إداوزدوت

تامغارت: إنها المرأة السوسية عماد الأسرة و عنوان الوفاء و الإخلاص

المرأة في سوس لم ولن يتعرف عليها إلا مجتمعها الذي أطلق عليها اسم “تامغارت” أي الكبيرة والعظيمة، فكل امرأة يطلق عليها “تامغارت” إضافة إلى اسمها الشخصي، ولا يطلق اسم أمغار الكبير إلا على من تولى مشيخة القبيلة، ويفقد هذا الاسم عندما  يتخلى عن وظيفته، ويرجع هذا التمايز وهذا التقدير المستمر والمعنون بعنوان “تامغارت” إلى الدور الطلائعي الذي تقوم به داخل الأسرة وخارجها في السراء والضراء

المرأة السوسية استطاعت فرض ذاتها وهذا ما يدل عليه مصطلح تامغارت الذي تلقب به المرأة في سوس نظرا للدور الطلائعي الذي تقوم به داخل الأسرة وخارجها في السراء والضراء فكلمة”تمغارت” تعني الزعيمة ومذكرها “أمغار” الذي يعنى الزعيم وإلى المرأة ينتسب الأبناء فكلمة”كما” بمعنى الأخ تعنى ينتسب إلى أمي ونفس الشيء بالنسبة لكلمة «أولت ما”-“آيت ما” فجعلت المجتمع يمنحها مكانة عالية داخله، حيث تعتبر ندا للرجل، ودورها في بعض الأحيان أعظم من دوره، وبهذا يكون المجتمع السوسي، المجتمع الوحيد الذي اعترف لها بهذا الحق

ومما عرفه الأمازيغ قديما عدم تعدد الزوجات، وقد ورث عنهم المجتمع السوسي ذلك «فإن الجزولي يقتصر على زوجة واحدة لأنه أدرك بفطرته أن السعادة والصفاء والوئام والاستقرار الدائم لا تكون إلا في الاقتصار على زوجة واحدة أما التعدد بدون ضرورة فإنما يوقد في البيت نار الغيرة والدس وسوء الظن ثم التشريد والطلاق قليل جدا أو منعدم


فكان الطلاق لذلك قليل جدا أو منعدما، وإذا وقع شيء منه، فكثيرا ما يكون طلاق الخلع إذا رأت الزوجة من زوجها انحرافا في الأخلاق، أو تهاونا في الدين أو تنكرا لواجباته، كما يقل جدا أن ترى للرجل في جزولة أكثر من زوجة واحدة إلا في حالة اضطرار الشديد، وبعد موافقة الأولى، والأخذ بوجهة نظرها في ذلك فالمرأة لا تتعصب إذا كان الحق في جانب الرجل وهي تحنو عليه

فالمرأة السوسية مثال للتضحية والكفاح في سبيل استقرار عائلتها ، فهي تتحمل مسؤوليات المنزل ونفس الشيء في حالة وفاة الزوج ، فتجدها ترفض الزواج من جديد من أجل وحدة  و تماسك أسرتها

وبهذا فتاريخ المرأة السوسية يشهد لها بدورها المتميز داخل الأسرة، وتحمل مسؤوليتها ناهيك عن الأدوار الطلائعية التي تقوم بها في شتى المجالات

مكانة المرأة السوسية من خلال الكتابات التاريخية


وفي هذا الشأن تحدث محمد المختار السوسي في المعسول من نموذج للمرأة السوسية وهي المرأة الإلغية يقول

فهذه المرأة الإلغية ككل نساء تلك النواحي، هي التي تقوم بكل شؤون بيتها، فتضل نهارها في الأعمال المرتبة على أوقات اليوم، تقوم سحرا لتطحن ثم تسخن ماء الوضوء مع الفجر، ثم تحلب البقرة، ثم تسقي من البير بالقلة على ظهرها تأخذ القلة بحبل يمر بكاهلها، ثم إن أرادت أن تحطب فإنها تبكر ولا تطلع عليها الشمس إلا وراء روابي إليغ، حيث لا يزال الشيح الذي هو الوقود الوحيد للإلغيين، فتجمع منه إبالة عظيمة تنظمها ثم ترجع بها على ظهرها، والعجب أن ذلك الحمل الثقيل لا يؤودهن، فإن النساء الحطابات يرجعن بالأغاني يتداولنها بأصواتهن الرخيمة، ثم لا تكاد تدخل الدار حتى تهيئ الغداء إن لم تكن طبخته صباحا، ثم تمخض وطبها، ثم تنقي طحنها للغد، ثم تغربل طحين الصباح ثم تأتي بالخضر من الحقل، ثم تسقي البقر ثم إن كان عندها سقي من البير للحقول فهي التي تتولى ذلك. وزد على ذلك أن تتعهد مغزلها، وترضع ولدها، ثم إن كان حرث أو حصاد فهي التي تقوم بذلك بمعاونة زوجها أو وحدها إن غاب، بهذا تملأ نهارها ثم تطبخ العشاء، هذا كله والغالب أن تحافظ على صلاتها في دارها مع المسمع من المسجد، والمرأة الإلغية هي سيدة الدار حقا، فهي الخازنة وهي المتصرفة في الشعير والسمن والمراعية الأضياف ولو لم يحضر زوجها إن كانت الدار دار الأضياف


يقول محمد العثماني في ألواح جزولة بهذا الخصوص: «والمرأة الجزولية ينحصر دورها في الحياة العائلية، في السهر على شؤون منزلها الداخلية وتربية أولادها والزوج حاضر، وإذا غاب الزوج فإن الإشراف الفعلي، يكون لها أيضا على سائر الشؤون الخارجية، فهي بهذا وذاك مثال التضحية في كل ما يعود على بيتها بالخير، باذلة في سبيل ذلك أغلى راحتها، فهي تقوم بنقل حاجيات المنزل، ورعي الماشية، وحرث الحقول وجمع المنتوجات الفلاحية، وغلل الأشجار ونسج الملابس بعد غزلها إلى غير ذلك من الأعمال التي لا يتم إلا لتبدأ من جديد ولا تتوقف عجلتها التي تسير في خط دائري متصل لا أول له ولا آخر كالحلقة المفرغة لا يدري أين طرفها

http://igdiwi.jeeran.com/archive/2007/3/182529.html

المرأة السوسية الحديثة


إلى حدود الثلاثينات من القرن الماضي، وهو تاريخ اجتياحه من قبل الاستعمار الفرنسي، نلاحظ أن المجتمع السوسي كان مجتمعا تقليديا ، لكن سرعان ما تم زرع بنيات وأجهزة الدولة الحديثة مما أسفر على عدة تحولات اقتصادية، اجتماعية ثقافية في المجتمع السوسي، وداخل هذا الأخير نجد المرأة السوسية التي بدورها تغيرت أوضاعها، فإذا كانت من قبل تقضي كل وقتها في أعمال بيتها، فإن المرأة السوسية في السنوات الأخيرة برهنت على أنها قادرة على ولوج كل ميادين العلم و المعرفة و تحمل كل المسسؤوليات وهذا ما لمسناه في حواضر سوس و غيرها من مدن المغرب، تقلدت المرأة السوسية مناصب عليا، في العدالة، التعليم، الصحة، في المقابل أن المرأة السوسية في القرى مازالت تتخبط في الأمية، ولكن أصبحنا نلحظ أن عوامل التمدن وصلت إليها عبر وسائل الاتصال وبفعل الهجرة الداخلية والخارجية التي تمرر إليها العديد من القيم الحضارية، وهي بالتالي تحاول الوصول إلى درجة من الوعي


المرأة السوسية و المجال التعاوني

المرأة السوسية كباقي نساء المغرب حاولت المشاركة في الحياة الاجتماعية وتبرز أنها عنصر فعال داخله، وتعتبره كحق من حقوقها وواجب ملقى على عاتقها، واستعدادها دائما على مساعدة أسرتها ورغبتها في تنميته وتطويره، جعلها تنخرط في العمل التعاوني، بعد ما كان جزء كبير من وقتها تقضيه في أعمال المنزل الداخلية والخارجية، التي لا تعتبر أنشطة منتجة تدر دخلا على أفراد الأسرة، لذا فإن تثمين عملها في إطار تعاوني وفي أنشطة تزاولها يوميا لا يمكنه إلا أن يدعم انخراطها في مشاريع صغرى منتجة لذا فالنشاط التعاوني فتح لها المجال لإبراز مكتسباتها، ويساهم في توعية المرأة وتهيئتها وجعلها قادرة على تحمل المسؤوليات

فالتعاونيات هي تكتل مجموعة من النساء لاستغلال مهارتهن المهنية بغية رفع مستوى الاقتصادي والاندماج في المجتمع كعناصر عاملة بناءة ويسلك العضوات في تعا ونيتهن طريقة التسيير الجماعي فالتعاونيات تقوم بمساعدة المرأة، وهي كذلك إطار ملائم لإدماج المرأة وتجعلها واعية بأهمية العمل الجماعي

مسألة  التعاونيات النسائية تستحق منا كل اهتمام و أدعو كل الإخوة شباب أفيان أن يفكروا جديا في الموضوع  ـ أي موضوع إنشاء تعاونية نسائية في أفيان ـ   و أن يتقدموا باقتراحات عملية و  قابلة للتطبيق على أرض الواقع

في الختام ؛ إلى كل الجدات و الأمهات و كل نساء أفيان  ، تقبلوا منا فائق التقدير و الإحترام بارك الله فيكن و جزاكن عنا كل خير

 

 

مقالات ذات صلة

‫4 تعليقات

  1. بسم الله الرحمان الرحيم المراة الزدوتية تساعد في تاسيس عشها قبل ان تصل اليه في يوم عقد نكاها يهدي لها ابويهالائحة من الملابس والحلي والفراش يكفيها لخمس سنوات او اكثرحتى يقف زوجها على رجليه ويستطيع الانفاق على اسرته وعقيقة المولود الاول على نفقة ابيها وتستعمل المراة تقنياتها لمساعدة الناس مقابل ثمن بخس يسمى الفتوح اسوق هنا امثلة من نساء افيان ادا سمحتم لي عايشت هده الاعمال الجليلة(عيشا موح ماهرة في طب الرضع واخراج السموم من المعدة جوبة الحسن مولدة ازداد على يدها اكثر من خمسين طفل كلهم ينادنها جدة وكانت بيطرية تعالج قطيعها بنفسها فاضمة الزرك تعالج بوزلوم صوفية نايت فضول تعالج الكسور رقية براهيم تخرج اشواك الكرموس منالعين بطرف لسانها زينة نيت الحسن من دوار ساكر تبني بالحجر والطين وتخيط جلابيب الصوف فاطمة تالعربيت ماهرة في صناعة الزربية وهتم جرا

  2. بسم الله الرحمان الرحيم اسوق قصة من الواقع بدوار افيان دهب الجميع لحضور موسم سدي علي بن نا صر بدوار ايت ابورك باستثناء واحد تركوه لحراسة الدوار وفجاة هجم قطاع الطرق محاولين الدخول لسلب خزائن الناس وسرقة متاعهم فاغلقت النساء الابواب وصعد الرجل الى البرج بمعية اخته تمتا له البنادق بالبارود  ويطلق النار تارة من اليمين وتارة من الشمال والامام والوراء استطاع ان يبطا من تقدم الاعداء بينما خرجت امراة اخرى من الباب الخلفي  ودهبت فوق اغزر نحمو ترسل صيحات الاستغاتة وصادف ندائها خروج احد ابنائها وسمع الصوت وعرفه فعاد مسرعا لاستنهاض بقية الرجال وعزز صفوفهم باقي افراد القبيلة واشتبكوا معهم فهزموهم شر هزيمة بفضل المراة المجاهدة فافتخروا يابناتي بجداتكن

  3. السلام عليكم رأيت كيف صب اهتام السيد يوسف على المرأة غافلا ما للرجل من دور أساسي باعتبار الأساس في بناء الأسرة المرجو أن تتكلموا قليلا عن عادات الرجال في بلدتكم وهل كان الرجل الأمر الناهي في الأسرة الزدوتية أم انه عبارة عن (بلاكة)أما بالنسبة للنساء فبالأحرى لو ساعدتم الأرامل منهن  وشكرا

  4. إسمح لي يا أخ عمر ، هو موضوع واحد خصصته للمرأة السوسية و دورها في إستقرار الأسرة في المجتمع السوسي و استشهدت بأراء العلماء و الفقهاء من سوس ، و المرأة السوسية تستحق منا كل التقدير و الإحترام ، أما الإهتمام بالأرامل فذلك واجب ديني وأخلاقي على كل أفراد المجتمع ،  أما عن عادات الرجال في بلدتنا لم أفهم المقصود من السؤال ،  أدعوك أن تعيد قراءة الموضوع حول تامغرات التي أجدد واجب الإحترام و  التقدير نحوها ، و أخيرا أذكر بالحديث الشريف :إنما النساء شقائق الرجال

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى