المزيد

الذكرى السابعة لإنطلاق مبادرة التنمية البشرية

http://www.assabah.press.ma

يوم الجمعة الماضي، أكملت المبادرة الوطنية للتنمية البشرية سنواتها السبع، وسط جدل حول الأثر الحقيقي لواحد من أهم المشاريع التنموية التي يراهن عليها المغرب في تغيير الأوضاع المعيشية للفئات الأكثر هشاشة، وتأهيل المناطق والجماعات الفقيرة، ومحاربة الإقصاء المفرز للتطرف في ضواحي المدن الكبرى. سبع سنوات، تضافرت فيها جهود الدولة والمؤسسات المنتخبة والقطاع الخاص والمجتمع المدني لتحسين صورة  المغرب في أعين أبنائه
لتسليط الضوء على هذا الموضوع أنقل للقراء الكرام رأي  السيدة نديرة الكرماعي، العاملة المنسقة للمبادرة الوطنية للتنمية البشرية

كيف تقيمون حصيلة مرور سبع سنوات من المبادرة الوطنية للتنمية البشرية؟ وكم بلغ إجمالي الاعتمادات التي تم رصدها في المبادرة إلى اليوم؟
سجلت المبادرة الوطنية للتنمية البشرية منذ دخولها حيز التنفيذ قبل سبع سنوات حصيلة إيجابية جدا سواء على مستوى الكم أو الكيف، كما تظهر ذلك الأرقام المتعلقة بالمشاريع التي أنجزت خلال هذه الفترة الأولى، إذ تم إنجاز أزيد من 22 ألف مشروع، فيما بلغت كلفة الاستثمارات التي تمت تعبئتها 14,1  مليار درهم من بينها8,4  ملايير درهم مساهمة في إطار المبادرة الوطنية للتنمية البشرية، استفاد منها أزيد من5,2  مليون مستفيد
وفي هذا الإطار، تم إنجاز أزيد من 3700 نشاط مدر للدخل بكلفة مالية بلغت 2,1 مليار درهم، ضمنها 775 مليون درهم مساهمة من قبل المبادرة الوطنية للتنمية البشرية، كما تمت تعبئة أزيد من 11 ألف فاعل على مستوى الحكامة الترابية، وعرفت سنة 2011 لوحدها برمجة 4684 مشروعا في إطار المبادرة الوطنية للتنمية البشرية بمجموع التراب الوطني لفائدة 532 ألفا و510 مستفيدين باستثمار إجمالي فاق 2,3 مليار درهم، من بينها1,36  مليار درهم مساهمة  المبادرة الوطنية للتنمية البشرية
وتجدر الإشارة إلى أن مشاريع المبادرة الوطنية للتنمية البشرية، ساهمت في خفض نسبة الفقر ب 41 في المائة بـ95 في المائة من أصل 403 جماعات قروية، مقابل 28 في المائة في الجماعات غير المستهدفة بالمبادرة
وبعيدا عن الأرقام٬ مكنت هذه التجربة الاستثنائية من حيث فلسفتها ومرتكزاتها ومقاربتها٬ على الخصوص، من الإحاطة بشكل أكثر دقة بمدى التفاوتات وسبل تعزيز السياسات العمومية في مجال التنمية البشرية، فضلا عن أن المبادرة تأسست حول الثقة، عملا يتطلب نفسا طويلا٬ استلزم منا أزيد من سنتين من العمل الميداني من أجل إرساء مناخ الثقة إزاء السكان٬ خاصة من خلال الإنصات والشفافية والتواصل حول الإيجابي والسلبي على مستوى المشاريع
إن التحدي اليوم بالنسبة إلى تنسيقية المبادرة الوطنية للتنمية البشرية يتمثل في تعزيز هذه الثقة والحفاظ على المصداقية التي تحظى بها لدى السكان، علاوة على أن المكتسب الهام الآخر٬ يتمثل في الدينامية التي أحدثتها المبادرة على المستوى الترابي٬ في ما يتعلق بالعلاقة مع النسيج الجمعوي المحلي٬ والمنتخبين وكذلك ممثلي القطاعات الحكومية، وإرساء نمط جديد للتسيير٬ يجمع مختلف الفاعلين المعنيين حول هدف واحد: التنمية البشرية

هل يرقى اليوم عدد المستفيدين من مشاريع التنمية في إطار هذه المبادرة إلى الأهداف المسطرة؟
أؤكد أن المبادرة الوطنية للتنمية البشرية مكنت من إحداث تغيير في سلوك العنصر البشري، وهذا يرجع بالأساس إلى الاستقرار والثقة، والإحساس بالكرامة  والمشاركة والمسؤولية وفتح آفاق جديدة، كما ساهمت في إنشاء ثقافة الانخراط والتعبئة لدى المستفيدين وحاملي المشاريع، وتوفير نوع من الاستقلالية، عن طريق ترسيخ الإحساس بالمسؤولية لدى المواطن عبر إحداث أنشطة مدرة للدخل، بالإضافة إلى إحداث وقع ايجابي على السكان المستهدفين، من خلال زرع الثقة في النفس والإحساس بالكرامة والمشاركة والمسؤولية والقدرة على الاعتماد على النفس، إذ تم انجاز العديد من المشاريع التنموية، خاصة منها المتعلقة بالاستجابة إلى حاجيات الأشخاص ذوي الاحتياجات الخاصة وأطفال الشوارع والنساء في وضعية صعبة، فضلا عن المساهمة في خلق مشاريع مدرة للدخل والتأهيل والتكوين المهني، وتزويد المناطق النائية بالماء الصالح للشرب والكهرباء، إلى جانب محاربة مختلف أشكال الفقر والهشاشة ودعم مجال التعليم والصحة. ما يؤكد أنها مبادرة في خدمة التأهيل الاجتماعي والعيش الكريم للمواطن المغربي سواء في المجال الحضري أو القروي
تجب الإشارة إلى أن المبادرة تتوخى تعزيز عمل الدولة والجماعات المحلية دون أن تحل مكان هذه القطاعات، مع العلم أن روح وفلسفة المبادرة فتحت المجال أمام الإبداع وزرع الثقة في العنصر البشري

 ما هي أهم الصعوبات التي واجهت تنفيذ ورش التنمية البشرية، سيما أن بعض المناطق تشكو من حيف يطول قبول المشاريع التي تتقدم بها مثلا، أو ميزانيات ضعيفة مخصصة لها، فيما أخرى يظهر أن الميزانيات المخصصة تصرف في غير المشاريع المرصودة لها؟ وهل وضعتم آلية للحد من هذه الانفلاتات؟
من الطبيعي أن تعترض بعض الصعوبات والعقبات أي مشروع تنموي كيف ما كان، خاصة حينما يتعلق الأمر بالتنمية البشرية التي تستهدف العنصر البشري
وللإشارة، فإن المشاريع التي تعرف بعض الصعوبات محدودة، لا تتجاوز نسبة 4 في المائة، من بين 22 ألف مشروع، وهي نسبة ضئيلة جدا. في المقابل، هناك مجهودات كبيرة تبذل من قبل جميع الفاعلين، من أجل التغلب عليها وإيجاد الحلول المناسبة لها
وعليه، فليس هناك فشل بالنسبة إلى مشاريع المبادرة الوطنية للتنمية البشرية، بل هناك محاور يجب الاجتهاد جميعا من أجل تقويمها وتحسينها ورفع تحد ونقاش عميق بخصوصها
وهنا، يجب الأخذ بعين الاعتبار انخراط ومشاركة السكان واكتساب الثقة واحترام الذات التي سجلت لدى المواطن، وظهور نخبة جديدة تعمل في مجال التنمية  البشرية
وضمانا للتنفيذ الأمثل لبرامج المبادرة الوطنية للتنمية البشرية، ومن أجل إضفاء مزيد من الفاعلية والشفافية على جميع عملياتها تقوم، سنويا وبانتظام، لجان مختلطة، تمثل كلا من المفتشية العامة للمالية التابعة إلى وزارة الاقتصاد والمالية، والمفتشية العامة للإدارة الترابية التابعة إلى وزارة الداخلية، بزيارات ميدانية بجميع أنحاء أقاليم المملكة قصد افتحاص المشاريع المبرمجة في إطار المبادرة الوطنية للتنمية البشرية، إذ لم يسجل أي رفض للمصادقة على الحسابات

مهام لجان التفتيش
تقوم هيآت التفتيش بمهمة ثلاثية في إطار المبادرة الوطنية تتجلى في المصادقة على الحسابات والمعاينة الميدانية للمشاريع وتدقيق حسن الأداء. وبخصوص إطلاع الرأي العام على نتائج الافتحاص، تجدر الإشارة إلى أن خلاصاته منشورة على الموقع الإلكتروني للمبادرة الوطنية للتنمية البشرية ، وموازاة مع  المراقبة المنتظمة التي تضطلع بها الإدارة، يقوم المستفيدون والشركاء،  من هذه المشاريع بدور هام في عملية التتبع والتقييم، وفي حالة ملاحظة ما من شأنه عرقلة أو تحريف أهداف وغايات المشاريع، تقوم السلطات المختصة باتخاذ الإجراءات اللازمة في الوقت المناسب
كما يتولى الشركاء الماليين للمبادرة الوطنية للتنمية البشرية خاصة التعاون الدولي، بمهام منتظمة للتتبع والتقييم على أرض الواقع وفي الميدان. وتجدر الإشارة إلى أن كل مؤشرات الأداء برسم المرحلة الأولى من المبادرة الوطنية قد تم تحقيقها، الأمر الذي مكن من الاستحقاق الكلي للغلاف المالي المتعلق بالتعاون الدولي، وهذا ما دفع بالشركاء الدوليين إلى الاستمرار في مواكبة المبادرة الوطنية للتنمية البشرية في مرحلتها الثانية

أجرت الحوار: هجر المغلي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى