المزيد

كلمة بمناسبة عيد الإستقلال : المقاوم الأمازيغي المدني الاخصاصي بطل من أبطال المقاومة الشعبية في وجه الإحتلال الأجنبي

من المعلوم أن كثيرا من المناطق المغربية أهملت من طرف الكتاب المغاربة الذين تناسوا أدوارها التاريخية، مما دفعنا إلى التذكير هنا بمقاومة واحدة منها. وقد شاء نصيب سكان قبيلة لخصاص أن يشكلوا النواة الأساسية لتيار المقاومة الذي لم يهادن في كل مراحل سيطرة الاستعمار الفرنسي على الجنوب المغربي بداية من القرن العشرين، بدءا بحوز مراكش سنة 1912 وانتهاء ببويزكارن بالأطلس الصغير الغربي سنة 1934، حيث كاد الطيران الفرنسي أن يدك المنطقة عن بكرة أبيها.

وعند الحديث عن مقاومة الجنوب المغربي فلا شك أننا سنقف أمام اسم المقاوم الأمازيغي الكبير القائد المدني الاخصاصي الذي ينحدر من دوار ايد عبلا الحاج بايت بوفولن. فقد كان أبوه من وجهاء حلف إيكيزولن الذين يحضرون ندوة شيخ زاوية تازروالت الحسين اوهاشم ممثل السلطة المخزنية نهاية القرن التاسع عشر، ومنذ سنة 1314 هـ / 1897 م

استرد المدني مكانة أبيه في القبيلة وذلك بعد مساندته لخليفة المخزن بسوس القائد سعيد الكيلولي الحاحي. وفي سنة 1323 هـ/ 1906 م أصبح المدني واحدا من الأعيان الكبار ضمن حلف تاكيزولت يتقاسم معهم السلطة وعائداتها، وساعدته على ذلك حركة الهيبة إلى سوس، والتي انضم إليها حيث التقى المدني والهيبة في فكرة الجهاد ومقاومة المحتل الفرنسي وعبر محمد المختار السوسي في كتابه المعسول، الجزء الرابع ص 168 عن ذلك بقوله: “للقائد المدني الاخصاصي يد طولى في زحزحة ذلك الكابوس المخيم على الناس في الجنوب”. وقد شارك على رأس وفد قبيلته في حملة الهيبة إلى مراكش ولم يغادرها إلا صبيحة انهزام مقاومي الجنوب أنصار الهيبة بسيدي بوعثمان أمام القوات الفرنسية سنة 1912 م وتراجع مع الهيبة إلى موطنه الأطلس الصغير الغربي، حيث سيتولى إلى جانب زعامات سوسية أخرى تنظيم مقاومة جيوش الاحتلال بالأطلس الصغير وسوس. وقد تمنكنوا من دحض محاولات الفرنسيين ومساعديهم الخونة لاحتلال الأطلس الصغير والقضاء على جيوب المقاومة، حيث قتلوا القائد حيدا بن مايس المنبهي في معركة “تيزي” وهزمت جيوشه شر هزيمة سنة 1916 م. ويقول في ذلك الامانوزي: “لما بلغت جيوش حيدا الاودية المطلة على ايت باعمران طوقتها جيوش المسلمين (المقاومين) خصوصا الاخصاص ومجاط وناوشتها بالحرب واستطاع القائد مبارك البنيراني أن يسد الطريق من خلفها لتبقى محصورة في تلك الأودية الخانقة فدب الرعب في جيش حيدا ثم نهبتها جيوش المسلمين وقاتلتها… فقتل حيدا برصاصة طائشة وقطع رأسه وطاف به في القبائل ليعلق نهائيا في كردوس فحصل تركيز للمقاتلين المسلمين” (عن المختار السوسي، المعسول ج 3 ص382). وقالت شاعرة أمازيغية في ذلك:

Iouis n haida rar ljam man awa tiwit

Ghayllin yiwi babak karan awa tawit

Agayouns idda ad ibrrm ammas iyfran

Ayan ihdrn itawdiwin ns houzilal

Awr iàawwl an ig izikr ayarou aàyyal

وهذا ما أثار حفيظة الفرنسيين وجهزوا حملة عسكرية كثيرة العدد والعدة يقودها الجنرال دولاموط سنة 1917 م. لكن بسالة المقاومين وعلى رأسهم القائد المدني دفعت بهذا الجنرال إلى التراجع إلى تزنيت، واعتبر هذا الانسحاب في حد ذاته نصرا ثانيا بالنسبة للمقاومين الذين لاحقوا الجيوش الفرنسية المنسحبة وعملائها واستطاعوا الوصول إلى تزنيت حيث تمت محاصرتها وانتهى الحصار بعقد صلح بين الطرفين. وعبر الضابط جيستينار في كتابه عن القائد الكندافي عن ذلك بقوله: “إن المعارضة لم تلبث أن تعمقت ضد نائب المخزن… فتحرك المنشقون (المقاومون) تحت تأثير الدعاية الأجنبية وقاموا بعملية سطو على تزنيت”

ونستشف أهمية القائد المدني ضمن زعامات سوس من خلال رئاسته لوفد من الأعيان أسندت إليهم مهمة التفاوض مع التهامي الكلاوي المرافق لحملة دولاموط. كما “أن ضباط الجيش الفرنسي الذين قادوا هذه المعارك يكنون احتراما شديدا للمقاتلين الأمازيغ في الأطلس أمثال بلقاسم النكادي زعيم ايت خباش وايت حمو والزعيم سيدي المكي في تازكزاوت وعسو اوبسلام في جبل صاغرو والسكتوني في بادو والقائد المدني الاخصاصي  (الحسين المانوزي، وشم في ذاكرة الناس، جريدة الاتحاد الاشتراكي ع : 6210 / 10 غشت 2000)

وقد استمر المقاوم المدني الاخصاصي في تشبثه بمعاداة الاستعمار الفرنسي الذي كان يتابع تحركاته انطلاقا من تيزنيت دون القدرة على احتلال الأطلس الصغير إلى أن تمت وفاته في 7 رمضان 1352 هـ/13 يناير 1934م، وقد رثته شاعرة أمازيغية فقالت:

Alghbint atagoudi nghass lligh nnan

Lmadani ouhmad asyattin alàmoum

Ghassan anfrk iwadif ghixssan ar ittar

وقام المقاومون وخاصة قبيلة لخصاص باختيار الخليفة الحنفي ليتولى مكان المدني، وعبرت شاعرة أمازيغية عن فرحتها لاستمرار المقاومة بقولها:

Alboucart atamazirt lligham issoul

Lhanafi ouhmad mafllam issawaln

لكن لم يدم ذلك طويلا إذ قام الجنرال هوري بحشد قوات ضخمة تعدادها 25 ألف جندي نظامي و1700 كومي و16 ألف من برطيزة مسلحة بعتاد هائل من مدفعية ودبابات وطائرات تحت قيادة ميدانية للجنرالين كاترو وجيرو حيث هاجمت قوات كاترو الأطلس الصغير من الشمال قصد احتلال بويزكارن في حين تحركت قوات جيرو من الجنوب. وقد تم بالفعل إخضاع الأطلس الصغير الغربي واستسلام القبائل المقاومة بعد قنبلة بويزكارن في عهد خليفة القائد المدني الذي توفي شقيقه القائد الحنفي.

بقلم: محمد ارجدال/ بويزكارن

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى