مشاهير آفيان

رجال من أفيان ( 8) : أدا العباس

العباس

بسم الله الرحمان الرحيم

نشا العباس بوقدير يتيما بعد استشهاد أبيه في المعركة الدائرة بين القائد محمد التيوتي والباشا حمو الروداني للظفر بحكم المنطقة الشمالية لتارودانت  , جند التيوتي جميع سكان المنطقة الغير المتدربين على حمل السلاح والمواجهة  المباشرة مع جيش منظم ومجهز بأحدث الأسلحة أنداك وهي مختلف البنادق والمدافع وتسمى بالامازغية النفض وكانت تجرها البغال أما جيش التيوتي فمسلح بما يسمى بوشفر  .كانت الحرب غير متكافئة بين الطرفين اد انهزم الجيش التيوتي سريعا وسقط عدد من الشهداء الدين فرضت عليهم هده الحرب رغما عنهم لا ناقة لهم فيها ولا جمل


وكان بين هؤلاء الشهداء بوقدير محمد أبو العباس حيث فصلت رأسه وقدمت للباشا مع عدد أخر من الرؤوس وعلقت بساحة أسراك اوراغ بتار ودانت ليكونوا عبرة للقبائل والقادة الآخرين ودفن جثمان الشهيد بايت مسعود شرق وادي سوس

صورة نادرة للطاغية الباشا حمو

, قلنا نشا العباس يتيما  , بعد زواج أمه سافر هو وابن عمه الحاج مبارك بوقدير وعدد من أبناء النحيت إلى فرنسا بعد الوصول سيرا على الأقدام إلى ميناء الدار البيضاء حيث نقلوا على سفينة شراعية إلى الضفة الأخرى للعمل في أعمال البناء حيث كان لهم الفضل الكبير في بناء و اعمار مدينة الأنوار باريس فالحاجة تدعو إلى ركوب المخاطر والبحث عن لقمة العيش الكريم 

عاد العباس من فرنسا برزق طيب واشترى متجرا لبيع المواد الغذائية هو وابن عمه اليزيد بن همو بمنطقة تسمى لاكا نكيت بطريق الرباط بعين السبع نسج علاقات طيبة مع سكان الحي الدين يعمل جلهم بمعل تلفيف الحوامض والخضر المتوجهة إلى أوروبا أو ما يسمى لمكزا نليمون .كما اشترى متجرا أخر ومنزلا بحي البياضة قرب القصر الملكي بالدار البيضاء
تأثر العباس بعادات جيرانه وطريقة عيشهم واهتمامهم ببواد يهم وظهر هدا الثاثر في الأسماء التي أطلقها على أحفاده والتي لم تكن معروفة في اداوزدوت كا بوعزى    المعطي والطلباني والحبيب والعيادي وغيرها من الأسماء

اشترى العباس في بلده عددا كبيرا من اراضي الفلاحة وامتلك عدة رؤوس من الماعز والغنم ورؤوس الأبقار والبغال والحمير. كما بنى منزلا كبيرا بامي ن الصرب يحتوي على أكثر من خمسة عشر غرفة وثلاث ساحات كبيرة

كان يبني بنفسه بالتابوت ادا أحس العمال بالعياء وذهبوا للاستراحة في منازلهم يستمر وحده فيملا التابوت بالتراب ثم يصعد ويدكه بما يسمى المركز ثم ينزل ويملاه من جديد دون عياء ولا كلل .ويأمر زوجته أن تملا له برارد من الشاي المشحر ليبقى منتبها .كان العباس صبورا يزرع الأرض وبتعهدها لا يترك شبرا واحدا دون حرث ولا يترك حجرا ساقطا ولا شوكا في وسط الحقل إلا أزاله وزرع مكانه فهو صاحب المقولة الشهيرة  : أصحاب  (الأرض ابتلت  ويبست  ) لا يحصدون شيئا  , ايت تقور دايت تملا اورا سرواتن .ولشساعة الأراضي التي يمتلكها العباس وقلة اليد العاملة يستعين بعملية التويزة أي تويزي أيام الحرث والحصاد وكداك ما يسمى اخماسن وكان سكان طاطا وتكموت يأتون  للعمل في الحقول أثناء الحصاد وكان الناس  يجودون عليهم بالشعير والملابس والأكل طيلة أعمال الدرس والحصاد وادا رجعوا إلى بلدانهم كانوا يقصون عليهم ما رأوه من خير وفير في المنطقة ويقولون هناك رجل يقال له العباس جمع حوالي 150 قنطارا من الشعير والحاج عيوش 90 قنطارا والمختار نوضار 150 قنطارا و.و
كان العباس مدافعا شرسا على دواره افيان والدود على حدوده والضرب بيد من حديد على كل من سولت له نفسه أن يعتدي على حرمته أو أبنائه جاء رجل يوما لسقي أغنامه بافرض الخاص بافيان دون إستئدان فصادفه العباس وسأله إلى أين تتوجه لقد تخطيت حدود الغابة ودخلت إلى المنطقة المحرمة على الرعاة قال له الرجل أريد آن اسقي غنمي لأني وارث من هدا الماء ولي حق فيه  , قال له من أعطاك هدا الحق وهل لديك دليل على ما تقول ارجع إلى حال سبيلك خير لك فأبى الرجل الرجوع لوح العباس بسلهامه على الأغنام وولت هاربة لكن الرجل أصر على إرجاعها ثارة ثائرة العباس وضربه  بحجر على ظهره أثم أنينه بمنطقة تكنا تين
وفي عهد حكم القائد التيوتي بعد وفاة الباشا حمو عاد لحكم المنطقة وفرض على الناس ضريبة لودينة أي تامزوغت وهي ضريبة شخصية يؤديها كل من بلغ سن الرشد شهريا عشر دريال فمن لم يستطيع ما عليه إلا الرحيل تاركا بيته وأراضي أجداده وينفى من الأرض كما يفعل الصهاينة اليوم في فلسطين
وفي يوم من الأيام جاء الجابي لأخد الضريبة ودخل على امرأة عجوز لم يجد عندها شيئا إلا دجاجة كانت تحضن بيضها فأخدها وكان العباس ينظر إليه بغضب شديد ولكن تمالك نفسه  , دخل الجابي على أرملة أخرى لا تملك من حطام الدنيا إلا لحافا من الصوف سترت به جسدها النحيل أي تفا كوت نتاضوت ولم يجد عندها شيئا يا خده وهم بنزع ردائها وأطلقت المرأة صرخة مدوية تطلب من يغيثها من هدا الجبار لم يتمالك العباس نفسه ركض بسرعة وقطع المسافة في خطوتين وسدد لكمة إلى وجه الطاغية كسرت انفه وأسقطت أسنانه الأمامية وأدى العباس ضريبة شهامته شهرين سجنا مع الأعمال الشاقة بسجن تييوت  ودعيرة وغرامة قدرها أربع قناطر من الشعير وكبشا قدم للقائد لإصدار العفو
ولما شب خلاف بين ايت وفيان وايت ورغن على منطقة تسمي أغير ازقاغ كان بوقدير قد رهنها إليهم لما عجز عن حمايتها حيث سنت القبيلة قانونا يفرض على المالكين للأراضي الغابوية أن يحموها من قطاع الطرق ويؤدون دية من قتل فيها وكان بوقدير وحيدا وعاجزا عن حمايتها رهنها مضطرا .لما طلب احفاده باستعادة هده الأرض رفض الطرف الأخر بدعوى أن عقودهم احترقت من جراء اندلاع النار بحصنهم كان العباس نائبا عن افيان وتابع هدا الملف لأكثر من عشر سنوات
كان العباس دائما مهموما وحزينا حيث لم يرزق بمولود ذكر يرثه ويرث من أل العباس ولم يترك فقيها ولا وليا إلا اخذ له القرابين والصدقات يلتمس منهم الدعاء .استجاب الله سبحانه وتعالى دعاء العباس ورزقه مولودا ذكرا لكنه ازداد خديجا لم يكتمل نموه أي ابن سبعة أشهر هبت أخته عيشا موح وزوجة أخيه جوبة الحسن وفاضمة وراص وصوفية نيت فضول رحمهن الله جميعهن وعقدن مؤتمرا عاجلا لانقاد الموقف اهتدين إلى طريقة عجيبة أمرنه أن يشتري قدرا كبيرة من الطين أي تكينت  بينما قرشلن كمية من الصوف حتى أصبح ناعما كالقطن فرشنه داخل القدر ووضعن الصغير داخله لاستكمال نموه كأنه في بطن أمه وهدا العمل تقوم به المستشفيات الخاصة بالولادة والمصحات الكبرى ألان  وهو ما يصطلح عليه اليوم بالحضانة بتشديد الضاد .قام بحفل عقيقة كبيرة سارت بخبرها الركبان ذبح ثورا كبيرا وكبشين حضر الحفل كل أعيان النحيت وشعرائها وعدد كبير  من الضيوف .

أسوق هنا قصة واقعية للترفيه في سنة من السنوات العجاف جفت الأرض من الماء والكلأ وماتت الماشية التقيت بوعزى حفيد العباس يسوق نعجة هزيلة على مشارف الموت وسألته إلى أين تسوق هده النعجة قال لي إلى الحفرة لتموت على مهلها وهي تمشي على قدميها بدلا من أن أجرها وهي جثة هامدة
توفى العباس  بعد أن بلغ اجله ولم يصب بوعكة ولم يزر طبيبا طول حياته ولم يتناول دواء مصنعا باستثناء الأعشاب الطبيعية كالزعتر والشيح وتمزوريا تاركا ولدا واحدا وأربع بنات رحمه الله وغفر لنا وله أمين

مقالات ذات صلة

تعليق واحد

  1. في عهد السيبة ـ القرن 19 ـ حكم القياد من أمثال التيوتي و الباشا حمو بلاد سوس بالحديد و النار فأخضعوا البلاد و العباد للقمع و سلب الأملاك و الإعتداء على الحرمات كما جاء في مقال الأخ عبد القادر ، لكن الحمد لله سوس ولدت أبطال كذلك منهم أدا لعباس رحمه الله الذي لم يرض أن تنتهك حرمات أفيان و هو يتفرج ، فقام بالواجب و أدى الثمن بالسجن ، رحم الله أجدادنا الذين دافعوا على وطنهم و كرامتهم و تركوا لنا تاريخ نفتخر و نعتز به

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى