
منذ قرون، ربط الأطباء اليونانيون، وعلى رأسهم أبوقراط وجالينوس، بين الحزن وتكوّن الأورام عبر ما سموه بـ”العصارة السوداء”، ورغم تطور الطب ورفضه لهذه النظرية القديمة، لا يزال التوتر النفسي موضع اهتمام الباحثين في علاقتهم المتشابكة مع مرض السرطان.
أظهرت مئات الدراسات الحديثة ارتباطًا واضحًا بين الاكتئاب المزمن، والضغوط النفسية، وتدهور الوضع الاقتصادي، وبين زيادة خطر الإصابة بالسرطان أو تسارُع نموّه. وتشير تجارب على الحيوانات إلى أن التوتر المستمر يعزز نمو الأوعية الدموية التي تُغذي الأورام ويزيد من احتمالات انتشار الخلايا السرطانية، لا سيما في حالات سرطان المبيض والثدي.
من جهة أخرى، توصل العلماء إلى أن بعض أدوية القلب مثل حاصرات مستقبلات بيتا، يمكن أن تُبطئ تطور السرطان عبر كبح تأثير هرمونات التوتر مثل “نورأدرينالين”. وقد أظهرت هذه الأدوية نتائج واعدة في التجارب على فئران مصابة بسرطان الثدي والبروستاتا والدم، من خلال خفض الالتهابات وتعزيز المناعة.
ومع ذلك، يُحذر الأطباء من التسرع في تعميم النتائج، إذ أن بعض المرضى المصابين بأمراض مزمنة مثل الربو أو اضطرابات القلب قد لا يتحملون هذه الأدوية. وتؤكد خبيرة طب النفس باتريشيا مورينو أن التوتر لا يُسبب السرطان بشكل مباشر، لكنه عامل مؤثر في مسار المرض ويجب التعامل معه بجدية ضمن الخطة العلاجية الشاملة للمرضى