أدب و فنون

رحيل الرايس بيزماون.. الأغنية الأمازيغية تفقد أيقونة في تجديد التراث

رحيل الرايس بيزماون.. الأغنية الأمازيغية تفقد أيقونة في تجديد التراث

عن عمْر سبعة عقود وربيعين، فارق الرايس أحمد بيزماون آلة “لوطار” التي رافقته طيلة مسيرته الفنية الحافلة وترجّل من قطار الحياة، لتفقد ساحة الفن الأمازيغية، وخاصة فن الروايس، إحدى أيقوناتها المتميزة

برز اسم الرايس أحمد بيزماون في الساحة في مطلع سبعينيات القرن الماضي، وتحديدا عام 1972، حيث طرح أول أسطوانة في السوق، وسرعان ما ذاع صيته في الساحة وتسلّق سلّم النجومية حتى صار واحدا من أعمدة فن الروايس

قال الشاعر والناقد أحمد عصيد إن النمط الغنائي الذي جاء به الرايس أحمد بيزماون كان مختلفا عما كان سائدا في الساحة يومئذ؛ ذلك أن الأغاني التي تضمنتها الأسطوانة الأولى التي أصدرها تم أداؤها بطريقة جديدة

وتميزت الأغاني التي ولج بها الرايس أحمد بيزماون عالم فن الروايس بالطريقة الجديدة التي لُحّنت بها، والتي لم تكن معروفة آنذاك لدى الروايس الذين كانوا في الساحة؛ مثل عمر واهروش وأحمد أمنتاگ وغيرهما

وروى عصيد، في تصريح لهسبريس، أن الرايس محمد ألبنسير (الدمسيري) هو الذي ساعد الرايس أحمد بيزماون على تسجيل أولى أغانيه، ورافقه كعازف على آلة الرباب في كل أغانيه، بينما كان بيزماون يعزف على آلة  لوطار

لم يتوقف الرايس بيزماون عن التجديد؛ ذلك أنه هو من أدخل آلة “طامطام” إلى فن الروايس، وتحديدا إيقاع “تاسكيوين”، “وأقدم على تجديد كبير في الأداء والألحان، واقتحم الساحة الفنية بقوة”، يقول عصيد

وأضاف الشاعر والناقد أحمد عصيد بأن إدخال الرايس بيزماون آلة “طامطام” إلى غمار فن الروايس كان نتيجة تأثره بالظاهرة الغيوانية. كما كان متأثرا، كذلك، بظاهرة “الهيبي”، التي كانت سائدة وقتذاك، ما جعله شاعرا رومانسيا مرتبطا بالطبيعة

ارتباط الرايس بيزماون بالطبيعة له امتداد آخر؛ ذلك أنه جاء إلى الفن من البحر، فقد كان يشتغل بحّارا، ورغم شهرته ظل وفيّا لمهنته حيث غنّى في عدد من أغانيه عن البحر

ولم تنقطع علاقة الرايس بيزماون بالبحر كما لم يخْبُ عشقه للطبيعة أبدا، فعندما ابتعد عن الساحة الفنية ارتأى أن يتخذ لنفسه مكانا جوار البحر نواحي تيزنيت، حيث كان يقضي ساعات طويلة من وقته داخل مغارة قرب الشطّٰ، دليلا على وفائه للبحر

وأفاد أحمد عصيد بأن الرايس أحمد بيزماون ظل محتفظا بالمكانة السامقة التي احتلها داخل الساحة الفنية الأمازيغية، فبعد غيابٍ دام عشرين عاما، لقيت أسطوانة (CD)

أصدرها عام 2007 نجاحا لافتا، ونال بها جائزة أحسن أغنية تقليدية من طرف المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية

وبرحيل الرايس أحمد بيزماون، تتهاوى دعامة أساسية أخرى من دعائم فن الروايس؛ غير أنه وإن رحل “فإنه لن يُنسى، وإرثه الفني المتميز سيظل خالدا في الوجدان”، يقول عصيد، داعيا مسؤولي المجلس البلدي بأكادير وفعاليات المدينة إلى تسمية مرافق عمومية باسمه ليظل خالدا

هسبريس – محمد الراجي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى