المزيد

مطارح النفايات بالقرى المغربية .. “قنابل بيئية” تهدّد مستقبل السكان

مطارح النفايات بالقرى المغربية .. "قنابل بيئية" تهدّد مستقبل السكان

لم تعد طريقة تدبير النفايات المنزلية بالمناطق القروية تتماشى مع التوجهات الوطنية في ما يتعلق بالحفاظ على البيئة، نظراً إلى تغيّر نمط العيش المحلي خلال السنوات الأخيرة، مع إقبال الأسر على اقتناء المنتجات غير القابلة للتحلّل، ما يطرح تحديات حقيقية على صنّاع القرار العمومي بشأن إدارة الكميات المتزايدة من النفايات غير العضوية، في ظل اعتماد أنماط تدبير جماعي تقليدية تفتقر إلى الإبداع والتجديد، سواء تعلّق الأمر بالتخلص من النفايات أو معالجتها أو تثمينها، الأمر الذي يعكس محدودية النموذج المُتّبع منذ سنين بالأرياف المغربية

وتُدير الجماعات الترابية ذات الطابع القروي، التي تُشكل 85 بالمائة من الجماعات الترابية (1282 جماعة)، قطاع النفايات المنزلية والمماثلة لها بأساليب لا تحمي النظم الإيكولوجية الجبلية، إذ تُجْمَع النفايات المختلطة دون فصلها عند المصدر، قبل أن يتم التخلص منها في مدافن قمامة غير صحية، تكون بالقرب من الأراضي الزراعية والسواقي، بالموازاة مع إلقاء المخلفات في الأودية والجبال وحرقها بالهواء الطلق، ما يهدد صحة السكّان في كثيرٍ من الأحايين، ويتسبّب في تدهور الموارد الطبيعية بالبوادي

ويتوفر المغرب على نظام مؤسساتي مكوّن من إطارات مرجعية ناظِمة لقطاع النظافة، لا يتم تفعيلها داخل أغلب الجماعات القروية التي تحتاج إلى تصاميم واضحة لتشخيص الحالة البيئية، اعتباراً لتفشّي المطارح العشوائية التي تؤدي إلى ظهور نقاط سوداء ببعض “الأرياف العميقة” التي تتراكم بها النفايات، رغم الجهود الحثيثة المبذولة من طرف السلطة الحكومية المكلّفة بالبيئة، بمعية وزارة الداخلية؛ الأمر الذي يتطلب البحث عن حلول عملية مُبتكرة وواقعية تُدمج السكان في النظام الحالي لإدارة النفايات، مع مراعاة الخصوصية المجالية أثناء التخطيط الجماعي (عدد السكان، كمية النفايات المُنتجة)

ويثير موضوع تدبير النفايات المنزلية أسئلة ذات أهمية بالغة، من قبيل: هل توجد مطارح نفايات مراقبة بالمجال القروي؟ وأين تذهب نفايات الأرياف المغربية؟ وما طبيعة التأثيرات الصحية والبيئية للمطارح العشوائية؟ وكم عدد المطارح المؤهلة في العشرية الأخيرة؟ وما حصيلة تعميم المخططات المديرية لتدبير النفايات المنزلية والمماثلة لها على العمالات والأقاليم؟ وكم عدد مراكز طمر وتثمين النفايات بالجماعات القروية؟ وكيف تساهم جمعيات المجتمع المدني في تدبير مرفق النظافة بالبوادي؟ وما طبيعة العوائق التدبيرية والقانونية والمالية والترابية التي تواجه المجالس الجماعية؟ وأية تجارب دولية يمكن الاستفادة منها في مجال الإدارة المستدامة للنفايات المنزلية؟

هذه الأسئلة وأخرى استحضرها التحقيق، الذي امتدّ العمل فيه قرابة خمسة أشهر، قصد مقاربة النظام الحالي في إدارة النفايات بثلاث جهات مغربية ترتفع بها نسبة السكن بالوسط القروي؛ وهي درعة-تافيلالت وبني ملال-خنيفرة وسوس-ماسة، حيث يرصد مكامن الخلل في المخططات الجماعية المخصصة لجمع النفايات، ويقف عند الانعكاسات البيئية والصحية الميدانية ببعض القرى، ويكشف مآل النصوص التنظيمية والتشريعية في هذا الصدد؛ كما تم تعزيزه بشهادات فعاليات محلية، وبتصريحات مسؤولين رسميين بالوزارات المكلّفة بحكامة القطاع

هسبريس- مصطفى شاكري

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى