المزيد

آفة الغرور

آفة الغرور

الغرور آفة مهلكة سببه الانغماس في متع الحياة الدنيا وشهواتها فقد يغتر الإنسان بقوته أو بماله وولده، أو بجاهه ومنصبه، أو بمظاهر زينة الحياة الدنيا، ومتى أصيب الإنسان بهذه الآفة تعاظم على إخوانه وألَّب القلوب ضده، وحرض الناس على بغضه وقضى على ما في النفس من أمل وسعادة، فالغرور إعجاب الإنسان بما حوله من أشياء فيتزين له الخطأ بأنه صواب، والمنكر بأنه معروف، ولذلك فقد يعجب العالم بعلمه، والتاجر بتجارته، والصانع بصنعه، ويدعوه هذا إلى تنقص الآخرين ويجعل بينه وبينهم سداً من عدم التواصل والتعاون

ولا ينزل الغرور على الإنسان إلا عند قمة النشوة وغمرة الذهول، وإذا استحكم على حياته وتصرفه، عصف به عن جادة الصواب، وأوهمه أن له قوة أعظم من قوة غيره، ومقاماً أعلى من مقام غيره، ونتيجة ذلك أن يتيه في الحياة، ويتكبر على الناس، ويعرض عن قبول الحق، ويتمادى في الاستعلاء والطغيان، والله تعالى يحذر عباده من ارتكاب صفات الغرور كقوله سبحانه: وَلَا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحًا إِنَّكَ لَن تَخْرِقَ الْأَرْضَ وَلَن تَبْلُغَ الْجِبَالَ طُولًا( 37 ) كُلُّ ذَلِكَ كَانَ سَيِّئُهُ عِندَ رَبِّكَ مَكْرُوهًا( 38 )) سورة الإسراء، ويقول جل ذكره: وَلَا تُصَعِّرْ خَدَّكَ لِلنَّاسِ وَلَا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحًا إِنَّ اللَّـهَ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ( 18 )  سورة لقمان

إن الغرور يورث فقدان النظر السديد، واتباع الهوى والانسياق إلى الهلاك والردى، ومن أعظم أنواع الغرور، أن يغتر الإنسان بأمله في طول البقاء فيؤخر التوبة ويتمادى في المعصية، ويعطي نفسه أماناً، وينسى فجأة الموت وأحداث الزمان، ولا يفكر في المصير الذي سيصير إليه ومن أعظم الغرور كذلك أن يرى هذا المغتر تتابع نعم الله عليه ثم يقيم على ما يكره، قال ابن الجوزي: أعجب الأشياء اغترار الإنسان بالسلامة وتأميله الإصلاح فيما بعد وليس لهذا الأمل منتهى ولا للاغترار حد

إن العلاج الصحيح لهذه الآفة المهلكة يُلتمس في تعاليم الإسلام التي تصلح النفوس وتجمع القلوب، وتؤكد للناس حقيقة واضحة جاءت في قوله تعالى: تِلْكَ الدَّارُ الْآخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لَا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الْأَرْضِ وَلَا فَسَادًا وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ(83 ) سورة القصص

فلو خلص المغتر عمله من حب الدنيا وقارنه بطلب الآخرة لنجا الناس من فتن عظيمة

فالعاقل يسعى دائماً إلى تطهير نفسه من الأدناس، وتنزيههما من الأرجاس، وحملها على معالي الأمور، فلا تقيم على نقيصة، ولا ترضى بالذل، ولا تقبل التعالي والغرور، ولا تميل إلى شائن الأفعال، بل تأخذ بزمام صالح الأعمال، وتسير في مناهج فاضل الأخلاق، والحياة لا تستقيم إلا بصلاح الدين والأخلاق، وسلامة الصدر من كل العيوب والآفات

دين ودنيا

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى