المزيد

الأطلس الصغير: الحق في الماء

جاء في العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والتفافية الصادر عن الجمعية العامة للأمم المتحدة ستة 1966 والمنفذ 1976: أن الماء ضروري لتحقيق طائفة من الأغراض المختلقة لإعمال العديد من الحقوق المنصوص عليها قي العهد؛ إلى جانب استخدامه للأغراض الشخصية والمنزلية ولإنتاج الغداء ( الحق في الغداء الكافي) وقي الصحة البيئية (الحق في الصحة ) والماء ضروري لتأمين سبل العيش , ومن حقوق الإنسان أن يمنح كل فرد الحق في الحصول على كمية من الماء تكون كافية ومأمونة ومقبولة .. وجاء في ” العقد الدولي للعمل : الماء من أجل الحياة أن الماء يكتسي أهمية حاسمة قي في تحقيق التنمية المستدامة بما في ذلك السلامة البيئية والقضاء على الفقر والجوع  في المادة 11 و12 : أن هذا الحق بالاقتران مع حقوق أخرى مجسدة في الشرعية الدولية لحقوق الإنسان وأهمها الحق في الحياة والكرامة الإنسانية

تعيش ساكنة المناطق القروية الجنوبية الجبلية ومنها الأطلس الصغير والجنوب الشرقي أوضاعا صعبة ومعاناة إنسانية للحصول على ”شربة ماء ” نظرا لاستمرار الجفاف الحاد والقحط ؛ في صيف اشتدت قيه الحرارة فاقت الخمسين أحيانا , المنطقة أصيبت بالجفاف المزمن خلال العقدين الأخيرين حيث لا يتعدى هطول الأمطار الكافية سنة من كل خمس عجاف’ مما أدى إلى فقدان وهلاك الماشية والغطاء النباتي وتدهور الموروث الغابوي وارتفاع وتيرة هجرة الأسر  ,  بعد أن كانت من فبل محصورة في الرجل

الفلاحة المعيشية التي كان يعتمد عليها السكان لم تعد تحقق الاكتفاء الذاتي وانعدام موارد عيش بديلة مما زاد من تفاقم الوضع؛ وتدهور النسيج المجتمعي بالمنطقة بعد عقود من الإقصاء من طرف الدولة والغياب الشبه التام لمشاريع الحكومة – خصوصا بعد تكرار واستفحال أزمة الجفاف – وعدم وجود أية خطة وأي مشروع للتنقيب وجلب وإيصال الماء للسكان من السدود المجاورة !! مما ولد يأسا واستياء شديدين لدى المواطنين الذي تأكد لهم بالملموس زيف كل الخطب وكل شعارات التضامن والمساواة والعدالة الاجتماعية.. كان على الدولة بل ” ينبغي لها أن تضمن أن يؤدي تخصيص الموارد المائية وتيسير وصولها إلى جميع أفراد المجتمع دون تمييز بل ينبغي ألا تفضل الجهات المسئولة الاستثمار بصورة غير مناسبة في خدمات ومرافق الإمداد بالمياه الباهظة الثمن التي لا يكون بالإمكان إلا جزء صغير محظوظ من السكان الوصول إليها في الغالب بدلا من استثمار في خدمات ومرافق تفيد جزء أكبر بكثير من السكان ” كما جاء في الفقرة 1 من المادة 11 و 12 من العهد الدولي

المواطنون الفقراء هنا؛ في هذه الرقعة المحرومة من أطراف المغرب العميق؛ البعيد عن المحور والمركز؛ متروكون لأمرهم وحالتهم الإنسانية البالغة التعقيد في قراهم المتضررة يعانون في قسوة للحصول على صهريج ماء بأثمان باهظة ليست في مقدرتهم

أين ممثلو المنطقة في البرلمان ؟ أين المنتخبون وأحزابهم ؟ وأين جمعيات المجتمع المدني؟ وهنا أدعو المنضمات الإنسانية والجمعيات الحقوقية عوض التركيز فقط على تنظيم ندوات وتظاهرات (تنظيرية كلامية وفكرية..) في المدن داخل القاعات والصالونات المكيفة والاكتفاء بإصدار البيانات والتوصيات؛ الاهتمام بحقوق الإنسان في البادية ؛ والانتقال إلى التظاهرات الفعلية وإلى النزول إلى الميدان والاتصال بالمواطنين في العالم القروي الجبلي؛ ومن مبدأ الحق في الماء  تنظيم قوافل لشاحنات صهاريج لتزويد بعض دواوير جماعات هذه المناطق كعمل رمزي وفعل تنديدي وإثارة الانتباه إلى هذا الوضع الخطير وكرسالة تضامن كذلك مع نساء وأطفال ومواطني المنطقة الذين يعيشون الفقر والبؤس، والحرمان من أبسط أسس الحياة : الماء ؛ الذي هو حق لا يمكن الاستغناء عنه للعيش عيشة كريمة وهو شرط مسبق لأعمال حقوق الإنسان الأخرى

يقول كوفي عنان الأمين العام السابق لأمم المتحدة في رسالة بمناسبة بدأ عقد ”الماء من أجل الحياة ” 22مارس..’’ 2005 وينبغي لنا أن نحرر النساء والفتيات من واجب نقل المياه اليومي، حيث يقمن بذلك غالبا عبر مسافات طويلة. ويجب علينا أن نشركهن في اتخاذ القرار بشأن إدارة المياه. ونحن في حاجة إلى جعل المرافق الصحية أولوية. وذلك هو المجال الذي يقل فيه التقدم أكثر من غيره ،، و ذلك لا يتحقق دون أن يتواجد ويمتد ويتكاثف نشاط المجتمع المدني والفاعلون السياسيون والحقوقيون داخل الوسط القروي؛ ويتجه إلى تحرير البادية من الموروث والقوانين الاستعمارية السالبة لملك القبائل وأراضي السكان؛ والسالكة لسياسة الاحتكار وتدبير وتوفيرا لماء لصالح طبقة الإقطاعيين وبمناطق تواجد ضيعاتهم ومصالحهم دون الأغلبية الفقيرة البئيسة من سكان الجبال التي غالبا ما تُشيد السدود على أراضيها وأملاكها

أحمد أوزال

menarapress.com

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى