المزيد

أزواج يعيشون حياة العزوبية

هم رجال دخلوا القفص الذهبي وصاروا يتحملون مسؤولية أسرة، لكنهم بالرغم من ذلك مازلوا يرفضون توديع حياة العزوبية ويصرون على الاستفادة من امتيازاتها، أمر يظهر بشكل واضح من خلال نمط الحياة الذي يتشبتون به، وتصرفاتهم التي تحولت إلى مصدر إزعاج بالنسبة إلى زوجاتهم
يتحول بيت الزوجية إلى ساحة معركة كلما نقل خالد لزوجته خبر اقتراب عطلته السنوية وعبر لها عن رغبته في السفر. لا يكون الخلاف الذي ينشب بين الزوجين بسبب موعد العطلة أو المكان الذي ينويان السفر إليه، بل بسبب إصرار خالد الدائم على السفر بمفرده كما كان يحدث قبل أن يصبح زوجا وأبا لطفل في الشهور الأولى من العمر


يفضل السفر بمفرده
«كنبغي نسافر بوحدي» يقول الزوج الثلاثيني، فمتعة السفر بالنسبة إليه لا تتحقق إلا حين يكون وحيدا، فتكون له بذلك الحرية المطلقة في اختيار مختلف الأماكن التي سيقصدها، والتنقل في أي وقت، وهي الامتيازات التي يخشى خالد أن يحرم منها عندما يصطحب كلا من زوجته وابنه أينما سافر
يحرص خالد على اصطحاب زوجته وإبنه إلى منزل صهريه الذي لا يبعد بمسافة طويلة عن المدينة التي يقطنون بها، ثم ينطلق في رحلته، ليعود لاصحابهما بعد انقضاء أيام الرحلة معتبرا أن ذلك الحل الأفضل الذي يرضي جميع الأطراف، لأنه يسمح لزوجته بقضاء فترة أطول مع عائلتها، كما يضمن لنفسه التنقل بكل حرية، ويجعله في الوقت نفسه مطمئنا على أسرته الصغيرة في الأيام التي يقضيها بعيدا عنها
«أنت مابقيتيش ديال راسك»، عبارة صارت بمثابة لازمة تتردد على مسامع خالد من طرف القريب والبعيد دون أن تدفعه إلى إعادة النظر في تصرفاته، التي يرى المحيطون به بأنها لم تعد تتناسب مع وضعه كرجل متزوج يفترض فيه أن يتحمل مسؤولية أسرة
حاولت الزوجة بشتى الطرق إقناع خالد بضرورة التخلي عن عادة السفر بمفرده، لكن محاولاتها كانت تصطدم في كل مرة برفض زوجها الذي يعتبر أنها تتعمد من خلال إصرارها على مرافقته في الرحلات التي يقوم بها وضعه تحت المراقبة وتضييق الخناق على حريته التي يرفض أن تسلبه إياها مسؤوليات الزواج. اختلاف في وجهات النظر يكون كافيا لنشوب الخلافات الحادة بين الزوجين
متفرغ لأصدقائه
على عكس خالد، لا يحلو لسمير السفر إلا رفقة زوجته، إلا أنه يرفض بدوره التخلي عن بعض العادات التي طبعت حياة العزوبية، بالرغم من الانتقادات الدائمة التي يتعرض لها من طرف شريكة حياته
اعتاد الزوج ذو الثانية وثلاثين عاما أن يتوجه مباشرة بعد انقضاء ساعات عمله إلى أحد المقاهي، حيث يجالس عددا من أصدقائه الذين جمعته بهم سنوات الدراسة، ويتقاسم معهم متعة لعب «الكارطا» دون أن يتسلل الملل إلى نفسه
لا يشعر سمير بمرور الوقت وبضرورة انسحابه من الجلسة إلا حين يتعالى صوت هاتفه النقال، ويكتشف بأن المتصل ليس سوى زوجته التي سئمت من الانتظار، وقررت إبداء تذمرها ومطالبته بالعودة إلى البيت، والتخلي عن عادة الجلوس بالمقهى التي لا تحرمهما فقط من قضاء وقتهما سويا، بل تستنزف ميزانية البيت
يكون سمير متفرغا لأصدقائه حتى في عطلة نهاية الأسبوع التي يختار أن يرافقهم فيها إلى رحلات الصيد والاستجمام للتخلص من الملل وضغوط العمل، في الوقت الذي تتجرع فيه الزوجة مرارة الوحدة بين أربعة جدران في غياب من يؤنس وحدتها، خاصة أن مغادرتها لمقاعد الدراسة في سن مبكرة حرمتها من فرصة ولوج سوق العمل وتحقيق استقلاليتها
نفذ صبر الزوجة ولم تعد قادرة على تحمل تصرفات سمير التي جعلتها واثقة من كون أصدقائه يحظون بالأهمية القصوى في حياته، ودفعتها إلى مغادرة بيت الزوجية بعد نشوب خلاف بينها وبين زوجها، والمكوث لأيام طويلة في منزل والديها، قبل أن تتمكن تدخلات أفراد العائلتين من إعادة المياه إلى مجاريها. لكن تلك التدخلات لم تكن كفيلة بتقريب المسافات بينهما وجعل الزوج يخصص هامشا أكبرا من وقته لزوجته، بحيث سيكتفي سمير بالتخلي عن عادة الخروج والجلوس بالمقهى، ويجعل من بيت الزوجية المكان الذي يحتضن لقاءاته بأصدقائه! وعوض أن تتخلص الزوجة المسكينة من عبء تلك الصداقة أصبحت مطالبة بتوفير خدمات الضيافة لهم بنفسها
التغيير مرفوض
لا يختلف الوضع كثيرا بالنسبة إلى هشام، فهو يتميز بشخصيته المنطلقة التي تجعله دائم التمرد على روتين الحياة اليومية، مفضلا الاستمتاع بوقته خارج جدران بيت الزوجية الذي لا يقصده إلا عندما يشتد نعاسه وتستبد به الرغبة في الخلود إلى النوم
يرفض هشام المتزوج حديثا أي نوع من التغيير في نمط الحياة الذي تعود عليه، ويفضل أن يأتي التنازل من زوجته التي يتمنى أن تشاركه نفس الأنشطة والهوايات خاصة عندما يتعلق الأمر بالذهاب إلى الملاهي اليلية، التي ترفض زوجته مرافقته إليها، لأنها تحب الهدوء ولا تجد راحتها في الأماكن الصاخبة
هشام ذو التاسعة والعشرين عاما، نشأ في كنف أسرة فاحشة الثراء تقطن بأحد الأحياء الراقية، ولطالما تمتع بهامش كبير من الحرية، جعله حرا في الخروج  والتنقل في أي وقت وإلى أي مكان دون حسيب أو رقيب، وهو الامتياز الذي لم يعد يحظى به في وجود زوجته التي تنتقد سهره الدائم خارج البيت
وجدت الزوجة نفسها عاجزة عن مسايرة إيقاع الحياة التي يعيشها هشام بسبب الساعات الطويلة التي تقضيها في عملها بإحدى الشركات الخاصة، وتجعلها غير قادرة على بذل جهد إضافي في الخروج والسهر، على خلاف الزوج الذي يسير مشروعه الخاص، ولا يلتزم بتوقيت العمل في وجود من يرعى مصالحه بالنيابة عنه
إصرار هشام على عدم التخلي عن نمط الحياة الذي اعتاده كان له تأثيرات سلبية على حياته الزوجية التي صار يسودها الفتور والملل بالرغم من كونها لا تزال في أولى مراحلها، نتيجة انعدام التواصل بين الزوجين فتحولا إلى غريبين يعيشان تحت سقف واحد

شادية وغزو .الاحداث المغربية

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى