أدب و فنون

أحيدوس .. تراث أمازيغي عريق يواجه الانقراض بجبال الأطلس

"أحيدوس" تراث أمازيغي عريق يواجه "الانقراض" بجبال الأطلس
خلْف الفرحة التي يرسمها أعضاء فرق فنّ أحيدوس على مُحيّا الجمهور، وهو فن عريق بجبال الأطلس، تتوارى معاناة يعيشونها، قوامها غياب الدعم من الجهات الرسمية، وهو ما يهدّد هذا الفن العريق بالانقراض، كما يقول محمد أجيضاض، شاعر أمازيغي في القصيدة التقليدية رئيس فرقةٍ لفن أحيدوس ببني اصْميم، نواحي مدينة إفران

مردُّ المخاوف التي تسكنُ هذا الشاعر الأمازيغي إزاء قدرة فن أحيدوس على الصمود، يلخصها في قوله:  حين يرى الشباب حالتنا ووضعيتنا، نحنُ والرواد الذين سبقونا، ويعرفَ أننا لم نستفد شيئا رغم ما قدمنا من عطاء، فإنّ هذا الفنّ الأمازيغي العريق إذنْ في خطر

ما يحُزَّ في نفس محمد أجيضاض أكثر هو أنَّ الدعمَ الذي تقدمه المؤسسات الرسمية للمشتغلين في الحقل الفني والثقافي يصبُّ في جيوب أشخاص “كيْديرو غير شي كدوب”، ومع ذلك يستفيدون كثيرا من الدعم المقدّم من هذه الجهة وتلك، والذي بفضله استطاعوا أن تصير لعم أسماء كبيرة في الساحة، “بينما الفنانون الحقيقيون الذين يُبدعون إبداعا حقيقيا لا أحد يهتم بهم

في مهرجان إفران الدولي الأخير، تمّ تقديم سمفونية أدتها 23 فرقة من فرق أحيدوس، ضمنها فرقة نسائية جرى إنشاؤها قبل مدة قصيرة في أرزو، وهي الأولى من نوعها، لكن بمجرد انطفاء أضواء المهرجان، عادت فرق أحيدوس إلى دواويرها في تخوم جبال الأطلس يطويها “الإهمال”، رغم أن هذا الفنّ يُعدّ تراثا لا ماديا متميزا

“لا نحصل على أيّ دعم من طرف المؤسسات الرسمية. هناك فِرق تتوفر على جمعيات صغيرة وتحصل على بعض الدعم من طرف الجماعات المحلية أو المجالس الإقليمية، أما المؤسسات الوطنية فلا تلتفتُ إلينا”، يقول محمد أجيضاض، ويُضيف أنَّ “الإقصاء” من الدعم المالي الذي يطال هذه الفرق يوازيه إقصاءٌ من الظهور في وسائل الإعلام العمومي

يبْدو هذا الشاعر الأمازيغي فاقدا لأيّ أمَل في أن يفتح المسؤولون المشرفون على وسائل الإعلام العمومي الباب لأصحاب فنّ أحيدوس للإطلالة على الجمهور، ويلخّص هذا الإحساس بالقول: “الجيلُ الذي سيستقبل هذا الفنَّ العريق ويفتح له مجال البروز في التلفزيون والإذاعة لم يأتِ بعد”، ويضيف بكلمات متدثرة بقليل من الأمل: ولكننا سننتظر إلى أن يأتي هذا الجيل الذي سيفهم هذه الثقافة ويقدمها مثل الثقافات الأخرى التي تقدم في الإذاعة وتحصل على الدعم

همُّ استمرارية فنّ أحيدوس على قيْد الحياة، الذي يسكن محمد أجيضاض، برغم كل الإكراهات التي يصارعها رفقة المشتغلين في هذا الحقل الفني، جعله يبذل جهودا لنشر الأشعار التي ردّدها أعضاء الفرقة السمفيونية التي شاركت في مهرجان إفران الدولي من أمازيغية الأطلس إلى العربية

وعن هذا العمل يقول: “أنا قمت بترجمة أشعار السمفونية، وأتمنى أن يأتي الباحثون والإعلاميون ليكتشفوا هذا الكنز، راه الذهب اللي كايخرج من فم الشعراء، ولكن يذهب في الهواء”، وبنبرةِ إصرار يُردف:  حْنا كنديرو هادشي وغادي نبقاو فيه واخا نموتو بالجوع؛ لأن هذه ثقافتنا التي تجري في دمنا، وهذا العمل نقوم به لوجه وطننا وجمهورنا

أما الدّعم المالي الذي تقدمه وزارة الثقافة للمشتغلين في الحقل الفني من فرق وجمعيات وغيرها، فلمحمد أجيضاض ذكرى سيّئة معه، حين طرق باب الوزارة، فكان الجواب الذي قُذف في وجهه، كما جاء على لسانه:  عْندنا خمسة آلاف جمعية عاد انت ندعموك، ومن داك عْمّْري ما عرفت باب وزارة الثقافة

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى