المدرسة العتيقة

مدارس سوس العتيقة عن كتاب : – سوس العالمة – للعلامة مُحمد المختار السوسي رحمه الله

أول مدرسة عرفت في بوادي الْمَغرب الإسلامي هي مدرسة أجلو بضاحية مدينة تيزنيت، وذلك في أواخر القرن الْخَامس، وربَّما كانت قبلها مدارس أخرى وإن كنا لا نعرفها الآن، ثُم تتابعت القرون والمدارس تتكون في السهول والنجود، إلى أن نيفت على مائتين، وهي مدارس شعبية يقوم بِها الشعب بِجهوده الْخَاصة، ولَم تعرف قط إعانة حكومية، وكثيرا ما تكون في كل قبيلة مدرسة أو مدارس متعددة إن كانت القبيلة كثيرة الأفخاذ، فتبني كل فخذ مدرستها على حدة، وهذه المدارس تُسمى مدارس علمية؛ ليكون فرق بينها وبين كتاتيب القرآن التي لا تَخلو منها كل قرية وإن صغرت، والمعتاد أن تقوم القرية بالمسجد الذي يكون فيه الكتاب القرآني، فيكون الإمام للصلوات هو المعلم للقرآن دائما، وأجرته على سكان القرية يعطونه قدرا معلوما من الحبوب ومن الصوف ومن الزبد، لكل دار تَمخض تلك السنة؛ لأن المشارطة مع الإلمام تكون على السنة، ويزيدون فوق ذلك أن يَحرثوا له في أرضهم ويَحصدوا له، وأمَّا المئونة فإنَّها نَهارية على كل دار، غداء وعشاء وهجوريّا في الغالب، فهذا هو قانون مساجد القرى التي تضم كتاتيب القرآن

وأمَّا المدارس التي تقرأ فيها القراءات السبع أو فنون العلوم؛ فإن لَها نظاما آخر، إذ تشارط القبيلة الأستاذ الفقيه مسانَهة على أجرة معلومة من مَحصولِهم: حبوبا وإداما زيتا أو سَمنا أو هُمَا مَعا، ومئونة الطلبة تكون من هري المدرسة الذي يُجمع فيه ثلث الأعشار من أصحاب المدرسة، يقف المكلفون بذلك على الْمَحاصيل في البيادر حتى يؤخذ حظ المدرسة، أو يقيد بأنه في ذمة صاحبه، ثُم إذا تم الدارس يقع النداء العام الذي كثيرا ما يكون من سطح المسجد بِجمع ذلك في يوم خاص يتواعدون فيه وسط سوق القبيلة، فترى البهائم قوافل إلى المدرسة من كل طريق


ومن ذلك تكون مئونة الطلبة المرابطين في المدرسة ومئونة أستاذهم، ومفتاح الهري قد يكون في يد الأستاذ، وقد يكون في يد أمين معين، والغالب أن تتخذ خادم تطبخ للطلبة والأستاذ ما يأكلون في نفس المدرسة غداء وعشاء، ومن القليل أن يكون الطبخ مناوبة بين أهل القبيلة، فتأتي الدار التي فيها النوبة لتأخذ الحبوب من هري المدرسة، فتهيئوها خبزا أو كسكسا، ثُم تأتي به إلى المدرسة، وأجرة الأستاذ تُجمع غالبا من أهل القبيلة خارج ثلث الأعشار، وربَّما يُعطاها من هري المدرسة، أمَّا إدارة المدرسة والتكلم في شئون الطلبة؛ فإنَّها في يد الأستاذ الذي يُحترم احتراما كبيرا، وهو مُفتي القبيلة وقاضيها الطبيعي، ذلك هو نظام الكتاتيب والمدارس، وقد كنا قبل هذا اليوم جَمعنا أسْمَاء هذه المدارس كيفما كانت كبيرة أو صغيرة، وخصصنا لذلك مؤلفا على حدة تتبعنا فيه الْجميع مدرسة مدرسة، وذكرنا أَسْمَاء الذين مروا فيها من الأساتذة؛ ولذلك نوجز اليوم في هذا الكتاب المبني على الإيجاز، فنذكر المدارس اللامعة التي أدت في هذه القرون الماضية الواجب للعربية ولعلومها، سواء بقيت اليوم أو اندثرت

 

1- مدرسة الرباط في آجلو

 

 

هذه هي المدرسة التي قلنا أنَّها البكر الأولى في هذه المدارس، وناهيك بِمدرسة مر بِها عبد الله بن ياسين بطل اللمتونيين، وهو مولود في تامانارت، ويذكر له نسب بين السملاليين، ولا ندري مقدار ما لذلك من صحة، كانت هذه المدرسة من القرن الْخَامس تؤدي مهمتها بين مد وجزر فحينا تكون للفنون، وحينا للقراءات السبع، فممن مر بِها من القُراء الأستاذ أحمد أتجَّار البعمراني المتوفى (1286هـ) وهو الذي أصل فيها الملازمة لتعليم القرآن حتى غلب تعليم الفنون، وإن حرص من جاءوا بعده على جعلها مدرسة علمية كما كانت.

 

2- مدرسة الكرسيفيين

 

 

كان هؤلاء من أسرة علمية عربية، كانوا أولا يقطنون في قرية تُوغزيفْت من سَملالة، ثُم انتقل بعضهم إلى أجرْسِيف في قبيلة أمانوز، فهناك فرعوا وعلموا وألفوا في القرن السابع عسر أبي يَحيى المتوفى (685هـ)، ويُقال: إن مقبرتَهم تَضُم جناحا خاصّا بالنساء الحافظات للمدونة في ذلك العصر الذي كانت فيه المدونة هي الكتاب الوحيد في الفقه الإسلامي يقرؤه كل من دب ودرج والأسرة زاخرة بالعلماء في كل ناحية بسوس إلى الآن، وقد ذكرنا منهم زهاء مائة في بعض مَجموعاتنا الْمَخصوصة للرجال.

 

 

3- مدرسة آزاريِف


 

يذكر أنَّها تأسست في القرن الثامن، وإن كنا لا نقف على آثارها إلا من القرن التاسع عهد علماء تِيلجَات، ثُم تتابعت فيها حلقات مذهبة خصوصا في عهد سيدي مَحمد -فتحا- بن يَحيى وأولاده في القرن الثاني عشر، ولَم يزل العلم يتسلسل في تلك الأسرة إلى الآن والمدرسة في آيت حامد

 

4- مدرسة تانْكرت


 

ربَّما كانت مؤسسة قبل الأستاذ سيدي مُحمد أباراغ الحي سنة (856هـ) يدرس فيها، لكننا لا نعرفها إذ ذاك إلا بِهذا الأستاذ، ثُم تتابعت فيها الدراسة إلى الآن، وهي اليوم في يد شيخنا سيدي الطاهر بن مُحمد الأديب الكبير، وأولاده النجباء الأعلام في وادي إفران، المسمى: وادي الأدباء

 

5- مدرسة آقا


 

كان العلامة محمد بن مبارك -المشير إلى الأسرة السعدية بأنها تليق أن تتولى إمارة المغرب في أول القرن العاشر- قيوما على التدريس والتعليم والإرشاد هناك، وقد توفي في نَحو عام (920هـ)، ثم جاء حفيده عبد الله بن مبارك فتابعه في مهمته إلى أن توفي صدر القرن الحادي عشر، ثُم لَم تزل آثار التدريس هناك كباقايا هذه المدرسة إلى أن انقرض ذلك بعد صدر هذا القرن

 

6- مدرسة تامانارت


 

ناهيك بِها مدرسة كان سيدي مُحمد بن إبراهيم الشيخ مدرسها هو وأولاده وأحفاده، ثُم كان أمثال عبد الله بن يعقوب السملالي أحد تلاميذها، وقد بارك الله في هذه المدرسة وفي أحفاد مؤسسها، فبعد أن أقاموا ما أقاموا في تامانارت انتقلوا بِمدرستهم إلى تَانْكرت بإفران حيث لا يزالون يقومون بالواجب إلى الآن

 

 

 

7- مدرسة سيدي الحسن بن عثمان التملي


 

يرى الزائر لتيوت في ضواحي تارودانت بويتا في وسط المقبرة، وهناك مثوى هذا الإمام تلميذ الونشريسي وابن غازي، فقد نشر العلم هناك بعد ما غادر مسقط رأسه في أسجَّاور في أَمْلن، فأخذ عنه مَحمد الشيخ السعدي، وسيدي مَحمد بن إبراهيم الشيخ التمانارتي

 

8- مدرسة تَازْموت


 

إذا كان الإمام ابن العربي مدفونا في مقبرة المظفر أمام باب مَحروق بفاس؛ فإن هناك بسوس من أحفاد له مَن أحيوا تراثه، فقد كان سعيد أَكرَّامُوا- المتوفى عام (882هـ)- وأولاده قائمين بِهذه المدرسة في سملالة، رافعين نسبهم إذ ذاك إلى هذا الإمام، وكان عهدهم لا يزال قريبا، ثُم لَم يكفهم أن درسوا وأرشدوا، فشفعوا ذلك بالتآليف المعلومة، ثُم لَمَّا فترت هِممهم في الأحفاد؛ قيض الله لتَازموت ما ستراه بعد

 

9- مدرسة آل عمرو


 

في بعقيلة أسر علمية، أقدمها أسرة آل عمرو التي عرفت العلم ونشرته في مدرستها من أول القرن العاشر، ثم كان منها عبد الرحمن الجرادي وغيره، ثُم تسلسل فيها مدرسون إلى الآن.

 

10- مدرسة تَاغَاتِين

 

كانت الأسرة التاغاتينية قائمة بالتدريس في مدرستهم الخاصة، ثُم لَمَّا هدمت بالْحُروب بينهم احتلوا مدرسة المولود برسْموكة حيث قريتهم، وناهيك بأسرة فيها الإمام أحمد بن سليمان الرسْموكي نزيل مراكش المتوفى عام (1133هـ)، كما فيها الأديب داود أحد أدباء جزولة الأعلين اليوم

 

11- مدرسة أدوز

 

 

كان الشيخ عبد الله بن يعقوب المتوفى عام (1052هـ) أمضى أيامه في تَازْموت بعد أن خلت من الكراميين، ثم تبعه أولاده فيها، ثُم أوى أحفاده إبراهيم المتوفى عام (1160هـ)، ومَحمد بن مَحمد إلى أدوز في القرن الثاني عشر، فاتَّخذاها مركزا علميّا، فاستحالت بِهما وبأحفادهِما بَحرا خِضَمّا مُتموجا بالعلوم خُصوصا في عهد سيدي العربي بن إبراهيم المتوفى عام (1286هـ)، عن مائتين من الطلبة في المدرسة، وابنه مَحمد بن العربي شيخ الْجَماعة المتوفى عام (1323هـ)، والمحفوظ بن عبد الرحمن المتوفى (1350هـ)، وقد بلغت أدوز مبلغا عظيما حتى لا تقرن معها مدرسة أخرى في الإتقان وقتَها، ولا تزال إلى الآن تؤدي ما أمكن من مهمتها، ففيها أخيرا الأستاذ أحمد بن مُحمد بن العربي، والأستاذ الكبير عيسى بن المحفوظ أحد مفاخر جزولة الآن

 

12- مدرسة الدغوغيين


 

لِهؤلاء مَجد عظيم في باب العلم والصلاح، فقد كانوا في وجَّان وفي آيت جرَّار منائر التدريس في القرن العاشر، حتى قال بعض المؤرخين في الْحَادي عشر أن مؤلفاتِهم امتلأت بِها الْخَزائن، وقد تَهدمت مدرستهم من قديم.

 

13- مدرسة أسْرير


 

كانت أسرة أبناء مُحمد بن عمرو عالِمة مدرسة ما شاء الله في القرن التاسع ثُم العاشر، فملئوا تلك الناحية علوما، ثُم لَم يأت الْحَادي عشر حتى ذوي نبتهم وغيض ماؤهم، والدوام لله وحده.

 

14- مدرسة سيدي علي بن أحْمَد الرَّسْموكي

 

هذه المدرسة في أَفْلاأوحْنس، وكانت تذكر من القرن الحادي عشر، وقد كان يأخذ فيها الأستاذ عبد العزيز أستاذ اليوسي الذي ذكره في فهرسته وأثنى عليه وعلى رجولته، وقد تسلسلت الدراسة في أحفاد علي بن أحمد إلى الآن في هذه المدرسة

 

15- مدرسة دُودرَار


 

في رَسْموكة وهي ميدان علماء الْمَحجوبيين وبعض علماء أدوز، ولَم تنقطع فيها الدراسة الجدية إلا بعد صدر هذا القرن، وَمِمَّن ألم بِها العلامة علي بن الطاهر مَفخرة العلوم العربية اليوم، وهي أخت مدرسة المولود هناك في العمارة

 

16- مدرسة تَازَارْوَالت

 

أسست في عهد الشيخ سيدي أحْمَد بن موسى، فقد قرأنا في أخبار من حواليه من الفقهاء أنه كان يدرس فيها، ولَم تزل كذلك إلى العهود الأخيرة، وكم جهبذ درس فيها، وكم مرة زخرت بالطلبة، فحينا بطلبة العلوم، وحينا بالقراءات كعهد مُحمد بن إبراهيم أعْجلي، ومُحمد بن علي الفَرْجلائِي

 

17- إيليغ القديمة

 

كانت إيليغ عاصمة لدويلة أولاد الشيخ سيدي أحمد بن موسى، فقامت فيها الدراسة بالعباسيين وغيرهم، ثُم لَمَّا هدمت عام (1081هـ)؛ هدمت أيضا فيها الدراسة إلا قليلا من بعض علماء في حضرات رؤساء إيليغ الجديدة.

 

18- المدرسة الويسَعْدنِيَّة السكتانية

 

كان الشيخ سيدي مَحمد -فتحا- بن وِيسَعْدن من أكابر رجالات سوس في القرن العاشر، كما كان شيخا من شيوخ التصوف وكان من المدرسين، وكان يؤوي إليه المساكين فيطعمهم في زاويته ويكسوهم ويعلمهم، وقد بلغ طلبته -فيما يروى- سبعمائة طالب، وناهيك برجل أوى الملك محمد المسلوخ إلى ظله يوم زحزحه عمه المتوكل السعدي عن العرش، وقد بقي العلم في المدرسة بين مد وزجر إلى الآن، يدرس هناك العلماء الذين يشارطون منذ انقرض العلم من أحفاد الشيخ المذكور المتوفى أواخر القرن العاشر

 

 


المدرسة البَرْحِيليَّة19

 

تقع هذه المدرسة بقرية أولاد بَرْحِيل من قبيلة المنابَهة بضاحية تارودانت، وفيها أمضى العلامة الأصولي حسين الشوشاوي حياته، وهو صاحب المؤلفات المفيدة في الأصول والتفسير والقراءات والطب، وقد توفي أواخر القرن التاسع، وقد كان داود التُونلي التِّيملي مِمَّن تَخرج به هناك، ثُم تتابعت الدراسة في المدرسة فمر فيها العلامة عبد الله الطاطائي من أهل أوائل القرن الثالث عشر، ولا تزال قائِمة بين مد وجزر في التعليم إلى أن ضعفت أخيرا

 

20- المدرسة التاهَالِيَّة

 

من قبيلة أَمْلن، كانت معهد التدريس بأيدي علماء من أسرة اضمحلت قديما، ولا تزال هناك قبورهم كما لا تزال أحاديثهم في النوادي، ثُم بنيت المدرسة هذه الموجودة الآن على يد العلامة سيدي عبد الله بن إبراهيم اليوفْتَارْجائي الشهير المتوفى عام (1314هـ)، فندب إلى عمارتِها العلامة سيدي علي الأسْكَاري المتوفى في نَحو (1332هـ) فزخرت به الدراسة

 

21- مدرسة الْجَامع الكبير بتارودانت

 

تقع هذه المدرسة أمام الباب الغربي للجامع، عن شمال الداخل للسكة المقابلة لِهذا الباب والمتجهة نَحو دار آل الوقاد التلمسانيين ونَحو زاوية سيدي حساين ودرب الوَحْشاشيين، وقد احتجنا لِهذا البيان لأنَّها هدمت اليوم

ليس عندنا عن هذه المدينة أخبار قبل القرن العاشر من الوجهة التي نَهتم بها الآن، وإن كانت لا يُمكن أن تَخلو من التدريس؛ لأنها قاعدة سوس، لكن عندنا الخبر اليقين بازدهار الدراسة فيها منذ أعيد بناؤها من جديد على أوائل عهد السعديين، إذ ملئوها بالعلماء من كل ناحية وشَجعوهم بإغداق العطاء وتوفير الاحترام، وفي (الفوائد الجمة) صفحة مذهبة عن ذلك، ثُم تتابع ذلك إلى أن جاء العلامة أبو زيد الجشتيمي فسطر لنا أيضا في كتابه (الحضيجيون) ما هناك بين أواخر القرن الثاني عشر وأوائل الثالث عشر، ثم اتصلت الحلقات بعده ذلك إلى أن كان آخر من درسوا هناك أحمد أمْزَّارجو ثم عبد الله خرباش، ثُم خلفه بعد وفاته تلميذه الأستاذ القاضي أحمد بن الْحَاج مبارك بن المصلوت، وقد كان هذا آخر مدرس هناك، وكان يدرس في الجامع وإن كان الطلبة يسكنون بالمدرسة، كما كان شيخنا القاضي سيدي الفاطمي الشرادي يفعل أيضا أيام قضائه بتارودانت، وكانت المدرسة عامرة بطلبة الأستاذ عبد الله خرباش الذي ما كان هو نفسه يغب دروس القاضي

 

22- المدرسة التُّومْلِيلينِيَّة

 

تقع في تُومْلِيلين بقبيلة هيلانة (إيلالْن) وكانت أقدم من القرن الثاني عشر، وقد درس فيها إذ ذاك العلامة الأديب عبد الله بن مبارك، ثُم القرن تتابعت فيها الدراسة إلى العهد الأخير، ولا يزال فيها بعض بصيص

 

23- المدرسة الصوابية الماسية

 

من أوائل القرن الثاني عشر صار تلاميذ تَامْجروت يردون إلى سوس فيعمرونه بالعلم؛ لأنَّهم لَم يتعودوا في زاوية تامجروت إلا الدراسة والسعي في المصلحة العامة، فكان من بين هؤلاء الواردين الشيخ أحمد الصوابي المتوفى (1149هـ) فنزل في مَحل بوادي ماسة عن إذن القبيلة، فسمي المحل حِمى الصوابي، فقامت به هناك مدرسة عظيمة رفرفت فيها العلوم، وأوى إليه أمثال أحْمَد الورزازي دفين تطوان، يدرس فيها، ثُم تَخرج منها أمثال الحضيكي، ثُم تسلسلت فيها الدراسة على يد التَّاسَاكَاتي المتوفى عام (1214هـ) ثم على يد العلماء المرزجَانِيِّين، ثُم لَم تنقطع الدراسة هناك إلا بعد مفتتح هذا القرن الرابع عشر

 

24- المدرسة الـهوزالية

 

كان مُحمد بن علي الهوزالي فتك بإنسان من أهله فهرب إلى تَامْجروت فتعلم هناك القرآن والعلم، ثُم رجع تائبا فعرض نفسه على أولياء الدم فسامحوه، فتوجه للتدريس والتأليف والإرشاد وإزالة البدع، ثُم تابعه أهله إثر وفاته عام (1163هـ) في ذلك الميدان وإن كانوا لا يلازمون أحيانا مدرستهم؛ لأنَّهم قد يدرسون في مدارس أخريات.

 

25- المدرسة العباسية التَّازَارْوَالْتِيَّية

 

كانت الأسرة العباسية كسلسلة الذهب بعلماء متقنين درسوا في تارودانت أولا، ثُم في إيليغ، ثُم في مدرسة قريتهم جوار إيليغ، وناهيك بأحْمَد العباسي أستاذ الحضيكي، وقد توفي أحْمَد العباسي هذا عام (1152هـ)، ثُم تسلسل فيهم العلم إلى أن انقضوا في نَحو أوائل القرن الثالث عشر

 

26- المدرسة الحضيكية

 

هذا الرجل الذي نسبنا إليه مدرسة أفِيلال من إيسي طبقة وحده هِمَّة وإرشادا وتَحصيلا وورعا، فقد قام بالتأليف وبالتدريس وبتربية المريدين قياما يعز نظيره إلى أن توفي عام (1189هـ)، فكانت مدرسة أفِيلال ميدانه وميدان أولاده إلى أن انقرض الْجد والتحصيل في الأسرة بعد صدر هذا القرن الرابع عشر.

 

27- المدرسة التِّيمْجيدشْتِيَّة

 

هذه المدرسة هي التي خلفت الحضيكية، لكنها أزخر اتباعا وإن كانت أقل تَحصيلا فاستفحل التدريس في مدرستها منذ العقد الثاني من القرن الثالث عشر، ولا تزال مدرسة تِيمْجيدشت أكبر مدرسة يقصدها الطلبة من جَميع الجنوب؛ لِما مر لشيخها المؤسس أبي العباس المتوفى عام (1274هـ)، وابنه الحسن المتوفى عام (1297هـ)، ثم تتابع فيهم العلم إلى أن انقرض بسيدي الْهَاشم المتوفى منذ نَحو ثلاثين سنة، وهذه المدرسة هي أم المدارس الحوزية البالغة نَحو خَمسين مدرسة منبثة حوالي مراكش بوساطة مدرسة مزوضة التي أسسها أحد تلاميذ آل تَميجيدشت

 

28- الْمَدرسة اليعقوبية الإيلالنية

 

كان الشيخ سيدي يعقوب من أول أواخر القرن العاشر وأوائل ما بعده، له مقام كبير في الروحانيات، حتى وصل الْخَبر إلى مولاي إسْماعيل الذي جاء بعده بنحو قرن فبنى عليه مشهدا ومَسْجدا ومدرسة، ثُم قامت أسرة آل علي بن سعيد بعمارتِها بالتدريس قياما عجيبا مُنذ أولِهم علي بن سعيد المتوفى عام (1239هـ) إلى الآن، ولا يزالون فيها، وبين رجالاتِهم علماء أفذاذ

 

29- مدرسة تَالات أوجْنَار

 

تقع هذه المدرسة بقبيلة إيلالْن، وكانت مدرستهم زاوية علمية تتابعوا فيها بالتدريس والإرشاد منذ عهد جدِّهم علي بن سعيد المتوفى عام (1225هـ)، ولا يزال منهم الآن أفذاذا كبار، وقد يشارطون في مدارس أخرى غير مدرستهم الْخَاصة

 

30- الْمَدرسة الأسْغَارْكِيسيَّة

 

كانت هذه الزاوية مُنذ أواخر القرن العاشر مدرسة علم وإرشاد، فتتابع فيها منذ جد الأسرة يبورك أفذاذ من العلماء ودرسوا وأرشدوا ورحلوا في سبيل العلم والحج، فكان لرجالاتِها شأن متسلسل طوال هذه القرون، فبعد أن كانت زاويتهم وحدها ميدانهم الخاص، غادرها بعضهم إلى خارجها، خصوصا فرع الوَاليَاضِيِّين الذين منهم عبد الله بن إبراهيم اليُوفْتَارْجَائِي المتوفى عام (1314هـ)، وقبله مُحمد بن الطيفور المتوفى نَحو (1252هـ)، وقد كانت هذه الزاوية بِمثابة أن يَختلف إليها أمثال أحْمَد الصوابي ليدرس فيها البخاري، وقد أدركه أجله هناك

 

31- المدرسة اليُوفْتَارْجَائِيَّة

 

كانت مشهورة برجالات من الأَسْغَارْكِيسيِّين؛ كعبد الله بن إبراهيم المتوفى عام (1314هـ)، شيخ الْجَماعة في عصره، وقد كان فيها قبله وبعده آخرون

 

32- الْمَدرسة الْمَحَمْدِيَّة

 

في قبيلة هشتوكة مدارس شتى هذه من كبرياتِها، فقد كانت من قبل القرن الثالث عشر، ثُم استفحلت بالشيخ سيدي سعيد الشريف الكثيي المتوفى نَحو عام (1295هـ)، ثُم جاء الأستاذ مُحمد أعْبُّو فتتابع ازدهارها إلى أن توفي نَحو عام (1332هـ)، ثُم تتابعت فيها الدراسة إلى الآن، وقد كانت حينا تُسمى جامع الأزهر السوسي؛ لكثرة تلاميذها من سوس ومن الْحوز ومن الصحراء

 

 

33- المدرسة الكونكِيَّة

 

تقع في قبيلة إيكونْكَا من هشتوكة أيضا، وكانت قديمة، ثُم علا شأنَها بالعلامة أحْمَد أجْمَل المزالي المتوفى في نَحو عام (1276هـ)، ثُم بالعلامة الْحَاج عابد البوشوَاري الذي خلف والده عبد الله بن عمر في هذا الميدان، ثُم استرسلت المدرسة إلى الآن في القيام بواجبها بين جزر ومد، على حسب من يكونون فيها من الأساتذة

 

34- الْمَدرسة الأغْبَالوئِيَّة

 

عرفت هذه المدرسة برفع راية القراءات مُنذ أجيال، ولَم يكن أساتذتُها يَخلون من معاطاة الفنون أخذا وتدريسا، ومن مشاهيرهم مُحمد بن أحمد، وسيدي مَحمد بن الْحَسن نزيل الأخصاص، وسيدي إبراهيم نزيل مسفيوة المتوفى أخيرا.

 

35- الْمَدرسة المزارية الكسيمية

 

كانت هذه المدرسة من مدارس القراءات العشر من أواخر القرن الثالث عشر على يد الأستاذ سيدي عبد الله الركراكي المتوفى نَحو عام (1340هـ)، أستاذ الجيل في القراءات

 

36- مدرسة تِيزي الإثْنَيْن

 

هناك أسرة تلازم إتقان القراءات زيادة على حرف ورش، وهي أهل تَاوريرت وانو الصوابيون، فمنهم الْحَاج مَحمد المتوفى عند مفتتح هذا القرن، فقد ملأ هذه المدرسة بالقراءات، فتخرج به نَحو مئات، ثُم تبعه أحفاده في مدارس أخرى زيادة عن هذه

 

37- الْمَدرسة العَبْلاويَّة البعمرانية

 

هناك أيضا آل مولود من أساتذة القراءات، فقد عمروا حينا هذه المدرسة التي كانت قبلهم وبعدهم لدراسة الفنون، ولا تزال كذلك إلى الآن تَخرج طبقا عن طبق

 

38- الْمَدرسة البونعمانية

 

كانت مشهورة بالقراءات غالبا، إلى أن احتلها سيدي مسعود المعدري عام (1279هـ)، فردها علمية، ثُم لَم تلبث أن كبر شأنُها فزخرت بالطلبة إلى أن قاربوا مائتين تولاها أبناء مسعود فزادوها شرفا إلى شرف، خصوصا في عهد الأستاذ مَحمد بن مسعود المتوفى عام (1330هـ) الذي خلف والده المتوفى عام (1319هـ)، وفي عهد الشيخ أحمد أخيه، ولا يزال أحفاد المسعوديين فيها مكبين، وهي من المدارس التي لا تزال تؤدي واجبها

 

39- المدرسة البُوعبدلِيَّة

 

في جوار تلك المقدمة، وفي مثل أحوالِها، فكذلك لَم تعد مدرسة علمية نشيطة إلا بعد عام (1240هـ)، فدرس فيها مَحمد بن مَحمد الأدوزي المتوفى عام (1276هـ)، ثُم لازمها أهله، ثُم أولاده عبد العزيز المتوفى عام (1336هـ)، فأبناؤه إلى الآن، وهي مِن كبريات المدارس التي قامت ولا تزال تقوم بالواجب إلى الآن بكل هِمَّة على يد أستاذها سيدي الْحَاج إبراهيم

 

40- الْمَدرسة الْجِشتِيمِيَّة

 

كانت المدرسة صغيرة وقديمة، فلمَّا ورد عبد الله بن مَحمد جد الأسرة من تَامجروت- المتوفى عام (1198هـ)- ملأها علما، ثُم تتابع فيها الْجد في الدراسة بأولاده وأحفاده إلى أن انقرض منهم العلم، فتابعت الْمدرسة سيرها إلى الآن بين مَد وجزر بأساتذة آخرين

 

41- الْمَدرسة الإلغِيَّة

 

لَم تَحدث هذه المدرسة إلا في (1297هـ) إلا أن هِمَّة مؤسسها مَحمد بن عبد الله المتوفى عام (1302هـ)، وهِمَّة خلفه أخيه علي بن عبد الله المتوفى عام (1347هـ) جعلتها مدرسة عظيمة الشأن في الفنون العربية خصوصا الأدب الأندلسي وما إليه، وقد مرت بِها سنون مزدهرة، ثُم ضعف شأنُها أخيرا، ويُخشى أن لا تَجد من يبعث فيها بِهمته ما سلف منها

 

42- البومروانية السملالية

 

مدرسة تذكر من القرن الْحَادي عشر، وربَّما كانت أقدم من ذلك، مرت فيها دراسة جدية بالأساتذة الذين يَمرون فيها، وآخر من جدوا فيها الأستاذ عبد الله الإغْشاني سيد الأتقياء الورعين

 

43- الْمَدرسة التيزنيتية

 

لَم نسمع عن الدراسة فيها شيئا قبل ابن الطيفور الأسْغاركِيسي، ثُم وليه فيها الفحل الذي لا يقذع أنفه الْحَسن بن الطيفور الساموجني، ثُم صارت تتدرج بين مَد وجزر إلى الآن بالأساتذة الذين يشارطون وعلى قدر هِممهم

 

44- الْمَدرسة التِيندوفِيَّة

 

تقع هذه المدرسة في تِينْدوف في التخوم السوسية الصحراوية، وكان آل ابن الأعمش منذ أسسوا تلك المدينة على يد قومهم تَاجَاكانت رفعوا هناك راية التدريس، فيدرس فيها كل من مر بهم من فطاحل الشناكطة؛ كمحمد يَحيى الولاتي وأمثاله، بل قيل: إن مَحمد محمود التركزي مصحح القاموس درس هناك أيضا، حين سافر إلَى الشرق، وقد أقفرت الدراسة من هناك بعد عام (1330هـ) من هذا القرن

 

45- المدرسة التامازتية

 

كانت هذه المدرسة الواقعة في تامازت بقبيلة المنابِهة قديمة، إلا أن شهرتِها لَم تتسع إلا بالأستاذ مُحمد بن عبد الملك اليزيدي الإيسي الذي زخر تلاميذه في تلك الناحية، وهناك يزيديون آخرون أمثاله في أولاد بَرحِيل قريبا من هناك وفي تِينزرت

 

 

 

46- الْمَدرسة الإيرَازَانِيَّة

 

هذه المدرسة من بنات المدرسة التِّيمْجدشتِيَّة قام بِها الشيخ سيدي الْحَسن التِّيملي المتوفى عام (1308هـ)، فأصدر منها بالعلوم وبالتربية الصوفية كثيرين ملئوا تلك النواحي، وقد تبعه أولاده قليلا، ثُم أقفرت من هذا الشأن بعد ما كان لَها وكان

 

47- المدرسة الإسِقَالِيَّة

 

كانت هذه القديمة قديمة إلا أنَّها لَم تشتهر أخيرا إلا بسيدي إبراهيم الإسقَالِي المتوفى (1296هـ)، وبتلميذه الشيخ البركة سيدي الْحَاج الْحُسين الكَروبي ثُم أغلق بابُها بعدهما

 

48- مدرسة ألمَى التنانية

 

كانت هذه المدرسة صغيرة لا تكاد تُذكر، حتى استقر بِها الأستاذ أحْمَد الكشطي المتوفى قريبا، فأدت بفضله واجبا عظيما اشتهرت به، ولا تزال تؤدي ذلك الواجب بعده على أيدي تلاميذه.

 

49- مدرسة إغِيلالن

 

بنيت هذه المدرسة على يد الأستاذ يَحيى المتوفى (1205هـ)، والمدفون قريبا منها، وهو من أصحاب الحضيكي، وكانت له مكانة مكينة في عصره، فقام بالتعليم في تلك المدرسة، فحبس عليها أصحاب الحقول المسقية المستديرة بِها أعشار غللهم، فصارت تعمر دائما من أجل ذلك، وقد مر فيها عدة أساتذة بعد مؤسسها لكنها لَم تفز بالقِدح المعلى بالْجد في التدريس إلا في عهد الأستاذ الْحَاج مسعود الوفقاوي الإلغي الذي يكاد ينفرد في سوس بعد عام (1330هـ) بالإكباب على نفع الطلبة مؤنة وكسوة وغيرهما من ضروب الإعانة، مع حفز هِمهم للتعليم بنظام خاص، إلى أن توفي عام (1365هـ)، فكانت وفاته وفاة آخر الأساتذة السوسيين الذين تضرب بِهم الأمثال في الجد

تلك خَمسون مدرسة اخترناها من بين نَحو المائتي المنبثة في نواحي القطر السوسي، وإنَّما اقتصرنا منها على هذه الخمسين؛ لأنَّها كافية في إعطاء القارئ نَماذج فقط لكل أنواع المدارس العتيقة هناك قدما وحدوثا واستدامة وانقطاعا، فلينتظر القارئ الكتاب الذي يَجمع هذا الموضوع فإن فيه شفاء الغليل؛ لأننا ربَّما ذكرنا هنا مدرسة وتركنا نظائرها أو أفضل منها؛ لأننا لا نقصد إلا أن ما يقصده مُمثلوا معامل المنسوجات عندما يعرضون منسوجاتِهم على البزازين، إذ يأتون من كل نوع من أنواع الثياب بنماذج صغيرة وبالله تعالى التوفيق

 

عن كتاب : – سوس العالمة – للعلامة مُحمد المختار السوسي أثابه الله الفردوس الأعلى

 

الموضوع الأصلي: مدارس سوس العتيقة || الكاتب: محبّ الفردوس || المصدر: منتديات صوت المغرب الإسلامي

www.MoroccoVoice.org

 

تعليق : رحم الله الفقيد العلامة محمد المختار السوسي وجازا الله من نشر هذه الدراسة على الأنترنيت   ، أما بالنسبة للمدرسة العتيقة المتواجدة بتراب أفيان قرب ضريح الولي الصالح سيدي إبراهيم بن عامر فشخصيا لا أعرف من تاريخ هذه المدرسة إلا الشيء القليل و حبذا لو تفضل كل من له إلمام بتاريخ هذه المدرسة لتنويرنا جزاه الله خيرا

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى