مشاهير آفيان

رجال من أفيان ( 12 ) : سعايد اوالهاشمي

 بسم الله الرحيم
ازدان فراش الشاعر الكبير الهاشمي بمولود ذكر سماه سعايد أي السعيد الذي ادخل السرور على نفسه وكذلك زوجته وعلى أهل البيت دون استثناء رعاه حق الرعاية لا يقبل أن يمسه مكروه يخاف عليه من كل شيء كان يرقيه عند فقهاء الزاوية ليحفظه الله من كل مكروه ومن كل شيطان وهامة ومن كل عين لامة يقرأ عليه ما حفظه من القرآن ويلبسه الأحجبة وصرة فيها شيء من الكبريت والملح وقرش من الفضة ويسمونه( تالكرشت ننقرط) لعل ذالك كله يطرد عنه السوء لكي يكون له سندا وعونا على تقلبات الزمان
شب سعيد وكبر بسرعة ولما بلغ عشر سنوات استأجره عمه العباس ليرعى له الغنم و في إحدى السنوات هطل المطر بغزارة على افيان وارتوت الأرض واستعد الناس للحرث فهطول الأمطار التي تأتي من جهة الغرب أي( تاكوت) في شهر أكتوبر تندر بسنة فلاحيه جيدة ، حرث الناس جميع الأراضي ولم يتركوا شيئا استمر هطول المطر الخفيف الذي يدخل الأرض، إرتوت عروق الأعشاب والزرع فأخرجت الأرض زخرفها وازينت وانبتت من كل زوج بهيج ومع اقتراب فصل الصيف استقوى الزرع على سوقه واصفرت السنابل فاستعد الناس للحصاد وكان العباس يملك أراضي شاسعة يحرثها كلها ولكن قلة اليد العاملة تؤرقه ويكون مضطرا للاستعانة بسعيد يأمره أ ن يأتي بالقطيع إلى المكان الذي يحصدون فيه ويأمره بجمع الزرع وحمله إلى النذر وبما أن عوده لازال طريا يعود في المساء خائر القوى يكاد يجر رجليه من التعب وفي المساء يحضنه أبوه ويسأله عن أحواله وعن الذئب هل رآه إذا أجاب بلا يسأله وهل رآك هو يريد أن يخفف عنه لكن الطفل لا يستطيع الاستمرار في هذا العمل المزدوج والمتعب رق له قلب الوالد الحنون ووعده أن ينهي الاتفاق الذي ابرمه مع أخيه وانه سيرسله إلى الدار البيضاء ليطلب رزقه هناك
فعلا أرسله واشتغل عند ابن عمه عبد الله نيت عثمان في متجرهم الموجود في شاطئ السعادة لكنه بعد مدة وجيزة اشتاق إلى حنان والديه وعاد أدراجه إلى قريته بلغ سن الرشد وزوجه أبوه بشابة صالحة من ايت عيسى كانت له نعم الزوجة
توجه إلى أعمال البناء واشتغل مع عدد من المعلمين واخذ عنهم طرق الحرفة بعد أن أوصاه أبوه تعلم لكي تكون معلم لا تبقى طول حياتك متعلما تنقل الأحجار والطين
كان سعيد نعم الولد المطيع إذا سأله أبوه عن شيء يطأطئ رأسه ولا يجيب حتى يتم أبوه كلامه ويسكت برهة ثم يجيب بصوت منخفض لا يكاد يسمعه من يجلس بجانبه تأدبا واحتراما والجواب كلمات مقتضبة ومختصرة

  

كبر سعايد وشرب الصنعة كما يقولون وأصبح معلما مشهورا يبني بالطوب والحجر والاسمنت يشيد منازلا ودكاكين لازالت شامخة إلى اليوم في كل مكان من النحيت عامة
مات أبوه وكان هو اكبر إخوته نزل عليه ثقل الحياة لان إخوانه يشتغلون بالمدينة وبقي في القرية يحرث الأرض ويحصد الزرع ويجمع ثمار اللوز والاركان والصبار بموازاة مع أشغال البناء حتى يوم السوق الذي يعتبر يوم عطلة يعمل في المقهى الموجود في سوق الثلاثاء يغلي الماء ويهيئ البراريد والكؤوس مقابل ثمن بخس عشرون سنتيما للكأس ويهيئ للمتسوقين خاصة أهل قبيلة أرغنالطواجن مقابل درهمين يغادر في المساء منهكا يجر رجليه من التعب صابرا محتسبا 

كان سعيد رجلا يحب الخير للناس ويقضي حوائجهم يمشي بالصلح بين الناس ويخطب للذين يريدون الزواج ويرعى أغنام سكان افيان عند غياب الراعي وينوب عن العرسان الذين ليس لهم من ينوب عنهم عند عقد النكاح لان هناك بالنحيت عادة لا يمكن للعريس أن يحضر عقد النكاح فالنائب هو الذي يقوم مقامه واغلب الحالات يكون سعيد هو النائب كان يذبح أضاحي العيد للأرامل ونساء المتغيبين الذين لم يسعفهم الحظ للحضور يوم العيد وكان يؤدن للصلوات في المسجد ويوقظ الناس في رمضان لتناول السحور ويقدم الطعام لعابري السبيل الذين يبيتون في المسجد ويمتد عطاؤه ومساعدته وخدماته إلى الدوا وير المجاورة ولم يكن عمله وخدماته منحصرة في افيان وحدها كان سعيد رجلا قلما يجود الزمان بمثله
هناك كثير ما يقال عن هذا الرجل الذي بكاه أهل افيان والجيران يوم مماته والكل يسأل من سيكون مكانه


توفى سعايد بعد مرض مفاجئ الم به وأجريت له عمليتان متتابعتين في أسبوع واحد لكن بدون جدوى ودفن بمقبرة باب الخميس بتارودانت بجوار أبيه تاركا ستة أولاد وبنتين رحمه الله وأكرم مثواه وغفر ذنبه

أمين

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى