المزيد

عاشوراء بنكهة أمازيغية مغربية

 تتعدد احتفالات المغاربة بمناسبة عاشوراء التي تصادف يوم 10محرم من كل سنة هجرية و هي ذكرى مقتل الإمام سيدنا الحسين بن علي بن أبي طالب فإذا كان الشيعة في العراق و إيران و باكستان و لبنان يحتفلون بمناسبة عاشوراء من خلال ارتداء السواد و كثرة البكاء و النواح و لطم الخدود فان المغاربة يحتفلون بهذه المناسبة بطريقة أخرى يسودها الفرح و الفرجة و لكل منطقة طقوس معينة لا تختلف كثيرا عن باقي الجهات الأخرى

و من خلال هذا الموضوع سنتعرف على طقوس عاشوراء و التي تختلف أسماءها من مكان إلى مكان منها عيشورا و عاشورا و عاشور و عيشور بالعربية و أمعشور و أمعشار بالأمازغية


كرنفال إمعشار

أشهر الفرق الفلكلورية المنظمة للكرنفال

فرقة آيت محمد تنشط في الجزء الغربي لشارع عبد الرحمان

فرقة المكان ساحة مدينة تزنيت

أيام من 9 إلى 15 محرم

إضلحا تنشط بالجهة الشرقية للمدينة

و هو احتفال تقليدي متوارث أبا عن جد يقيمه الأمازيغ المغاربة خاصة أمازيغ الجنوب و تعود بعض طقوسه إلى العهد القديم أي ما قبل دخول العرب إلى شمال إفريقيا و ما تزال راسخة إلى اليوم خاصة في قرى الأطلس الصغير و الأطلس الكبير و منطقة سوس و الجنوب المغربي و يرجع المتخصصين في الثقافة الأمازغية أصول الكرنفال إلى فترة انتشار اليهودية بشمال إفريقيا و الأدلة على ذالك كثيرة منها غالبية المسرحيات أو الأشكال المسرحية ما قبل الاحتفال التي يتم تشخيصها خلال الموسم تضم شخصيات بأسماء عبرية مثل (الحزّان*) و (تودايت*) كما أن بعض الأهازيج المتداولة و الخاصة بالعاشور تتحدث عن حياة اليهود أيام كانوا يتعايشون مع الأمازيغ بالجنوب المغربي و اليهود اشتهروا بتقديسهم ليوم عاشوراء بصيامه لأنه يوم صالح نجا الله فيه نبي بني إسرائيل من عدوهم فصامه النبي موسى عليه السلام و سار سنة عند اليهود و يختلف الباحثون حول مرجعية الاحتفالات العامة بعاشوراء المغرب خاصة كرنفال إمعشار فمنهم من يقول أنها شيعية و منهم من يقول يهودية

……………..

طقوس الاحتفال

تبتدئ أفعاليات الكرنفال بعد صلاة العشاء حيث يخرج الشباب في موكبهم يغنون و يرقصون يرتدون ملابس تنكرية ذات تصميم غريبة و يقومون بتسويد وجوههم بالسواد و يضعون على وجوهم أقنعة و لحى مصنوعة من جلد الخروف أو الماعز و هناك من يفضل ارتداء ملابس رثة بالية ويلتقي الجمع في الساحة و ينتظمون في صف دائري و يوقدون النار

يبدأ رئيس الجوقة بإنشاد أغنية أمازغية على شكل موال:

يلاه أن منكار yallah an mnaggar

هيا نجتمع

أوداي أمسلم أمازيغ أعراب oday amslm amazigh a3rab

يهودي مسلم أمازغي عربي

كولواخ ان آنمون غيد kolwakh an anmon ghid

نلتقي كلنا هنا

آنيني أوال نخ anini awal nkh

لنقول كلمتنا

باش آديسان ايس كولواخ يان آنكا bash adissan is kolwakh yan anga

لبشهد الجميع أننا كلنا سواسية

حين يعطي المنشد اشارة لبدأ الحفل الذي يعتمد على آلات موسيقية بدائية تختلف من منطقة لمنطقة غالبا ما تكون عبارة عن بنادر (دفوف) أو كما يسمى بالأمازغية تالونت tallont المعدة من جلد الماعز و يضاف إليها الطبل و المزامير و الناقوس دون نسيان ضربات الأخشاب و الأقدام على الأرض لتدخل هذه الفوضى الموسيقية في انسجام مع الأغاني التراثية و لا يقتصر الأمر على الأمازيغ فقط بل يشمل حتى العرب و الأندلسيين و الإفريقيين إلا أن الأمازيغ حافظوا على جل التفاصيل في شكلها الأول البدائي المتوارثة أبا عن جد و من بين العادات المنتشرة في عاشوراء يجتمع الشباب و الصبية و يوقدون النار و تحديدا سبعة أكوام على خط مستقيم المسافة الفاصلة بينهم تقريبا ثلاثة متر و يتناوبون على قفزها على شكل قفز الحواجز مرددين أشعار و شعارات خاصة بالنار

***

مرجعيات تاريخية

*************

حسب بعض المؤرخين الباحثين

العادات التي تتخلل عاشوراء تعتبر بقايا من المذهب الشيعي المنتشر بالمغرب خلال القرن 11ميلادي و بهذا امتزجت الطقوس الشيعية و الطقوس الإسلامية و الطقوس اليهودية و الطقوس الأمازغية عبر مراحل الزمن يمتزج فيها الحزن بالفرح و يكون مناسبة لانتقاد الوضع الداخلي للأهالي في شكل ساخر بتجسيد مظاهر الحرث و الحصاد في لوحات مسرحية تحاكي فصول السنة

****

و من خلال شكل الملابس التنكرية و الأقنعة و الإنشاد و شكل الرقصات فإنها تحيلنا

على الكم الهائل من الثرات الأمازغي المتنوع الموغل في القدم و الدليل على ذالك هو شيوع هذه العادة داخل المجتمع الأمازغي على صعيد المغرب ولو أن هناك اختلافات في وقت ارتدائها بين عاشوراء و عيد الأضحى

****

وتسويد الوجه هو تقليد شيعي قديم يعبر عن الحزن العميق لذكرى مقتل الإمام الحسين

و هي ذكرى مقدسة عند المسلمين المغاربة لأن آل البيت جزء لا يتجزأ من الهوية المغربية

و تعود إلى عهد دخول المولى إدريس مؤسس المملكة

****

و عن شعائر النار هناك اختلاف في المرجعيات البعض يقول أنها طقس ديني قديم

يعود إلى العصر الأول البدائي أي حين كان الأمازيغ يعبدون النار و يمجدونها مستمدين أدلتهم من الأشعار و الشعارات التي يرددونها و الطقوس الخاصة بإشعالها و البعض الآخر يقول أنها عادة يهودية أدخلوها اليهود إلى المغرب خلال استقرارهم بالجنوب المغربي

و عن قفز النار فالمشاع أن كل من تمكن من قفزها يترك فيها ذنوبه كما يعتقد أنها تخلصهم من تعاستهم و سوء الحظ كما أن هناك اعتقاد سائد أن كل من يحترق بنار عاشوراء لن يشفى من علته الا في نفس الفترة من العام القادم

إذا ما استثنينا تقاليد امعشارن و رش المارة في الشوارع بالماء في يوم عاشوراء , ولجوء بعض النساء إلى ممارسة طقوس السحر والشعوذة , وميل بعض الفرق الصوفية القليلة إلى التماهي بطقوس عاشوراء المشرقية

وخاصة لدى فرقتي حمادشة وعيساوة المشهورتين في منطقة مكناس خاصة ; فإن الاحتفال بيوم عاشوراء لدى معظم المغاربة يبقى حدثا دينيا عاديا في هذه الأيام ولا يكاد يتميز إلا ببعض طقوس الأكل وطقوس لعب الأطفال.

فليوم عاشوراء لدى المغاربة كما كل مناسبة دينية طقوس أكل خاصة , وتتمثل بالكسكس العيشوري الذي يعد ببقايا لحم عيد الأضحى المقدد وتقديم أطباق الفواكه اليابسة المنوعة الممتزجة بحبات حلوى (القريشلات) مع الشاي المنسم بالنعناع وببعض الأعشاب البرية الطرية.

وأجمل ما في عاشوراء المغربية طقوس الأطفال في احتفالهم باللعب.

ويمثل تاريخ احتفال الأطفال بهذه باللعب العيشورية تاريخا لتطور هذه الألعاب في حد ذاتها حسب ما تتيحة الإمكانيات الذاتية في كل جهة مغربية وفي كل قرية أو مدينة.

فقد كانت أجيال الأطفال الماضية تصنع لعبها بيدها وكانت مواسم عاشوراء فرصة للتجريب والاختراع في فن صناعة اللعب , فالفتيات يتبارين في صنع الدمى من القصب وبقايا الأقمشة والخيوط أما الفتيان فكانوا يتبارون في صنع العجلات والعربات من نفايات الأسلاك وخرذوات البلاستيك والقصدير.

ولعل ما يميز عاشوراء المغربية أنها تحولت إلى احتفال طفولي بامتياز بعيدا عن ا المذهبية والطائفية في كثير من جهات العالم الإسلامي

 ففي هذا اليوم تعبر الطفولة المغربية عن حسها الإبداعي في شكل أداء جماعي في الساحات الفسيحة وعند نواصي الشوارع ,  رغم ما يقد يشوب تلك الألعاب أحيانا من عنف وخاصة عند ليلة عاشوراء التي تسمى لدى الأطفال ب( الشعالة) التي توقد فيها النيران المتوهجة العظيمة.

أما اليوم فقد بدأ النمط العصري يلقي بثقله على تلك الطقوس العيشورية القديمة وبدأت يغيب ذلك الحس الإبداعي عند الأطفال الجدد في إعداد لعبهم , بعدما صارت تأتي إليهم جاهزة تبهر الأنظار بألوانها وأحجامها وتقنياتها العالية ولكن عليها علامة تجارية مسجلة صينية أو تايوانية

يعلق الأستاذ رضوان بن شقرون عضو رابطة علماء المغرب أستاذ بجامعة الحسن الثاني بالدار البيضاء على الأصول الشرعية للاحتفال قائلاً:

إن أول مظهر يتميز به الاحتفال بعاشوراء بالمغرب هو الفرحة والابتهاج بالمناسبة ومرد ذلك إلى السند الشرعي المستمد من رواية وصول الرسول -صلى الله عليه وسلم- إلى المدينة وملاحظته أن اليهود يصومون يوم عاشوراء وتساؤله عن ذلك

وقوله *صلى الله عليه وسلم بعد أن علم أن يهود يثرب إنما كانوا يصومون احتفاء بنجاة موسى عليه السلام من المطاردة الفرعونية*:

“نحن أحق بموسى ولئن حييت إلى قابل لأصومن عاشوراء وتاسوعاء”.

وحيث إن المغاربة عرفوا منذ مجيء الأدارسة إلى المغرب بالتشبُّث بالسُّنة وحبهم المفرط للرسول -صلى الله عليه وسلم- فقد ظلوا عبر تاريخهم يحتفلون بهذا اليوم لا سيما في بعض المدن العريقة كفاس ومكناس ومراكش ويبدو احتفالهم هذا في نوع من البهجة والمرح حيث يوسع على أفراد الأسرة ويتخذونها مناسبة للضرب على الدفوف والإنشاد والتزين بأجمل الثياب.

—————————————————–

يقول الدكتور عباس الجراري

وهو من المفكرين المغاربة المتخصصين في الفكر الإسلامي وفي الثقافة المغربية

عن أصول طقوس الاحتفال:

“لقد شاعت في المغرب عادات ارتبطت بيوم عاشوراء

وهي عادات ترسخت في التقاليد الاجتماعية سواء على المستوى الرسمي أو الشعبي

منها ما ورد عن ابن عبد الله البكري وهو يصف مدينة أصيلة الواقعة في شمال المغرب في عصره -القرن الخامس هجري-

فقد قال عنها بأن الناس قد اتخذوا موضعها رباطا فانتابوه من جميع الأمصار

وكانت تقوم فيه سوق جامعة ثلاث مرات في السنة وهو وقت اجتماعهم

وذلك في شهر رمضان وفي عشر ذي الحجة وفي عاشوراء”.

 

safitaclub.com/vb/safita5155.html

 

 

 

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى