أهل الجاهلية على نصرة المظلوم بقوله :  لَقَدْ شَهِدْتُ فِي دَارِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جُدْعَانَ حِلْفًا مَا أُحِبُّ أَنَّ لِيَ بِهِ حُمْرَ النَّعَمِ ، وَلَوْ أُدْعَى بِهِ فِي الإِسْلامِ لأَجَبْتُ
ومن ذلك ما يرويه محمد بن إسحاق أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لأصحابه لما اشتد أذى قريش لهم:  لو خرجتم إلى أرض الحبشة فإن بها ملكا لا يظلم عنده أحد ، وهي أرض صدق حتى يجعل الله لكم فرجا مما أنتم فيه
ومنه ما رواه البيهقي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لابنة حاتم الطائي لما سألته أن يخلي سبيلها وعددت بعض سجايا أبيها : خَلُّوا عَنْهَا ، فَإِنَّ أَبَاهَا كَانَ يُحِبُّ مَكَارِمَ الأَخْلاقِ ، وَاللَّهُ يُحِبُّ مَكَارِمَ الأَخْلاقِ
– وقوله صلى الله عليه وسلم : ( الناس معادن خيارهم في الجاهلية خيارهم في الإسلام ، إذا فقهوا ) رواه البخاري ومسلم
وقول النبي صلى الله عليه وسلم في أسارى بدر :  لَوْ كَانَ الْمُطْعِمُ بْنُ عَدِيٍّ حَيًّا ، ثُمَّ كَلَّمَنِي فِي هَؤُلَاءِ النَّتْنَى لَتَرَكْتُهُمْ لَهُ  رواه البخاري

ومن هذا القبيل نهيه صلى الله عليه وسلم عن قتل أبي البحتري بن هشام ، في غزوة بدر مع كونه كافرا وكان النهي عن قتله ، لأَنه كان أكف القوم عن رسول اللَّه صلى اللَّه وسعيه في نقض صحيفة الجور
ومنه أيضا ما أخرجه البخاري في الأدب المفرد  عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال :  لو قال لي فرعون ( بارك الله فيك  ,  قلت : وفيك ، وفرعون مات 

ومن خلال ماسبق يستطيع كل عاقل أن يزن معاملته مع الآخرين بميزان النبي صلى الله عليه وسلم ؛بل ويزن مجتمعه كله فيرى البون شاسعا والفرق كبيرا بين الشرع والواقع.بحيث تلحظ عدم الإنصاف هو السائد
والإقصاء كأنه مبدأ ثابت؛وغالبا ما ترى المسيء مَسُودا
والكاذب صدوقا؛والخائن أمينا؛والظالم معينا؛والمذموم ممدوحا؛وبذلك انقلبت الموازين وانعكست المفاهيم والله المستعان والموفِّق للصواب

الداعية احمد يخلف لهبة بريس

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى