أدب و فنون

عيد بأية حال عدت يا عيد ؟؟؟؟

196232_1261571864بعد أيام سيحل بين ظهراننا ضيف كريم طالما تشوقنا لملاقاته ، ونظرا لمكانته في قلوبنا فقد دأبنا على إجهاد انفسنا أملا في أن يظفر بأفضل حفاوة واستقبال الى درجة كون البعض منا يحسب له ألف حساب ، ويضرب الأخماس في الأسداس ناسيا أو بالأحرى متناسيا أن القادم ما جاء الا لإسعاد العباد وليس افقارهم وإفلاسهم …عادات ذميمة غزت مجتمعنا في الآونة الأخيرة ، وساهمت في تشويه عاداتنا وأعرافنا ، وحولت أفراحنا الى أتراح ومآسي ، وجعلتنا نؤدي ضرائب فوق طاقتنا لا لشيئ الا لكوننا قد وقعنا ضحية  التباهي بالمظاهروالرضوخ للأنانية وحب الذات …فكيف يعقل أن يقتني أحدنا أضحية العيد بميزانية تضاهي ما يصرفه على أسرته لمدة ثلاثة أشهر على أقل تقدير ، أليس هذا هو الاسراف بعينه ؟ أين نحن من قول رب العزة ” يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر  ” (البقرة ـ 185 ) ومن قول المصطفى عليه الصلاة والسلام في  الحديث المروي عن أنس رضي الله عنه ” يسروا ولا تعسروا ، وبشروا ولا تنفروا ” فاليسر في ديننا عظيم حيث رخص للمسافر في جمع الصلاة والقصر فيها ورخص له الإفطار في صيام الفرض مع رد الأيام كما رخص للمريض في صلاته وفي صيامه…ولكن شتان ما بين معرفة الشيئ وتطبيقه …أما الأعذار التي نستند إليها حين نرغب في تبرير أخطائنا ، وتبرءة أنفسنا فغالبا ما يكون الآخر هو المتهم ، وأخص هنا الأبناء والأسرة عامة ، هؤلاء الأبرياء هم من تلفق لهم التهم المجانية بدون وجه حق ، فترانا نتمادى في ترويج ادعاءات مفادها أن صغارنا لا يستسيغون ولا يتحملون  رؤية الجيران وهم ينعمون بكبش أقرن أملح ونقسم أن ذاك هو الدافع لفعل المستحيل حتى وان اقتضى الأمر اللجوء الى سبل ملتوية لا يقبلها لا المنطق ولا الشرع ـ كالقروض على سبيل المثل لا الحصر  …ومرة أخرى أكرر أين نحن من السلف الصالح حين تقول المرأة لزوجها إذا خرج لكسب أو تجارة :  اتق الله فينا ، إياك وكسب الحرام فإنا نصبر على الجوع ولا نصبر على حر النار وغضب الجبار

ورغم كل الأحوال فلن أتجاهل مقولتنا المعهودة في مثل هذه المناسبة ” عيدكم مبارك سعيد وكل عام وأنتم بخير ” وأبعثها عبر هذا المنبر على الخصوص الى

 ـ جميع الأمهات القابعات في المناطق النائية من المغرب الغير النافع ، واللاتي لا زلن يحتضن الأمية والجهل ، ويزاولن الأعمال الشاقة  في الفرن الواحد والعشرين، ويحترقن كالشموع ليستضيء غيرهن

 ـ كل الآباء الذين أرغمتهم الظروف على مبارحة مسقط الرأس صوب المدن تاركين فلذات أكبادهم للمجهول ، وساعين وراء لقمة العيش وسط محيط لا يعترف بأدنى حقوق العامل ، ولا يفقه مصطلحات من مثل التغطية الصحية والسميك

ـ كافة الطلبة المتحمسين لتلقي العلم ، وحين يرحلون الى الحرم الجامعي يصطدمون بواقع مر فيصابون بخيبة أمل وتتهدم الصروح التي شيدوها آنفا في مخيلتهم

 ـ عامة التلاميذ والتلميذات الذين أجبروا على قطع المسافات الطوال بسبب افتقار قراهم الى مؤسسات تعليمية قادرة على احتضانهم ، وبعد فرحة النجاح وعوض حصولهم على منحة تخفف عن أسرهم ثقل المصاريف يجدون أمامهم  محنة تقدف بأغلبهم خارج أسوار الفصل الدراسي

ـ عشرات المرضى الذين يئنون ليل نهار تحت وطأة السقم ، وحين يلجون المستشفى  مصحوبين ببطاقة رميد  مريض  يجدون كل شيئ في متناولهم باستثناء الدواء وحسن الاستقبال ، ثم يعودون من حيث أتوا وهم يرفعون أكف الضراعة الى الله سائلين إياه الشفاء العاجل والمجاني

ولكل هؤلاء أقول أعاد الله عليكم هذا العيد باليمن والرخاء ومتعكم بمزيد من الصبر

بقلم  ذ المحجوب سكراني

http://www.igherm24.com

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى