المزيد

المهمشون في المغرب.. صناعة رجال السلطة

menarapress.com

أكد المرصد الوطني للتنمية البشرية أن تغيير سلوك رجال السلطة والإدارة المحلية والمركزية اتجاه السكان وإعمال الحكامة المحلية يعد إجراءا قويا من أجل إدماج أفضل للفئات المحرومة، داعيا إلى استغلال الفرصة التي بات يتيحها الإصلاح الدستوري ومشروع الجهوية واعتماد إستراتيجية شمولية والتي تتأسس على رؤية واضحة المعالم لتحقيق التنمية المستدامة، على أن تكون هذه الإستراتيجية بمثابة الموجه للجهات والجماعات المحلية

وأوضح المرصد في تقريره السنوي الثاني للفترة الممتدة من 2005 إلى 2009، والذي خصص لموضوع الإدماج، أن التنمية البشرية الحقيقية لن تتأتى في غياب الجهود المبذولة في مجال التعليم والتكوين والصحة من أجل إدماج الساكنة الفقيرة والهشة، خاصة النساء والشباب، مقترحا اعتماد التخطيط الاستراتيجي الوطني لتحقيق هذه التنمية والانطلاق في ذلك من القاعدة أي من الحاجيات التي يعبر عنها السكان على مستوى الجماعات المحلية والعجز المحلي المتعلق بالتنمية البشرية والبنيات التحتية والخدمات

ذلك أنه حسب المرصد، بالرغم من الجهود المبذولة لتحقيق التنمية فإنه من الصعب المراهنة على السياسات القطاعية لوضع البلاد على الطريق «المأمول»، الذي يؤدي إلى الحد من آثار الإقصاء الذي يمس بشكل أساسي فئات عريضة من النساء اللواتي يعشن في المجال الحضري،والشباب وفئة واسعة من ساكنة العالم القروي،ويتم فيه الاستجابة لحاجيات السكان و تتحقق عبره المشاركة في الحياة الجماعية سواء على الصعيد الاقتصادي أو الاجتماعي أو السياسي،لذا فمن الضروري حسب قوله اعتماد التخطيط الاستراتيجي الذي لا يعني العودة إلى الاقتصاد الموجه، بل هو فقط أحد أدوات التسيير الجيد إذ تسمح بالأخذ بعين الاعتبار للتطورات والشكوك المرتبطة بالمستقبل وبإدماج السياسات العمومية بهدف خلق تآزر متين والتقليص من الكلفة وتحديد الأهداف القابلة للإنجاز ومؤشرات تقييمها وتوضيح مستويات القرار والمسؤولية

واقترح المرصد في التقرير الذي قدم فيه حصيلة التدابير والإصلاحات الأساسية التي تم القيام بها وتحليل أثر السياسات العمومية على إدماج فئة النساء والشباب والعالم القروي، فضلا عن رصد أهم المعيقات التي تساهم في توسع إقصائها وتحد بشكل كبير من قدرتها على المشاركة في الحياة الجماعية سواء على الصعيد الاقتصادي أو الاجتماعي أو السياسي، (اقترح) اتباع ستة سبل لتحقيق إدماج أفضل للشرائح والمجالات المهمشة والفقيرة، وهي تتمثل في اعتماد حكامة محلية قريبة من المواطنين، والاعتراف أفضل بكرامة المواطنين وذلك بتغيير رجال السلطة لسلوكهم اتجاه الساكنة، ونهج مقاربة ترابية لإدماج عميق للعالم القروي ووضع سياسة طموحة للتشغيل، واستكمال ورش إصلاح النظام الصحي موازاة مع تخليق عميق لخدماته، هذا فضلا عن تحسين التعليم والتكوين باعتبارهما ركيزة أساسية لتحققي إدماج أفضل

إعمال حكامة محلية قريبة من المواطنين

أكد في هذا الصدد، أن الميثاق الجماعي من خلال التعديلات التي طالت مقتضياته، أسند للجماعات مهمة بلورة وأجرأة مخططاتها الجماعية للتنمية، وهذا الإجراء عزز المقاربة الجديدة الإستراتيجية والتشاركية للتنمية المحلية التي تتوخاها الدولة وآلية لتفاعل السياسة المحلية وتعزز دور المجالس الجماعية في تحديد وبلورة الشأن العام المحلي في اتخاذ القرار، مبرزا أنه بذلك أصبحت الجماعة تنخرط بشكل مباشر في روح المبادرة الوطنية للتنمية البشرية

وشدد بهذا الخصوص على ضرورة إيلاء أهمية كبرى للجماعة بحكم موقعها في مسلسل الجهوية، داعيا الفاعلين المؤسساتيين المنخرطين في الأنشطة المحلية التي تعتمد المقاربة الترابية للتفكير في الالتقائيات الممكنة وفي التكاملات التي يجب استغلالها لتثمين أفضل للاستثمارات التي في طور الإنجاز، وتنمية الدور الاستراتيجي وقدرات حكامة جيدة، وذلك حتى تستعيد وظيفة الجماعة المحلية مصداقيتها لدى المواطنين خاصة الفئات الفقيرة وتلك التي تعاني الإقصاء،قائلا إن نزاهة المنتخبين باتت مطلوبة أكثر من أي وقت مضى لمصاحبة الإصلاحات الجريئة التي هي في طور الإنجاز

من أجل اعتراف أفضل بكرامة المواطنين المحرومين

اقترح في هذا الجانب على رجال السلطة والإدارة المحلية والمركزية تغيير سلوكهم اتجاه السكان، بحيث يجب أن تعتبر هذه الإدارات أن وظائفها تسير وفق المرفق العمومي لا كمرجع لممارسة السلطة، داعيا في هذا الصدد إلى الإحياء المستمر للرسائل الملكية حول الممارسة الجديدة للسلطة ونهج الحكامة المحلية التشاركية، والقيام في هذا الصدد بنقلة نوعية ترتبط بتبسيط المساطر الإدارية التي تحكم العلاقة ما بين المواطنين من جهة والإدارة الترابية أو القطاعية من جهة أخرى

ويصف المرصد إيجابية إعمال التغيير على مستوى تعاطي وسلوك رجال السلطة اتجاه الساكنة بأنه جد مهم لأن أثره يكون جذريا وفوريا مقارنة مع إجراءات أخرى لمحاربة الإقصاء والتي تتطلب وقتا طويلا وتدريجيا ،مشيرا إلى أن الفقراء ونسبة مهمة من النساء والشباب العاطل والمعوقين وفئات أخرى ينظرون أحيانا للإدارة على أنها سلطة ليس بمقدورهم التوجه إلهيا وإن فعلوا ذلك فغالبا ما يكون من موقع الخضوع، فالمقصيون ليس لهم إمكانية تبليغ رسالتهم أو طلباتهم فهم يعتبرون أنفسهم محكومين من الدرجة الثانية ولا يشعرون في الممارسة اليومية بأنه معترف بهم كمواطنين كاملي الحقوق

وأوضح إلى أن تغيير سلوك رجال السلطة والاستماع لتلك الفئات (الفقراء ونسبة هامة من النساء، الشباب، المعاقين)من طرف الإدارة وإمكانية فضح وشجب ممارسات الرشوة أمام هيئات معنية دون الخوف من الانتقام والحق بالنسبة للمحرومين اللجوء لقضاء يسمعهم وفي متناولهم، كل هذا يساهم في بروز إحساس جديد بالإدماج، موضحا أن الوقع النفسي لمثل هذا التغيير جد مهم وجذري وفوري مقارنة مع إجراءات أخرى لمحاربة الإقصاء والتي تتطلب وقتا طويلا وتدريجيا، فالرهان يضيف التقرير هو تمكين المقصيين من كرامة مواطنة

ولإدماج عميق للعالم القروي

أوضح تقرير المرصد أن الجهات المغرب تختلف عن بعضها البعض سواء من حيث الإمكانيات التنموية أو من حيث الهشاشة الاجتماعية، مقترحا أن يتم خلال إقرار السياسات التنموية الفلاحية والقروية خصوصا تلك التي تهدف إلى دمج العالم القروي، أن تأخذ بعين الاعتبار تنوع الاستغلاليات الفلاحية وهشاشة بعض المناطق القروية في مواجهة إكراهات الوسط البيئي الجفاف،الفيضانات، قلة المياه والملوحة

وأشار إلى الدور الاستراتيجي لمخطط المغرب الأخضر والذي جعل الفلاحة كقاطرة للتنمية الاقتصادية والاجتماعية،والذي يسعى لأن يكون آلية حيوية جديدة سواء من حيث الالتزام أو التدخل،لكن المرصد حذر من هذا المخطط إذا استمر في التركيز على مضاعفة القيمة المضافة الفلاحية فإن من شأنه أن يؤدي إلى قطيعة تبتعد عن مفهوم التنمية البشرية المستدامة، داعيا في هذا الصدد إلى تبني المقاربة الترابية وذلك لإدماج مختلف السياسات القطاعية على المستويين الجهوي والمحلي والتي يشير المرصد أنه يتم غالبا وضعها وفق المنطق الداخلي الخاص

لأجل سياسة طموحة للتشغيل

دعا المرصد بهذا الخصوص إلى تبني سياسة طموحة للتشغيل تنكب على التنسيق الوظيفي لمختلف مكونات الشغل ،مبرزا أن الأمر يتعلق بتبني سياسة ما كرو-اقتصادية تتشمن شروط تقوية تنافسية الاقتصاد الوطني وتعززي النظام الجبائي وتنمية الحماية الاجتماعية،موضحا أن هذه الملاءمة تتطلب جهودا طويلة المدى لكونها تستدعي اتخاذ تدابير لتحديث الاقتصاد غير المنظم من خلال مصاحبته ماليا وتجاريا والتوجه نحو اليد العاملة فيه بهدف إدماجها في الاقتصاد المنظم،وهذا الأمر يقتضي أيضا إدماج المقاولات لمبادئ المسؤولية الاجتماعية خصوصا بتوقفها عن اللجوء التشغيل غير المنظم أو التهرب الضريبي

من أجل نظام صحي شامل يأخذ بعين الاعتبار وبشكل أفضل الفئات الهشة

أكد المرصد الوطني للتنمية البشرية في هذا الجانب، على أنه بالرغم من التقدم الحاصل فإن قطاع الصحة يبقى بعيدا عن الاستجابة للحاجيات الأساسية للسكان، خاصة و أنه يتميز بتفاوتات صارخة ترجع أساسا لصعوبات ولوج المرافق الصحية ولجودة ونجاعة البرامج الصحية المتعلقة بصحة الأم والطفل

وذكر في هذا الصدد بالورش الإصلاحي الذي تم إطلاقه في مجال الصحة والذي يروم اعتماد نظام صحي فعال وناجع يرتكز على قانون يهم التغطية الطبية الأساسية والتي من شأنها أن تمكن ولوج الجمعي لخدمات المرافق الصحية،داعيا إلى تسريع تعميم نظام التأمين الطبي للفئات المعوزة ونظام التأمين عن المرض الوجه للصناع التقليديين والتجار والمهن الحرة وتديعم طب القرب خصوصا في المجالات القروية والمدن المتوسطة وضواحي بالمدن،هذا فضلا عن تخليق عميق للخدمات الصحية الموجهة للعموم

التعليم والتكوين كركيزة أساسية لإدماج أفضل

دعا في هذا الجانب إلى مأسسة التعليم الأولي باعتباره أحد عوامل تحقيق تكافؤ الفرص،وأن يكون موضوع سياسة طموحة خاصة بالعالم القروي وضواحي المدن، كما دعا فيما يتعلق بجودة التعليم إلى تحسين تكوين المعلمين وتأهيل مرافق استقبال التلاميذ ومساءلة المنتخبين المحليين حول تدبير المدارس

بيان اليوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى