
إن هذه الفضائل والأسرار تدفع العبد إلى أن يجتهد في طلبها، ويحظى بشرفها، ويغنم بركتها، وينعم ببركتها. ورحمة الله قريب من المحسنين، وهو – سبحانه – لا يضيع أجر من أحسن عملاً، وأحسنَ الظن بخالقه ومولاه. هي ليلة القدر التي شرفت على كل الشــــــهور وسائر الأعوام من قامها يمـــــحو الإله بفضله عنــــــــه الذنوب وسائر الآثام فيها تجـــــلّى الحقّ جل جلاله وقضـى القضاء وسائر الأحكام ومما يحسن التنبيه عليه، ما يلي: (1) أن الصحيح في ليلة القدر أنها باقية ولم ترفع، وقد أخفى الله – سبحانه – علمها على العباد رحمة بهم؛ ليكثر عملهم في طلبها في تلك الليالي
بالصلاة والذكر والدعاء. (2) أنها تقع في الأوتار من العشر الأخيرة، وأنها تتنقل، فتكون عاماً ليلة إحدى وعشرين، وعاما ليلة خمس وعشرين وهكذا، قال ابن حجر في الفتح: ‘أرجح الأقوال أنها في وتر من العشر الأخير وأنها تنتقل’، وقد قال بعض أهل العلم: إنها قد تكون في غير الأوتار، وقوله – صلى الله عليه وسلم -: ‘التمسوها في كل وتر’ رواه البخاري ومسلم أي أنها أرجى ما تكون في الأوتار ،ولا يمنع أن تكون في غيرها. (3) أن المشروع هو إحياء ليلتها بالقيام والدعاء والتضرع، أما تخصيصها بالعمرة فإنه من البدع المحدثة؛ لأنّه تخصيص لعبادة في زمن لم يخصصه الشارع، ومن أدّى العمرة في ليلتها اتفاقاً لا قصداً فهو عمل مشروع، والله أعلم. (4) أن العبد ينال أجر هذه الليلة وبركتها وإن لم يعلم بها، فالمقصود إحياء هذه الليلة بالقيام والدعاء. (5) أن خير ما يدعو به العبد في هذه الليلة ما أرشد النبي – صلى الله عليه وسلم – عائشة – رضي الله عنها – إليه عندما قالت: ‘أفرأيت يا رسول الله إن وافقت ليلة القدر فما أقول فيها، قال: قولي: اللهم إنك عفو تحب العفو فاعف عني’ رواه أحمد والترمذي. جعلنا الله وإياكم من المقبولين في هذا الشهر العظيم، وغفر لنا ولوالدينا ولجميع المسلمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آلة وصحبه أجمعين
المصدر: موقع طريق الإيمان