إداوزدوت

تيوت جوهرة سوس المنسية

Tiyout
 Souss24.com

عبر سنين طويلة أبدع الأجداد المغاربة في رسم معالم مدن عريقة وحضارة شامخة عز نظيرها في العالم. كما أدركوا تماما معنى التنمية المستدامة التي تجهلها أجيال تعاقبت على عمارة هذه الأرض تحت شعار”أنا ومن بعدي الطوفان”. فكلما تركت المدن التي طالها الإسمنت والقصدير متوجها نحو القرى المغربية، كلما استهوتك مناظر طبيعية خلابة، ومواقع أثرية جذابة قد يستغرب الزائر من كون بعضها ما زالت مجهولة مادام المسؤولون عن قطاع السياحة وتسيير شؤون الجماعات لم يكلفوا أنفسهم عناء التعريف بموروث مناطق نفوذهم سواء عبر تنظيم أنشطة ثقافية موسعة تستقدم المشاركين من كل حدب وصوب، أو تشجيع جمعيات المجتمع المدني التي تتبنى مثل هذه الأهداف، أو من خلال وضع لوحة إشهارية كبيرة تدعو السياح إلى زيارة المنطقة وذلك أضعف الإيمان


الجنوب المغربي من المناطق التي تزخر بمواقع سياحية متميزة. مواقع لابد للمغربي أولا أن يعرفها ويبحث في تاريخها، ويستمتع بجغرافيتها، ويستنشق نسيمها العليل، ويشرب من ينابيعها الرقراقة. وتعتبر ”تيوت“ واحدة من المواقع السياحية المنسية. وهي منطقة تقع على سفح الأطلس الصغير، وتبعد بحوالي 30 كيلومترا من مدينة تارودانت عبر الطريق الإقليمية 1706 (طريق إغرم-طاطا). ساكنتها تزيد عن 2800 نسمة يحتل منها الشباب نسبة عالية. سحر ”تيوت“ يكمن في ثرواتها الفذة التي تجمع بين غابة الأركان وواحة النخيل، والمياه العذبة المتدفقة من جهة، ومن جهة أخرى تستنير المنطقة بتراثها المعماري الخاص الشاهد على تاريخ المنطقة العريق والذي يشكل مع شمس الأصيل لوحة فنية تسافر بالزائر إلى حضارة عريقة وتاريخ مجيد يعود لقرون خلترغم استقبال تيوت لعدد لا يستهان به من السياح الأجانب، ورغم المجهودات المبذولة من طرف الجماعة المحلية للارتقاء بالمنطقة وإعادة الاعتبار لها، فإنها تبقى من المناطق التي تعاني الأمرين بقدر ما تعاني من عدم جدوى الدراسات التي أنجزت على المنطقة من طرف متدخلين كثر. دراسات أنهكت المنطقة وأدخلت ساكنتها في دوامة انتظار الوفاء بالعهود وتلبية حاجيات ساكنة تعاني من الفقر، وقلة المشاريع المدرة للدخل، ومن ارتفاع في نسبة البطالة. فهل هكذا يكون مصير منطقة تتوفر على إمكانيات طبيعية وبشرية مهمة تؤهلها لخدمة التنمية المحلية؟
إعادة الاعتبار لجوهرة سوس يجب أن يكون أيضا من خلال تشجيع السياحة الداخلية، وتشجيع المشاريع التنموية والأنشطة الثقافية التي تتبناها جمعيات فاعلة في المجتمع المدني في أفق خلق دينامية في المجتمع القروي وجعله أكثر قدرة على التجديد والإبداع والاستمرارية في العطاء. فواحة تيوت مهد للعلماء وحفظة القرآن، وهي مسرح للمواهب التي تنتظر من يكتشفها ويأخذ بيدها. وهي كذلك أرض خصبة لمشاريع فلاحية تنموية كما كانت عليه من قبل حيث تنتج الأرض كمية عظيمة من القمح والشعير وغيرها من الحبوب والخضر فضلا عن قصب السكر الذي ينبت فيها بكثرة. ويبقى السؤال: متى سينفض عن ملف تيوت غبار التهميش والإهمال؟ وإلى متى سيبقى حبيس زوايا النسيان؟

بقلم رشيد زكي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى