لم يقتصر ارتفاع درجات الحرارة على أسابيع طويلة من شهري يوليوز وغشت في جل مناطق المملكة، في موجة حرارية هي الأطول منذ عشرين سنة بالمغرب؛ بل ما زال ارتفاع درجات الحرارة مستمرا خلال الأسبوع الأول من شهر شتنبر الجاري كذلك
وكشفت معطيات تتوفر عليها جريدة هسبريس الإلكترونية أن استمرار موجة الحرارة خلال شهر شتنبر 2016 ليست استثناء، مؤكدة أن السنوات الماضية شهدت موجات مماثلة كان آخرها في الفترة الممتدة ما بين 5 و8 شتنبر 2011، حيث بلغت الحرارة 44.9 درجة في تارودانت مسجلة يوم 7 شتنبر، وبلغت 44.5 درجة بكلميم، و46.8 درجة بالسمارة يوم 8 شتنبر من السنة نفسها
إلى ذلك، أشار التقرير، الذي تتوفر عليه الجريدة، أن عام 2005 شهد بدوره موجة حرارية خلال شتنبر، حيث جرى تسجيل 45 درجة بمدينة العيون يوم 4 شتنبر 2005، و44.9 درجة بأكادير المسيرة يوم 3 شتنبر، فيما تم تسجيل 42.8 درجة بطانطان، و42.6 درجة بتزنيت خلال اليوم نفسه، و41.2 درجة بشفشاون يوم 4 شتنبر
الموجة الحرارية استمرت خلال شتنبر من عام 2006 كذلك، حيث وصلت درجة الحرارة إلى 44.6 درجة بالقنيطرة يوم 4 شتنبر 2006، وبلغت 42 درجة بسطات، و41.7 بفاس السايس يوم 3 شتنبر
أما بخصوص فصل الصيف الجاري، فقد سُجل خلال يوليوز المنصرم 21 يوما ساخنا ببني ملال تجاوزت درجات الحرارة خلاله 39 درجة مئوية، و20 يوما في مراكش، و19 يوما في فاس، و17 يوما في السمارة، و31 يوما في الرشيدية. وبلغ معدل درجات الحرارة المسجلة في المغرب ما بين 3 إلى 5 درجات فوق المعدل الطبيعي في شهر يوليوز، وما بين 4 إلى 5 درجات خلال شهر غشت، حيث تميزت هذه السنة على الخصوص باستمرار موجة الحر
وعن أسباب موجة الحر التي يشهدها المغرب منذ شهور، قال الحسين يوعابد، رئيس مصلحة التواصل بالمديرية الوطنية للأرصاد الجوية، إن الظاهرة ناجمة عن صعود هواء قاري جاف وساخن من ناحية الجنوب الشرقي والتي تعرف بظاهرة “الشركي”، والتي تسبب في ارتفاع درجة الحرارة والتي بلغت أربعين درجة في كل من الجنوب والجنوب الشرقي وداخل اللوكوس وسوس وفي هضاب تادلة والرحامنة وسايس وجنوب الشرقي للبلاد
وأوضح يوعابد، ضمن تصريح لجريدة هسبريس، أن عاملا آخر عُلويا تسبب في استمرار الموجة، مبرزا أن تمركز مرتفع جوي في طبقات الجو العليا، 3-5 كيلومترات، يتسبب في هبوط التيارات الهوائية من الأعلى إلى الأسفل، والتي بدورها تتسبب بضغط الهواء وتكدسه في طبقات الجو الدنيا فترتفع بسببه درجات الحرارة
وأفاد المتحدث بأن هذه الوضعية تحبس التيارات الحارة الصاعدة من سطح الأرض، فترتد مرة أخرى إلى الأرض، فترتفع درجة الحرارة وتنخفض درجة الرطوبة. وهذه الآلية تُشكل قُبة هوائية فوق المنطقة تستمر لبضعة أسابيع، فيرتفع معدل درجة الحرارة بشكل يفوق المعدل السنوي للشهر نفسه بأكثر من 5 درجات مئوية أو نحوها
وتابع رئيس مصلحة التواصل بالمديرية الوطنية للأرصاد الجوية: “هذه الوضعية من الأجواء تمنع عادة أي نظام مناخي مغاير يدخل المنطقة ليغيّر في درجة الحرارة، وهذا ما يُفسر بقاء الموجة الحارة لعدة أسابيع فوق المنطقة ككتلة هوائية حارة وجافة”، وفق تعبير المسؤول بالأرصاد
من جهته، يرى علي شرود، الأستاذ المتخصص بجيودينامية الأرض والبيئة بجامعة مولاي إسماعيل بالراشيدية، أن المغرب لا يستثنى من المنطقة المتوسطية التي شهدت بدورها ارتفاعا في درجات الحرارة، موضحا أن الموجة الحرارية لا تأتي بشكل فجائي بل تتطور تدريجيا على مر سنوات وعقود، موضحا أن موجة الحر يمكنها الاستمرار إلى غاية شهر أكتوبر في بعض الحالات
وأفاد شرود، ضمن حديث جمعه بجريدة هسبريس الإلكترونية، بأن ارتفاع درجات الحرارة يأتي في سياق التغير المناخي والاحتباس الحراري، محذرا من تداعيات ارتفاع درجات الحرارة بالمغرب يمكنها إلحاق الأذى بالمياه الجوفية التي يتقلص مخزونها، ناهيك عن حقينة السدود التي لم تتجاوز 70 في المائة كنسبة امتلاء خلال السنوات الماضية
ولفت الباحث المغربي في الجيولوجيا البيئية إلى أن ارتفاع درجات الحرارة، خلال الشهور الأخيرة بالمغرب، تسبب في جفاف شديد في التربة الطينية، موضحا أن أي تساقطات سريعة يمكنها تكوين فيضانات وسيول خطيرة؛ وهو ما يهدد البنية التحتية بعدد من المناطق، داعيا المسؤولين والسلطات المغربية إلى تجديد البنية وتهيئتها بالطريقة التي تتلاءم مع التغيرات المناخية
هسبريس