تقاليد

الأدوات والمعدات الامازيغية القديمة:أزرك

 Souss24.com  

لم يكن يخلو أي بيت من البيوت المغربية سواء في جنوب المغرب وشماله وشرقه او غربه من ” ازرك” او الطاحونة ، اذ كانت إلى الأمس القريب من الأدوات المنزلية الأساسية في تحضير العديد من المواد في المطبخ المغربي ، اذ به تدق الحناء والبن وبعض التوابل والملح والإعشاب الطبية ونحوها، إلا أنها في جنوب المغرب ارتبطت بصناعة  أملو  و أركان
وازرك طاحونة من حجر تختلف أحجامها بحسب الغرض من استعمالها فمنها الكبير والصغير والمتوسط ، وتصنع من نوع خاص من الحجر، الحجر الخشن ” الحرش” الصلب الذي لا ينكسر ولا يتفتت بسرعة، وله طريقة خاصة في الصناعة وصناع مختصين، عادة ما يلقب ب “بيزركان” كما هو الحال بالنسبة لشخص اشتهر بدوار “تيزي نتارقاتين” بقبيلة ايت عبد الله ” ببيزركان” نسبة الى صناعته تلك

وازرك يتكون من اربعة اجزاء ازرك ويطلق على الجزء التحتي ثم تامغوغت وتطلق على الجزء العلوي الذي يدور ثم تامنروت وهي الوتد الذي تدور حولها تامغوغت وأخيرا تاسكتيت وهي القطعة الخشبية التي ندير بها الجزء العلوي لازرك

لقد ترسخت صورة “أزرك” في وجدان كل سوسي مرتبط بأرضه وبتقاليده وعاداته وتراثه، فكم أحبابنا صغارا رائحة ازرك ومذاق ازرك و كنا نتسابق لننال شرف ” لحس” ازرك عندما تنتهي الأم او الخالة او الجدة من الطحن، لازالت رائحة املو الشهية تسكن أنوفنا بل مشاعرنا ووجداننا
كانت عجعجة ازرك تملأ كل الدروب والأزقة وما أجملها أنغام تجود بها رحى ازرك خاصة عندما تصاحبها اغاني و أهازيج ترددها النساء أثناء عملية الطحن اذ كانت تبعث الحياة والأنس والسعادة في النفوس، واحيانا تسمع بعض الأذكار الدينية والتسبيح والتهليل من بعض المسنات وهن يدرن رحى ازرك
ومما يقال من الاهازيج اثناء الطحن
محماد أبو لانوار الصلاة اعليك الرسـول
اعزاك الباري تعال امقور الشـــــــاننكي
بالاضافة الى بعض الاغاني القديمة المشهورة آنذاك نحن
الطاكسي خيلا الراديو بوه اوكاني اللي خدي تيويت احبيب آر دارنخي
ومنه كذلك
والكامــانجا و الكامانـــــــــــــــجا
البابور اكا اكي وامان ارا طانجا
ومن الأحاجي التي تقال في أزرك قولهم
أزرو فو زرو تيفيي فو كشوض
ويعني ازرك
لقد ارتبط ازرك بأيام الفرح والمناسبات الكبيرة كالأعراس والعقيقة والولائم مما زاد من قدره ومنزلته
ان ازرك من الأدوات والماعون الذي يتبادله أهل القرية الواحدة لأنه لم يكن باستطاعة كل البيوت التوفر على هذه الوسيلة نظرا لثمنه الذي قد لا تتوفر عليه كل الأسر، او لأنه وسيلة مناسباتية ….فازرك واحد يكفي لقرية، اذ يتم تبادله وإعارته حسب الحاجة والطلب وبذلك يصبح من الأدوات التي تقوي الروابط والعلاقات الاجتماعية بين أهل لقبيلة الواحدة

 ورغم ان العصرنة بدأت تغيب دور ازرك وتحاربه بشتى الوسائل الحديثة والمتطورة، فانه سيبقى حاضرا في ذاكرتنا ووجداننا شاهدا على ايام العز وايام الخير التي عاشتها قرانا، كما سيظل يحكي ويروي قصص الأجداد وأفراحهم وإحزانهم، ففي كل عجعجة حكاية وحكاية تروي قصة حب او قصة حزن او قصة لقاء او قصة فراق 

بقلم ابراهيم صريح

مقالات ذات صلة

تعليق واحد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى