المزيد

دلالة القرآن على زيادة الإيمان

دلالة القرآن على زيادة الإيمان

من مسلّمات العقيدة التي قرّرها أهل السنّة والجماعة وخالف فيها غيرهم، أن الإيمان في قلوب العباد لا يستقرّ على ميزان واحد على الدوام، ولكنه يزيد وينقص، يزيد فيترقّى في درجات الكمال، وينقص فيهوي إلى قيعان النقص، ويضعف حتى ربما ذهب بالكليّة

والكلام في هذا المقام كثير ومتشعّب، نقتصر فيه هنا على دلائل القرآن على زيادة الإيمان بزيادة الحسنات وإتيان الطاعات، وعلى تفاضل الناس في إيمانهم وأنهم ليسوا على درجةٍ واحدة، لتكون تلك الدلائل القرآنية ردّاً على بعض الفرق الضالّة المخالفة لشريعة الإسلام، والتي تدّعي أنه لا يضرّ مع الإيمان ذنب، وأنه مستقرٌّ لا يزيد ولا ينقص، والقرآن مشحونٌ بالآيات التي تردّ عليهم وتقرّر قضية زيادة الإيمان

وإذا استعرضنا الآيات الكريمة على كثرتها، نجد أنها تنتظم إلى مجموعاتٍ أربع، الأولى تقرّر الزيادة بشكلٍ عام، والثانية تتحدّث عن زيادة الإيمان بزيادة أفرادِه وأجزائه، والثالثة تتعلّق بتفاضل المؤمنين في إيمانهم، والرابعة تبيّن اختلاف مآلات المؤمنين وجزائهم يوم القيامة، ودلالة ذلك على زيادة الإيمان

الأدلة الكليّة على زيادة الإيمان

وهي كثيرةٌ جداً، نقتصر فيها على ما يلي

قوله تعالى: {إنما المؤمنون الذين إذا ذكر الله وجلت قلوبهم وإذا تليت عليهم آياته زادتهم إيمانا وعلى ربهم يتوكلون} (الأنفال:2)، فهذا نصٌّ صريح على أن ورود الآيات على القلب تكون سبباً في زيادة الإيمان

قوله تعالى: {وإذا ما أنزلت سورة فمنهم من يقول أيكم زادته هذه إيمانا فأما الذين آمنوا فزادتهم إيمانا وهم يستبشرون} (التوبة:124)، وليست الزيادة المقصودة في الآيات مجرّد التصديق بها عند نزولها، ولكنه ما يحصل في قلب المؤمن من الرغبة في الخير، والرهبة من الشرّ، وتنامي الوازع الديني، فزاد علمه بالله ومحبته لطاعته وبغضه لمعصيته، وهذه زيادة الإيمان

قولُه تعالى: {ولما رأى المؤمنون الأحزاب قالوا هذا ما وعدنا الله ورسوله وصدق الله ورسوله وما زادهم إلا إيمانا وتسليما} (الأحزاب:22)، عندما اشتدّ على المؤمنين البلاء، وعظم عليهم الخطب، زاد إيمانهم قوّةً وثباتاً وتأكيداً

فلما كان المؤمنون على درجات، والعصاة على دركات، دلّ على أنهم لم يكونوا على درجةٍ واحدةٍ من الإيمان في الدنيا، وهذا ما قرّره القرآن في آيةٍ واضحة الدلالة: {فمنهم ظالم لنفسه ومنهم مقتصد ومنهم سابق بالخيرات بإذن الله ذلك هو الفضل الكبير* جنات عدن يدخلونها يحلون فيها من أساور من ذهب ولؤلؤا ولباسهم فيها حرير} (فاطر:32-33)، نسأل الله تعالى أن يزيد إيمانناً، ويُثقل موازيننا

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى