الاخبار

متى يرفع التهميش عن العالم القروي بالجنوب ؟

المتتبعون لوضعية العالم القروي من خلال الزيارات الميدانية، ومن خلال التحقيقات الإعلامية المكتوبة والمسموعة والمرئية، ومن خلال الخطب الملكية ، يدركون أن التهميش الكلي والمستمر، خاصة كلما تعلق الأمر بضروريات الحياة ،هو الذي جعل أغلبية المناطق مهجورة من سكانها الذين سمعوا الوعود تلو الوعود دون تطبيق ما ليفضلوا الهجرة الكلية بعد الجزئية إلى هذه المدينة وتلك، بحثا عن التعليم الإعدادي والثانوي والعالي ، وعن المستوصفات والمستشفيات المجهزة والمتوفرة على التخصصات، وعن أطباء وممرضين اختصاصيين متخصصين، وبحثا عن شبكة الطرق ووسائل التنقل، بل وعن الماء الشروب أحيانا، الذي تفتقر إليه العديد من الجماعات.
طبعا عندما يشاهد المواطن القروي مشاريع من صنف «الكماليات» بعد الضروريات، تتكرر في هذه الجهة وتلك، ولا التفاتة للمنطقة التي يقطنها، لا مناص له من الرحيل وأسرته إلى حيث تتوفر مقومات الحياة هذه
عقبات عدم وصول
القطار إلى الجنوب
لوضع النقط على الحروف كنماذج جد قليلة نتساءل : من حال ويحول دون وصول السكك الحديدية إلى الجنوب ؟ كم دراسة أنجزت لإيصال السكك الحديدية إلى الأقاليم الجنوبية عبر نفق بالأطلس الكبير وغيره. وكم من ملتمسات تقدم بها برلمانيو جهة سوس ماسة داخل وخارج البرلمان دون إضافة ولو متر واحد من مراكش لتتجمد حيث تركها المستعمر، لشيء واحد في نظري ، هو أن معظم الحكومات المتعاقبة من الاستقلال إلى الآن، عملت لصالح المدينة التي ترعرع فيها هذا المسؤول أو ذاك ولديه فيها مصالح يقوم برعايتها دون التفات إلى غيرها
وإذا كان هذا غير صحيح في نظر هؤلاء، لماذا لم تصل الخطوط السككية إلى الأقاليم الجنوبية؟ بعد أزيد من ثمان وخمسين سنة مرت على الاستقلال وبعد أن أوشكت جهات أن تستفيد من قطار «تي جي في» السريع الذي نتمنى أن يصل مستقبلا إلى جميع الجهات دون استثناء. مع العلم أن الدراسات الاقتصادية والاجتماعية والسياحية والسياسية تؤكد أنها في صالح الوطن ككل لا في صالح الأقاليم الجنوبية وحدها، فقط نحن بحاجة إلى تغيير عقليات المسؤولين من حكومات وأحزاب وبرلمانيين
أسئلة الحرمان
من متابعة التعليم
أين المساواة من حرمان مئات الأطفال من التعليم الإعدادي والثانوي ودور الطالب ؟ بالنسبة لحرمان العالم القروي من حقه في مجال التربية والتعليم، أذكر بحرمان عشرات، بل مئات الأطفال من التعليم الإعدادي والثانوي ودور الطالب بإقليم تارودانت، كما هو الشأن بالنسبة لأطفال الجماعات القروية الثلاث ، جماعة النحيت وجماعة والقاضي وجماعة تيسفان المتقاربة والتابعة لقيادة أضار دائرة إيغرم إقليم تارودانت، رغم طلبات وتحقيقات صحافية ودورات جماعية مما جعل العديد من الأسر تنزح من مسقط رأسها إلى تارودانت وأيت ايعزا ومراكش والدارالبيضاء.. إلخ ، لتترك القرى فارغة موحشة وقريبا ستصير أرضا خلاء يستوطنها الرحال إلى جانب الخنزير البري الذي تم اختيار سوس ماسة موطنا لتكاثره واعتدائه على مزروعات البؤساء من الفلاحين الصغار لإجبار الأغلبية على الرحيل تجاه هذه المدينة وتلك
هذا كله يتناقض وتصريحات المسؤولين المحملة بالمساواة وبالعدالة الاجتماعية وتكافؤ الفرص والتي تتكسر فوق صخرة العقليات «القبلية» والجهوية والمركزية المتحكمة في التخطيط والتنفيذ لهذا المشروع وذاك في وقت يفرض الواجب الوطني أن نستوعب مضمون وأبعاد خطب جلالة الملك في هذه المناسبة وتلك، والتي تدعو إلى الاهتمام بالعالم القروي وبالجهات المهمشة قولا وفعلا، بدل تمركز المشاريع في مدن وجهات على رؤوس الأصابع، ونعمم فقط صناديق الانتخابات التي تتحمل الأحزاب فيها مسؤولية انعدام التأطير الحزبي للمستشارين الجماعيين والاكتفاء بالبحث عن الكم لا الكيف بالكثرة العددية، بترشيح من يكتفون برفع اليد عندما يطلب منهم ذلك، وبالتالي لا تتوفر الأغلبية على مستوى يؤهلهم لتكوين اللجن والمساهمة في البحث عن مشاريع تنموية، بل والعمل على تنفيذها. هذا النوع من المستشارين مع الأسف ـ يصبون في مصلحة بعض الرؤساء ممن يخططون وينفذون بصفة فردية بعيدا عن استشارة مكاتبهم ومجالسهم المنتخبة كلما تعلق الأمر بمشروع أو بصفقة ما، أضف إلى هذا من لا يحضرون الدورات العادية ومن توفى ولم يعوض.فنجد هذا الرئيس وذاك يبرمج هذه الصفقة وتلك وحيدا وقد تساعدهم جهات من السلطة الوصية المستفيدة وقد لا نستغرب في جو كهذا الاعتماد على مقاول واحد دون سواه طيلة الفترة الانتخابية؟
نعم للتنمية البشرية وغيرها من مساهمات الدولة، لكن بحاجة إلى المراقبة الصارمة للمجالس المنتخبة وإلى معارضة فعالة هادفة إلى خدمة الساكنة بالحرس على عدم إهدار المال العام واعتباره مالا خاصا بهذا الرئيس وذاك ينفقه كيف شاء في نوع من المحاباة للموالين له تاركا المعارضين والمصوتين عليهم
حياد «سلبي» يحول
دون تطبيق القانون

إن التزام السلطة للحياد السلبي ساهم مساهمة فعالة في عدم صرف المبالغ المخصصة للتنمية البشرية خاصة والمبالغ الأخرى بكيفية عادلة ودون خضوع لمصادقة هذا المجلس وذاك، كما تمت الإشارة إلى ذلك، ودون مراعاة للأولويات. فتوفير مياه الشرب للدواوير التي لا تزال تستعمل مياه «المطافي» الملوثة لها الأولوية على إعداد دراسة تعبيد الطريق المؤدية إلى بعض الدواوير إرضاء لهذا العضو وذاك قصد كسب ثقتهم في الانتخابات المقبلة ، في جو كهذا لابد من العمل على تكوين لجن من المنتخبين أغلبية وأقلية ولابد من معارضة بناءة هادفة إلى العمل على تطبيق القانون خاصة كلما تعلق الأمر بالصفقات وبصرف ملايين التنمية البشرية، وغيرها من مداخيل الجماعة مع الحرص على عدم التبذير في البنزين ومصاريف أخرى غير ضرورية. شيء آخر عدم تطبيق القانون الجماعي فيما يتعلق بحضور الجلسات العادية والاستثنائية من طرف المستشارين والمساهمة الفعالة في وضع جدول أعمال الدورات ومناقشتها بدل العضوية للعضوية
وقد يستغرب الممارس للشأن الجماعي عدم التزام بعض الجماعات كجماعة النحيت بإعداد محاضر الدورات وتوزيعها على السادة المستشارين كوثائق تاريخية رغم مطالبتهم بها
إن تخلي السلطة الوصية عن مراقبتها هذا إضافة إلى مستوى المستشارين المشار إليه، ساهم في ترك المجال لبعض الرؤساء لينفردوا بالشأن الجماعي، يشرعون وينفذون وهذا أيضا جعل من لا يريد الانخراط في هذه التجاوزات أن يبتعد عن الترشيح في انتخابات 04-09-2015 بعد الممارسة الميدانية والاستنتاجات لما تمت الإشارة إليه

بقلم ذ محمد مستاوي
جريدة الإتحاد الإشتراكي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى