المزيد

مليون ونصف مليون مُسنة بالمغرب .. حبيسات العزلة والحرمان

بلغ عدد النساء المسنات في المغرب مليونا ونصف المليون، أي أكثر من عدد الرجال بمائة ألف، وعزا تقرير رسمي تناول «أوضاع النساء المسنات بالمغرب» الأمر إلى أن النساء يتمتعن بأمد حياة أكبر من الرجال يقدر بـ 75,6 سنة عند الولادة مقابل 73,9 سنة لدى الرجال و21,6 سنة عند بلوغهن 60 سنة مقابل 19,5 سنة لدى الرجال

وتعاني معظم تلك المسنات وفق دراسات موثوقة، الحرمان والعزلة على الصعد كافة، فيما تتعالى أصوات منادية بمنحهن الرعاية والحفاظ على حقوقهن

تغيير جذري

أفادت وزارة التخطيط بأنه من المتوقع أن يصل عدد النساء المسنات البالغات 60 سنة فما فوق في المغرب سنة 2050 خمسة ملايين ونصف المليون من أصل 10 ملاييين مسن، أي أكثر من 700 ألف مقارنة مع الرجال المسنين، وأكدت أن النساء يتمتعن بمتوسط عمري أعلى من الرجال

ومن أجل مواكبة هذا الوزن الديموغرافي للمسنات تعمل وزارة التنمية الاجتماعية على النهوض بحقوق هذه الفئة من خلال إعداد استراتيجيات وبرامج لتحسين أوضاع المسنات ودعم الجمعيات المهتمة بهن ومواكبة مراكز التكفل بالأشخاص المسنين، خاصة أن أغلب أفراد هذه الفئة يعاني وضعا متسما بالهشاشة الاقتصادية بلا دخل أو معاش أو تأمين صحي إضافة إلى المشاكل المتعلقة بظروف العيش والسكن والوضع الصحي، حيث إن تراجع دور الأشخاص المسنين داخل المجتمع وتدهور مكانتهم نتيجة تغير النظم الاجتماعية والاختلاف الحاصل في طريقة التعامل بين الأجيال، جعلهم من أكثر فئات المجتمع تضررا من التحولات الاجتماعية والاقتصادية

ووعيا منها بخـصوصـية هذه المرحلة من العمر؛ تحاول وزارة التنمــية الاجتماعيـة بالتعاون مع جمعيات المسنين ضمان حقوق المتقدمات والمتقدمين في السن، في الكرامة والاستقرار والمشاركة في أنشطة مختلفة داخل الأسرة وخارجها، خاصة مع ارتفاع نسبتهم في المجتمع

وحسب دراسة حديثة قامت بها وزارة التخطيط، فإن ارتفاع نسبة النساء المسنات في المجتمع يعود أيضا، إلى أن زواج الإناث يجري في سن مبكرة مقارنة مع الذكور 26.6 سنة مقابل 31.4 سنة حسب إحصاءات عام 2010، إضافة إلى أن نسبة الزواج من جديد، المسجلة في صفوف النساء اللواتي أنهين زواجهن الأول 8.5 في المائة تقل عن النسبة المسجلة لدى الرجال 14.5 في المائة

الموت وحيدة

وجدت الدراسة ذاتها أن احتمال وجودهن في وضع ترمل أو وحيدات، مقارنة مع الرجال، يكون مرتفعا عند بلوغهن 60 سنة فما فوق. وهكذا، فإن نسبة النساء المسنات الأرامل والتي تبلغ 51 في المائة من مجموع المسنات تفوق بعشر مرات نسبتها لدى الرجال التي لا تتجاوز 5 في المائة. وأكدت الدراسة أن نسبة الأشخاص المسنين الذين يعيشون لوحدهم أعلى بأربع مرات لدى النساء منها لدى الرجال 7.7 في المائة مقابل 2.0 في المائة

وخلصت الدراسة إلى أن النساء المسنات أكثر عرضة من الرجال لإنهاء حياتهن وحيدات بدون زوج، مشيرة إلى أن هذه الوضعية الهشة للنساء تتفاقم بسبب ضعف معدل نشاطهن وتعرضهن أكثر للأمراض المزمنة، إذ أن 11 في المائة، فقط، من النساء البالغات 60 سنة فما فوق، مقابل 36 في المائة بالنسبة للرجال، يتوفرن على شغل، غالبا كمساعدات عائليات بنسبة 57 في المائة

إلى ذلك، يرى الباحث الاجتماعي مختار العثماني أن العزلة بسبب الترمل أو الطلاق أو تنكر الأبناء أكثر ما يؤثر سلبا في حياة المسنات، حيث إن بقاء نسبة كبيرة منهن وحيدات يؤدي إلى الاكتئاب والإحباط إضافة إلى الأمراض العضوية، معتبرا أن السياج الذي وضعه المجتمع حول زواج الأرملة ورفض الغالبية له واستسلام الأرملة لظروف ترملها يزيد من سوء وضعية الأرامل في المغرب، خاصة أن نسبتهن كبيرة في المجتمع حيث إن النساء يتميزن بأمل حياة عند الميلاد أكبر بـ2.6 سنة مقارنة بالرجال، ونتيجة لفارق السن بين الأزواج الذي يقدر بـ 4.8 سنة لفائدة الرجال، فإن النساء أكثر عرضة للترمل، حيث أن عدد النساء الأرامل بالمغرب يفوق بحوالي خمس مرات عدد الرجال الأرامل

مساعدة مادية ومعنوية

يشير العثماني إلى نتائج بحث حول «زواج النساء الأرامل»، أكد أن 15 بالمائة فقط من الأرامل هن من يعرض عليهن الزواج بعد وفاة الزوج الأول

ويعتبر الباحث أن رفض الأبناء وعائلة الزوج المتوفي سبب رئيس لبقاء الأرامل وحيدات حيث إن نتائج البحث أكدت أن 41 بالمائة من الأبناء طلبوا من أمهاتهم الأرامل عدم الزواج من جديد، في حين إن 51 بالمائة من الأطفال كانوا صغارا، بينما تقبل 7,9 بالمائة من هؤلاء الأطفال الأمر بدون مشاكل

وبخصوص رد فعل عائلة الــزوج المتوفى على زواج أرملته، كشف البحث المذكور أن 64,3 بالمائة من هذه العائلات، تتقبل الأمر دون مشاكل، في حين أن 31,6 منها لم تتقبل الأمر وعبرت عن ذلك بشكل حبي للأرملة، بينما هددت 4,1 بالمائة من هذه العائلات بالتعرض جسديا للأرملة إن هي تزوجت من جديد

ويدعو العثماني إلى مساعدة المسنات ماديا ومعنويا والتخفيف من وطأة الظروف القاسية التي تعيشها هذه الفئة بسبب ارتفاع نسبة المرض والعجز البدني وتراجع اهتمام الأسر بالمسنين، وعدم استفادة المسنات من التقاعد والتغطية الصحية. وتنفيذ برنامج الرعاية الصحية والحماية والتغطية الاجتماعية تتمثل في قلة الدراسات والأبحاث والإحصائيات المتخصصة في أوضاع فئة المسنين وغياب المؤسسات التأطيرية والاستشفائية المتخصصة في طب الشيخوخة وضعف الاعتمادات المرصودة لرعاية المسنين

ويعتبر العثماني أن دعم «الشيخوخة النشيطة» من خلال تشجيع المسنات على مزاولة نشاطات متنوعة، ووضع تشريعات تتعلق بحماية المسنات ومعاملتهن معاملة خاصة اقتصاديا واجتماعيا ونفسيا، كفيل بحماية المسنات من التحولات التي يعرفها المجتمع والتي أثرت كثيرا على مكانة هذه الفئة

تدهور الوضع الصحي

حول الوضع الصحي للمسنات؛ كشفت الدراسة أن نحو 66.6 في المائة منهن يعانين مرضا مزمنا واحدا على الأقل، مقابل 53.3 في المائة بالنسبة للرجال، وهي وضعية من شأنها أن تؤدي بنسبة كبيرة من النساء المسنات إلى العيش تبعا لأفراد آخرين من الأسرة، خاصة أن أكثر من 9 من أصل 10 منهن أميات ولا يستفدن من نظام التغطية الصحية الذي لا يهم إلا فئة قليلة من المسنين تقدر بـ%7.2. وتتباين الاضطرابات الصحية التي تعاني منها المسنات حسب وسط الإقامة في المدن أو القرى، حيث يعاني 15.9 %من مرض التهاب المفاصل و14.3% من أمراض الجهاز الهضمي، و10 % من داء السكري و45 % من هشاشة العظام

الاتحاد الاماراتية

menarapress.com

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى