مشاهير آفيان

رجال من أفيان ( 16 ) : محمد نايت لحسن أموح

984131_383056638470390_149826273_n

بسم الله الرحمان الرحيم

عاش محمد بن الحسن أموح يتيما تحت كنف أمه ورعاية خاله  من قرية والكسن ، سافر محمد بعد ان بلغ أشده مثل أقرانه إلى  الدار البيضاء المدينة المنقذة من الفقر والمكونة للرجال  و قبلة أغلبية أهل سوس المهاجرين قصد بناء مستقبل واعد  ،  كجل أبناء سوس تعلم أصول التجارة وهو يعمل كصبي مساعد في عدة متاجر لما اكتسب قدرا من المال تمكن من شراء دكان خاص به بمنطقة درب السلطان وعمل فيه مستقلا لعدة سنوات بينما استقر إخوانه بحي بوركون الراقي المعروف

 لم يعجبه الحي لما فيه من شغب وضوضاء اقلق راحته ثم اتجه بعد بيع هذا الدكان إلى بوركون بجوار إخوته فاشترى هو والبلغيتي ابوبكر من الزاويت دكانين دخلا في شراكة بينهما لمدة  قصيرة بعدها اتفقوا على الانفصال أخذ كل واحد منهما دكانا بعد إجراء القرعة بينهما وكان نصيبه الدكان الموجود بزنقة سوفران قرب الثانوية الفرنسية (ليسي ليوطي) وكانت هذه الثانوية يلجها أبناء الفرنسيين وأثرياء المغرب

طاب المقام لمحمد باع واشترى ربح  قدرا محترما من المال  لكن تسير الرياح بما لا تشتهي السفن ، أصيب بقرحة بالمعدة اضطرته إلى إجراء عملية جراحية ، بعد تماثله للشفاء  أمره الطبيب بالابتعاد عن التدخين وتلوث المدينة  كما نصحه أخوه بالعودة إلى تمازيرت ـ أفيانـ ـ و بعد فترة نقاهة اشتروا متجرا كبيرا بسوق الثلاثاء  رص فيه كميات كثيرة من البضائع التي يحتاجها المقيم بالبادية وكذلك بعض السلع التي جلبها لأول مرة إلى البلدة كالزبد والجبن و دقيق السكرـ سنيدة  ـ وأنواع الصابون و(شمبوان) وغير ذلك  ، وبالمناسبة احكي قصة واقعية وجد( بايري )رحمه الله الجبن و طلب شيئا منه فأعطاه عدة علب وقال له قدمه كوجبة الفطور للأولاد ليصحوا ويصبحوا رجالا في وقت وجيز لكن الأطفال لم يستسيغوا هذه المادة الغريبة عليهم وهم الذين لا يعرفون  إلا (لبسيس نودي دواركان) السمن وزيت اركان

 التقيته ذات صباح وقال لي تعالى خذ حليب الحمارة الذي اشتريته لان أولادي لا يريدونه  : اشكد اوين إكفي ن تغيولت أشكو أورت رين احشميين

941298_383056641803723_2048247271_nصورة تذكارية تجمع المرحوم محمد و حسن رحمه الله و احمد أمبارك

في وسط الأسبوع  عندما يقل الزبناء ، يخرج محمد  الملقب ب الموتشو من طرف أصدقائه و أحبائه الكثيرون ، قلت يخرج الأكياس  الفارغة من قوالب السكر والمملوءة بالتبن فيأتي الشيوخ والعاطلون ويتمددون فوقها مستمتعين بأشعة الشمس الدافئة وبما أن لموح ألحسن مخيلة واسعة يخترع لهم القصص الغريبة والخيالية  ويقطع بهم البحار والقفار يظنه السامع الواعي سندباد زمانه

فيذهب بك مرة إلى بغداد ومرة إلى تزنيت ومرة إلى ازمور ثم بن يعقوب وهكذا حتى يسمع غطيطهم وهم داخلون في سبات عميق فيمسك عن الحديث بعد سؤالهم هل انتم نائمون لأغلق فمي

اساك تكنم ادقنغ امي نو , فإذا أجابه احدهم بأنه ليس بنائم  يرد عليه ضاحكا خذ ما تريد واترك الباقي للنائمين كساس أينا ارتريت تفلت الباقي

قام محمد بأعمال جليلة بأفيان بعضها لازال شاهدا  على أياديه البيضاء كإعادة بناء وإصلاح تمزكيد نسيدي إبراهيم بن عامر(تمزكيد ني غرمان) بعد أن أرسل تجار أفيان بالدار البيضاء الخشب والصباغة والاسمنت وما يلزم من مواد للبناء والإصلاح اشتغل بنفسه مع ثلة من الصناع وأبناء افيان الموجودين في  البلدة حتى بلغ البنيان  متمه وعينوا فقيها لتعليم الصغار القرآن والصلاة بالناس وتعليم الكبار مبادئ الدين

أحكي لكم قصة تذكرتها ألان ، انتهى العقد   المبرم بين جماعت أفيان مع راعي الغنم واجتمعوا لإبرام عقد جديد  طلب محمد من الراعي أن يستمر في عمله مقابل قدر من المال يبلغ  ثلاثين ألف ريال للسنة المقبلة مع الأكل والكسوة وأضحية العيد رد الراعي وكان لا يعرف الحساب با لعربية رافضا المبلغ بدعوى انه قليل رد عليه احد الحاضرين وكم تريد أجرة لك قال (ساد مراو نوالف) سبعة عشر ألف ريال رد عليه محمد بسرعة قائلا متفقين قم واخرج القطيع و لك ما تريد لا ننقص ولا نزيد عليه

971226_383056585137062_1104085435_nمحمد نايت لحسن أموح رحمه الله رافعا يده بإشارة النصر ، هنا مع الحسين ألهاشمي، المرحوم الحسين نايت لحسن و سي مسعود

كان محمد أول من ادخل ضوء غاز البوطان إلى النحيت يمر بالأنابيب المستعملة لتزويد المدن بالماء الصا لح للشرب واضعا رأسين للإنارة (لامبا ن بوطاكاز) على كل جانب من حجرة الضيوف يتدليان من السقف يخاله الجالس حبابة الكهرباء المستعملة في المدن

كان موح ذكيا  ، في عرس أخيه الكبير قامت النساء ليهيئن وجبة الفطور لمرافقي العروس وهو على شكل حساء من الشعير يعتبر الفطور الرسمي في البلدة، ملأن صحنا كبيرا  بالماء ووضعن فيه كمية من دقيق الشعير فار الصحن واخذ الحساء يتدفق ، ارتبكت النسوة   ذهب محمد مسرعا وملا سطلا كبيرا من القصدير بالحساء واخرج بسرعة الأعواد المشتعلة رآه خاله وشكره على صنيعه وقال للنسوة لولا محمد لبقي الناس بلا فطور : ايهيا اتيمغارين ملاداور محمد سبقان ايت تنكيفت بلا الفضور الله أرضا عليك ايوي

 تعب أخوه من ضوضاء المدينة وطلب منه أن يتناوبان على شغل التجارة يشتغل احدهم في المدينة مدة معينه بينما ينزل الثاني إلى افيان ،قبل عرض أخيه وجاء إلى المدينة وكان يشتغل بدكانه السالف الذكر وكنت اشتغل معه

 في إحدى العطل كنا نغلق باب الدكان على الساعة العاشرة ليلا ويذهب هو للمبيت في المنزل وبما أن المسافة قريبة  كان يقطع المسافة  سيرا على الأقدام وفي ليلة مشؤمة اعترض احد الظالمين  سبيله ومد إليه يده الأثمة واغتاله طعنا بالة حادة ضربه جهة القلب وسقط وفارق الحياة في الحال جاءني مساعد أخيه وأنا استعد للنوم واخذ يطرق الباب بعنف وينادي بأعلى صوته اخرج فورا إن الدا موح قد قتل خرجت مذعورا لا ادري ما جرى توجهنا إلى مكان الحادث فوجدناه مدرجا في دمائه أتت الشرطة واخذوا له صورا فوتوغرافية ونقلوه إلى مستودع الأموات تركوا لنا استدعاء للحضور إلى مخفر الشرطة وما أدراك ما مخفر الشرطة (الدار الحمراء( جهنم احمان )جلست على كرسي من الخشب نصفه مكسور وجلس شرطي أمامي ينقر على أزرار آلة كاتبة مهترئة يسمع صوتها على بعد أميال من المكتب (باق بربلاق)  وقف اثنان ورائي وانهالا علي بالأسئلة من كل جانب: من كان معه في المساء هل تشاجر مع احد هل شتم أحدا هل له أعداء قلت لهم إني بدأت العمل معه منذ اقل من شهر فكيف لي أن اعرف مشاكله مع الناس

أطلقوا سراحي ولكن لأعود غدا ، اخذوا أوراق تعريفي وتركوني في المكتب من التاسعة صباحا إلى الرابعة مساء دون أن يستجوبني أو يسألني احد طلبوا مني العودة مساء غد لكن نبرة كلامهم تغيرت وأصبحت أكثر عنفا وفضاضة السب والشتم (لابد أن تتهم أحدا لنتخلص من هذا الملف قلت لا يمكنني أن اتهم أحدا لأنني لم أرى شيئا تلقيت أول صفعة على القفا رأيت معها النجوم في عز الظهر توالت الشتائم (تاهم شي حد  الكربوز الشلح )أجبتهم لا يمكنني أن اظلم أحدا قال لي وهو يضحك أتظن نفسك ببغاء تعيد نفس الكلام (راك نتا غير زعطوط) مر أسبوع على هذا المنوال غير أني اشكر الله لأنني لا أبيت في (البنيقة) دخل رئيسهم ورق قلبه وأمرهم بإطلاق سراحي خوفا أن أموت لأنني لم أتناول طعاما مدة الاستجواب من شدة الخوف لأنني لم ادخل مخفر ا من قبل وقيدت القضية ضد مجهول

 اختم بالآية الكريمة من سورة لقمان أعوذ بالله من الشيطان الرجيم (إن الله عنده علم الساعة وينزل الغيث ويعلم ما في الأرحام وما تدري نفس ماذا تكسب غدا وما تدري نفس بأي ارض تموت إن الله عليم خبير ) احتسبناه عند الله شهيدا

توفى رحمه الله تاركا ولدين وبنتا واحدة

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى