رجع القاتل ووجد الحساء وشربه فبمجرد أن وصل إلى جوفه بدأت مصا رنه تتقطع فأرسل صيحات متتالية وخرجت روحه هرع أصحاب المنزل نساء ورجالا يتساءلون عما جرى من له الجرأة في اقتحام الحصن وقام بهذا العمل الإجرامي وجهت أصابع الاتهام إلى (لاحا )لأنها بنت بوقدير وهي التي انتقمت لابن عمها لكنها لتحمي نفسها فضحت السر وقالت لهم إنني رأيت الراعي نزل من الغرفة صباح هذا اليوم مسرعا ذهبوا فورا إلى الغابة والقوا القبض على (احراو ) وهذا اسم الراعي وفتشوه ولسوء حظه وجدوا القارورة ما تزال في جرابه(اقراب) فقد نسي أن يرميها جاءوا به على أعين الناس لعلهم يشهدون إلى كبيرهم قال له انك خائن تستطيع أن تقتل رجلا استجار بنا ودخل في حمايتنا فلا امن منك على أولادي فقد تسول لك نفسك أن تقتلهم وحكم عليه بالإعدام شنقا ونفذ العبيد الحكم الجائر في الراعي المسكين الذي لم تعطى له الفرصة في الدفاع عن نفسه وكان مكان الإعدام بدوار( ايت بلال )ودفن هناك –
بدا التحريض من جديد يبغون الفتنة ذهبوا إلى قريب المقتول وقلبوا له الأمور وذكروه بآيات من القران كقول الله تعالى العين بالعين والسن بالسن والأذن بالأذن والجروح قصاص )قم وخذ بثار ابن عمك فانه يوشك أن يخرج من قبره ليرجوك أن لا تترك دمه يذهب هدرا ولكن لم يبينوا له انه قتل نفسا بريئة بغير حق وليس بينهم عداوة من قبل إلا بعض المناوشات العابرة سرعان ما يصطلحان لا تصل إلى حد الانتقام
المهم ملئوا رأسه بالكلام الفارغ وحرضوه بل عينوا له مساعدا يعينه ويشجعه على ارتكاب الجريمة النكراء نصح أصحاب محمد محمدا أن يتوارى عن الأنظار فإنهم يخططون لقتله بل عزموا على ذالك اعتزل الناس رغما عنه وسكن في برج ايت(همو) غرب الدوار ليتمكن من مراقبة الطريق وتحركات الماكرين الذين يتربصون به من كل جانب
كان الفصل صيفا وبدا الناس في جمع المحصول شاكرين الله على نعمه التي لا تحصى اشتغلت زوجته وبناتها الصغيرات في الحصاد وما حصدنه يكومنه في الحقل (تغموتين)لان الذكور لا زالوا صغارا وكبير الدار حكموا عليه بالإعدام ولا يستطيع الخروج فطن الأعداء إلى عجز زوجته جمع الزرع واخذوا يطلقون دوابهم في الليل وتتمرغ بالزرع وتأكل منه محاولين الضغط عليه ليخرج لأنهم لا يستطيعون اقتحام الحصن ازداد عدد الدواب وضاق محمد ذرعا وطلب من زوجته أن تأمر إخوته إبراهيم وعمر لجمع الزرع وإنقاذ ما يمكن إنقاذه لكنهما تعللا بأنهما متعبان وقد انتهيا توا من جمع محصولهما ثارت ثائرته وأمرها أن تضع البردعة على ظهر الدابة وتملا الشبكة بالزرع فسيخرج بنفسه لحملها إلى الندر عارضت بشدة وقالت له إنهم سيقتلونك بمجرد خروجك من المنزل ولكن (بولجنون )إذا قرر أمرا فلن يمنعه احد فرغ الشبكة الأولى وعاد للثانية لكن الخبر وصل بسرعة البرق إلى (بورحيم وم-)كمنا بجنان الصبار المسمى (تكمي نايت ووشن )القريبة من (انرار اقديم )الذي يضع فيه الزرع وصل إلى باب الندر لكن الدابة اشتمت رائحة البارود وامتنعت من الدخول فسبحان الله حتى الحيوان يخاف الموت على صاحبه بخلاف البشر الذي يسعى إليه رغم تحذير الله سبحانه له وانزل في ذالك عدة آيات
ركل الدابة تحت بطنها ركلة قوية قفزت ودخلت مكرهة ولسان حالها يقول رحمك الله يا سيدي
استدار ليفرغ الشبكة وضربوه بضربتين متتاليتين من الخلف وسل خنجره بسرعة واسند ظهره إلى الزرع محاولا إيقاف تدفق الدم وناداهما ابرزا إلي إن كنتما شجاعين لكن الجبناء فروا كالفئران المذعورة سمعت الزوجة طلق الرصاص وجاءت تسعى قال لها انظري من قتلني واخبري أولادي إذا كبروا أن يأخذوا بثأري ولا يذهب دمي هدرا قالت إنهما اثنان( بورحيم) وصاحبه الذي تعرفه قال اثنان ولا يستطعان مواجهة جريح إن هذا لشيء عجيب
دفن جثمان محمد قبل غروب الشمس وعادت (عيشة سعايد)زوجته منكسرة الخاطر مشتتة الأفكار دخلت بيتها لأول مرة وحيدة مكسورة الجناح وعاد صوت زوجها يرن في أذنها إذا كبر أولادي فأمورهم ليأخذوا بثأري لا يذهب دمي هدرا ورددت في نفسها لن استطيع الصبر على الانتقام حتى يكبر الأولاد وتخيلت أنها تسمع صوت نساء الدار يهمس بعضهن في أذن البعض إنها لا تستطيع الانتقام لزوجها إنها عاجزة إنها جبانة إنها غير وفية للمرحوم ردت على الصوت كلا استطيع وسأنتقم عاجلا
دهبت فورا إلى رجلين قويين شجاعين وقالت لهما إن إخوة زوجي عاجزين عن اخذ ثأره وأولادي كما تعلمون ما يزالون صغارا فقد رشحتكما لهذه المهمة مقابل صاع من القطع النقدية الفضية
قبل الرجلان العرض وكانت لهما صحبة مع الجاني وشرعا يتربصان به ويحتلان للتمكن منه وصلهما الخبر انه يريد الذهاب لحضور عرس بدوار (امزلو) وطلبا منه أن يرافقهما للاستمتاع بفلكلور (احواش) أرغن الغني عن التعريف ويقفا على عاداتهم قبل –م- أن يصطحبهما ولكن (بورحيم) صاحبه رفض رفضا لا رجعة فيه وإذا أصر على موقفه فلن يذهب معه وسيقاطعه إلى الأبد تسللا الاثنين وذهبا وحدهما إلى العرس فلما رجعا ذهبا إليه باكرا وقالا لزوجته أيقظيه لنسأله عن العرس أيقظته الزوجة وسألها هل هما مسلحان قالت لا إنهما في ثياب النوم وإمعانا في التمويه اخرجا الخنجرين من أغمادها ووضعاها تحت إبطيهما لكي لا يفطن إليها أجلسوه في الوسط وشرعوا في طرح الأسئلة عن العادات والشعراء والعروس غمز احدها الثاني وأخذا يسددان له ضربات متتالية حتى خرجت روحه ورجعا إلى بيت محمد واخبروا أرملته بان العملية نجحت فقد مات وأعطتهما المال وزادتهما كبشا سمينا